قال شهود إن قوات الأمن الكويتية استخدمت الغاز المسيل للدموع وقنابل الدخان يوم الأربعاء الماضي لتفريق مسيرة للتضامن مع المعارض البارز النائب السابق مسلم البراك قرب السجن المركزي المحبوس فيه بتهم الإساءة للأمير.
وتأتي الاضطرابات وسط التوترات المتزايدة قبل الانتخابات البرلمانية المتوقع أن تجرى في أول ديسمبر/ كانون الأول التي تقاطعها المعارضة.
وقال فريق الدفاع عن البراك يوم الأربعاء إن المدعين وجهوا ثلاث تهم للبراك مرتبطة بكلمة أدلى فيها بتصريحات تنتقد أمير البلاد البالغ من العمر 83 عاما وأمرت باحتجازه عشرة أيام لإجراء مزيد من الاستجواب.
وشارك الآلاف في مسيرة التضامن إلى السجن المركزي حاملين ملصقاً عليه صورة للبراك خلف القضبان وتحت تعليقات تطالب بإطلاق سراحه، وأمرت الشرطة الحشد بأن يتفرق ثم أطلقت قنابل الغاز المسيل وقنابل الدخان.
وقالت الوزارة في بيان صحفي تسلمت رويترز نسخة منه إنه تم ضبط عدد من "مثيري الشغب والعنف والمحرضين ممن قاموا بتنظيم مسيرة طافت مناطق سكنية عدة " وأحالتهم الى التحقيق.
وأضاف البيان الذي نشرته وكالة الأنباء الكويتية أن قوات الأمن فرقت مثيري الشغب بعد أن أغلقوا الشوارع واعتدوا على الشرطة بالحجارة والزجاجات، ورفض مصدر أمني في اتصال مع رويترز تحديد عدد من تم القبض عليهم.
وأضاف بيان وزارة الداخلية أن أفراداً من رجال القوات الخاصة تعرضوا في حادثين منفصلين لمحاولة سائقي سيارات دهسهم وان خمسة منهم أُصيبوا، وحذرت الوزارة من أنها ستتعامل بحزم مع أية احتجاجات أخرى.
وقالت مصادر معارضة وشهود عيان إن المسيرة التي قدِّر حجم المشاركين فيها بأكثر من عشرة آلاف متظاهر كانت سلمية وراجلة ولم تستخدم السيارات.
ووردت أيضا أنباء عن مزيد من العنف حينما حاولت قوات الأمن اقتحام منطقة خارج مدينة الكويت يعيش فيها أبناء قبيلة مطير التي ينتمي إليها البراك لكن لم يتسنَّ على الفور التحقق من هذه الأنباء.
والبراك نائب برلماني سابق ينتمي للتكتل الشعبي المعارض وهو من أكثر المنتقدين للسلطة وكبار المسؤولين فيها، ووجه البراك خطابه مباشرة لأمير الكويت منتصف هذا الشهر في سابقة هي الأولى من نوعها في الحياة السياسية الكويتية ومثلت خرقاً لسقف طالما حاولت المعارضة والسلطة المحافظة عليه.
والنظام السياسي في الكويت أكثر انفتاحاً من أية دولة خليجية أخرى ويسمح بقدر من الرقابة البرلمانية على قرارات الحكومة، لكن الأمير يحتفظ بمعظم مقاليد السلطة بما في ذلك تعيين رئيس الوزراء وحل البرلمان.
وقال محام في فريق الدفاع عن البراك طلب عدم الكشف عن اسمه لرويترز أن التهم الثلاث الموجهة للبراك هي "العيب في ذات الأمير والمساس بمسند الإمارة والتعدي على سلطات واختصاصات الأمير."
وأضاف: أن عقوبة هذه التهم في حال ثبوتها على البراك تتراوح بين الحبس لمدة خمس سنوات كحد أقصى والحبس سنتين وأربعة أشهر كحد أدنى.
وأخلت محكمة الجنايات بشكل مؤقت قبل عطلة عيد الأضحى سبيل ثلاثة نواب سابقين وجهت لهم التهم نفسها وحددت يوم 13 من نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي موعداً لمحاكمتهم، وقال المحامي إنه يحق للمحكمة أن تأمر بحبسهم من جديد في الجلسة المقبلة.
وقال مصدر حكومي لرويترز إن البراك يتحمَّل مسؤولية مخالفة القوانين الكويتية المستندة للدستور.
واضاف المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه "هذا الدستور يحدد الواجبات والحقوق لكل المواطنين الكويتيين ومن ضمنهم البراك.. الذي كان اعتقاله متوقعاً بعد أن خرق قوانين بلدنا الخاصة بالتشهير.
وتستعد المعارضة لتنظيم احتجاجات يوم الأحد المقبل وتأمل أن تحظى بالقدر ذاته من المشاركة الكبيرة التي حظيت بها مسيرات احتجاجية نظمتها في 21 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي والتي وُصفت بأنها لم يُسبق لها مثيل في الكويت.
ونظمت المعارضة تلك الاحتجاجات اعتراضاً على مرسوم أميري بتغيير نظام الدوائر الانتخابية قبل الانتخابات التي ستجرى في أول ديسمبر/ كانون الأول المقبل وسقط خلالها عشرات المصابين واُعتقل العشرات قبل الافراج عنهم قبل عيد الأضحى.
وكان أمير الكويت قد أعلن في كلمة ألقاها يوم 19 اكتوبر/ تشرين الاول الماضي أنه أصدر مرسوما أميريا بتعديل نظام الدوائر الانتخابية معتبرا أن نتائج النظام الحالي "باتت تشكل خطرا جسيما على وحدتنا الوطنية وتهدد أمننا الوطني وتخل بثوابتنا وقيمنا." وتعيش الكويت حاليا بلا برلمان، ويحق لأمير الكويت اصدار مراسيم في غيبة البرلمان.
وأضاف الأمير أن هذه النتائج "أدت إلى تفشي العصبيات الفئوية والاصطفاف القبلي والطائفي على حساب الولاء للوطن وبروز التحالفات المصلحية البعيدة عن مصلحة الوطن الى جانب الإقصاء الدائم للعديد من الشرائح الاجتماعية عن التمثيل البرلماني."
وترى المعارضة أن محاولة السلطات تعديل الدوائر الانتخابية "انقلاب جديد على الدستور" ودعت الشعب الكويتي لمقاطعة الانتخابات والتظاهر السلمي.
وتقول شخصيات معارضة إن الحكومة تريد أن تتجنب تكرار تجربة انتخابات فبراير/ شباط الماضي والتي أسفرت عن فوز المعارضة بالأغلبية في البرلمان قبل أن تقضي المحكمة الدستورية بحله وإعادة برلمان عام 2009 الموالي للحكومة لأسباب إجرائية، وحظرت الحكومة الكويتية تجمع أكثر من 20 شخصا ومضت في الإعداد لإجراء الانتخابات.
وقال وزير الاعلام في مؤتمر صحفي إن تسجيل المرشحين بدأ يوم الأربعاء وفقاً لإجراءات جديدة تسمح لكل ناخب باختيار مرشح واحد فقط بدلا من أربعة في السابق.
وأضاف الوزير: انه وفقاً للتعديلات الجديدة التي تتضمن أيضا إنشاء لجنة للانتخابات سيتاح لكل مرشح عرض برنامجه عبر التلفاز الحكومي.
ودعا المحامي والناشط المعارض الكويتي محمد عبد القادر الجاسم السعودية والإمارات العربية المتحدة اللتين تدخلتا العام الماضي لمساعدة البحرين على إخماد الاحتجاجات التي قادتها الأغلبية الشيعية إلى عدم التدخل في شؤون الكويت.
وكتب على موقعه الإلكتروني رسالة إلى العاهل السعودي الملك عبد الله وولي العهد الإماراتي الشيخ محمد بن زايد يقول "إذا كانت ديمقراطية الكويت قد فشلت في الانتقال إلى بلديكما خلال العقود الخمسة الماضية فإن انتقال حركة التغيير والمسيرات والمظاهرات والاحتجاجات أسهل بكثير ولن يستغرق الأمر وقتاً طويلا."
وسارعت وزارة الخارجية الكويتية إلى استنكار رسالة الجاسم واعتبرتها تدخلا غير مقبول في شؤون الدولتين وقالت انها تضر بالمصالح الكويتية.