أكثر من نادٍ ترفيهي (مطعم وبار) افتتح في شارع السعدون مؤخرا، ولا اعتراض على هذا التوجه إطلاقاً، فهو قد يكون محاولة لإعادة الحياة لهذا الشارع المهم في العاصمة بعد ان عانى الإهمال والنسيان، ولكن ما يلفت النظر، ويثير التساؤل نوادي "الإعلام الديمقراطي" ففي ظل التهديدات بغلق النوادي، وملاحقة محال بيع الخمور في العاصمة، يثير افتتاح هذه النوادي وتحت "عناوين إعلامية ديمقراطية" الشبهات، ولاسيما أن الحديث عن مستقبل الديمقراطية في العراق هذه الأيام اخذ طابع التعبير عن القلق على مستقبلها، والإعلام المستقل على وجه التحديد هو الآخر مهدد بمصادرة حريته وسلب استقلاليته، والجدل في هذا الشأن عادة ما يكون في دوائر أصحاب القرار، ويبدو أنهم اتفقوا أخيراً على افتتاح النوادي الإعلامية الديمقراطية، لكن في المشهد السياسي الراهن من المستبعد أن يتحقق مثل هذا الاتفاق، وهناك من يلوح بتشكيل حكومة أغلبية سياسية، وآخر يضع الشروط لحضور الاجتماع الوطني المرتقب.
قبل الحملة الإيمانية في زمن النظام السابق كان للنقابات المهنية نواديها، وأصحاب المهنة الواحدة مع اسرهم روادها بالإضافة الى ضيوفهم، ولم يكن بين تلك النوادي من استعار الديمقراطية، والسبب يتعلق بخضوع العراق لحكم الحزب الواحد، والخشية من الإغلاق لتجاوز الضوابط والتعليمات الصارمة، بالإضافة إلى أن مسؤولي تلك النقابات من الرفاق الحزبيين، من ألدّ أعداء الديمقراطية.
آراء الإعلاميين حول نواديهم(( الديمقراطية)) لم تتوصل إلى نتيجة لمعرفة سبب التسمية، فهناك من قال إن جهة معنية بالشأن الإعلامي وراء افتتاح هذه النوادي لتوفر للعاملين في الصحف والفضائيات والإذاعات ووكالات الأنباء سبل الراحة بعد يوم طويل من العمل، والبعض الآخر أبدى تأييده للفكرة ووصفها بأنها خطوة حضارية، لأن النوادي حملت الصفات الفنية والإعلامية والاجتماعية، ممّا يجعلها تقدم نشاطاتها للإسهام في إعادة الحياة المدنية لبغداد، فمثل هذه النوادي ستقدم المشروبات بأنواعها على أنغام الموسيقى، وأغنيات من طور اللامي والمحمداوي والشطراوي، وفتح القناني للزبائن في أجواء من الطرب والإنس والرفشة الديمقراطية، ومن فوائد هذه النوادي كما يرى آخرون أنها ستكون وسيلة لتحقيق التواصل الفني والثقافي والحضاري، مع مثقفي وإعلاميي وفناني المحافظات، المحرومين من خدمات النوادي في مدنهم، سيلتقون في العاصمة لتبادل إصداراتهم الأخيرة، والحديث عن المنجزات والمشاريع الإبداعية، من دون أن تنتابهم المخاوف تنتابهم المخاوف من التعرض لصولة محتملة، لان النوادي مجازة حسب الأصول وعناوينها ديمقراطية تنسجم مع التحولات الجديدة باعتماد مبدأ التداول السلمي للسلطة في العراق.
بغض النظر عن مستوى الخدمات المقدمة في تلك النوادي، إن كانت "ما يخانة" او بارات على الطراز الايطالي او الفرنسي او الاسباني فإنها خطوة نحو الإمام لتوطيد الديمقراطية، ومن المناسب هنا ان تخصص احد ايام الاسبوع لاستقبال الساسة على ان يتحمل المتعهد نفقات الطعام والشراب تحديدا الكولا والعصير لبحث الأزمة الراهنة بأجواء هادئة!