TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الشحن الطائفي في لبنان.. مسؤولية من؟

الشحن الطائفي في لبنان.. مسؤولية من؟

نشر في: 31 أكتوبر, 2012: 11:00 م

إيهاب العزي, إسم يجب أن يظل حاضراً في ذاكرة اللبنانيين, فهو وإن لم يتجاوز الثالثة والعشرين من عمره, كاد بكذبة سوداء أن يطلق فتنةً طائفيةً, لا يعلم أحد كم كانت ستحصد من الأرواح, وكم هو حجم الخسائر المادية التي ستنزل باقتصاد لبنان, وكم هي مؤلمة النتائج التي ستخترق المجتمع اللبناني, وإلى أي مدى سيمتد ذلك الأثر, كل ما فعله صاحب السوابق, المطرود من المؤسسة العسكرية, هو تلفيق رواية, ملخصها أن مسلحين من السنة بتروا أصابع يده اليسرى بالسيف, وهم يهتفون الله أكبر, حين علموا بأنه شيعي, تلقفت صحيفة الخبر, وخلال ساعات تكهربت أجواء لبنان، وكادت الفتنة تستيقظ لولا تبيّن المحققون غلطة ارتكبها في روايته, كشفت كذبه وحقيقة ما حدث له، فاعتقلته استخبارات الجيش, وخمدت نار الفتنة, لكن جمرها ظل تحت الرماد.

روى العزي أن مجموعة اعترضت طريقه, وعرفت أنه ينتمي للطائفة الشيعية, حين اكتشفت أنه يرتدي سلسالا في عنقه, معلقا عليه سيف الإمام علي بن أبي طالب, فأهانوا " السيف المقدس " وداسوه بأقدامهم, قبل أن يصل مسلح بلباس يشبه الأفغان, ويسحب سيفاً طويلاً يبتر به أصابع اليد اليسرى للفتى, الذي استنجد بجنود كانوا قريبين 150 متراً منه, حين هاجمه المسلحون, لكنهم لم يستجيبوا لاستغاثته، تلك كانت الخاصرة الرخوة في روايته الملفقة, لأن قيادة الجيش استدعته لمعرفة هوية من لم يسعفوه، فلم يستطع إفادتهم بما هو بسيط،  وحين واجهوه بوقائع دامغةً, اعترف بأن روايته كانت كاذبة, وأنه أصيب حقيقة في مكان آخر، لا حيث ادعى عن مكان معروف بأن معظم سكانه ينتمون للطائفة السنية.

فقط لينال علاجاً مجانياً نتيجة إصابة أصابعه في مشاجرة عادية, يحدث مثلها عشرات المرات يومياً, لجأ العزي إلى "سيف علي" باحثا عن ثمن لولائه الطائفي, الذي يعلو على ولائه الوطني ويتجاوزه, في بلد لم يعد يصحو أو ينام, إلا على هواجس انفجار الوضع الأمني الهش, الناجم عن انعزال كل طائفة في قوقعتها, لتمجيد الذات على حساب إلغاء الآخر, أو تهميشه, أو التخلص منه نهائيا إن كان ذلك ممكناً, ويقيناً أن الامام الشهيد كرم الله وجهه, لو توقع لحظة أن سيفه سيكون على شكل قلادة في عنق شاب أزعر, تعبيراً عن التعصب, لما شهره, ولتركه في غمده يأكله الصدأ, ولنا ان نسأل, هل كانت مصادفة أن تنطلق فرية هذا الفتى المشحون بطائفية منغلقة, بعد جريمة اغتيال اللواء وسام الحسن, التي كادت تقود إلى حرب أهلية مدمرة, لولا تداركها على يد بعض العقلاء.  

اسم هذا الفتى لا يجب أن يتصدر لوحة حالكة السواد, تضم أسماء صناع الطائفية في بلد الأرز, وكلهم من السياسيين وقادة الأحزاب وبعض رجال الدين, فمكانه في ذيل القائمة, ذلك أن تفكيره الضحل, الذي قاده لكذبة كادت أن تشعل فتنة, جاء نتيجة تربية طائفية تعهدها هؤلاء, من الطوائف كافةً ودون استثناء, ونفخوا في كيرها, تحقيقاً لمصالحهم الحزبية والفئوية والشخصية, وهم في ذلك لجؤوا إلى كل الوسائل, واستغلوا كل المنابر, المدرسة وبيت العبادة ووسائل الإعلام الرخيصة, وحتى داخل المنازل كان وجودهم القبيح واضحاً, وهم للأسف يتفاخرون به, ويعتبرونه مهمتهم الرئيسة لتأمين حياة هانئة, ليس مهماً عندهم من يدفع ثمنها دماً من اللبنانيين, وليس قريباً من تفكيرهم المصير الأسود الذي ينتظر البلد نتيجة شحنهم الطائفي, المهم أن يظلوا قادة أحزاب ومتنفذين ووزراء, وخارقين لكل القوانين دون مساءلة أو حساب.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram