وسط حشد جماهيري كبير وعلى أنغام فرقة التراث العراقي وصوت المطربة وفاء حسين وهي تشدو بـ " حركت الروح" و " ياحلو يا أسمرُ " وغيرها من الأغنيات التي ارتبطت بذاكرة العراقيين استذكر بيت المدى للثقافة والفنون في شارع المتنبي امس الجمعة الفنانة الكبيرة الراحلة عفيفة اسكندر.
قدم الحفل الموسيقي جمال عبد العزيز الذي سلط الضوء على مسيرة الفنانة الراحلة واصفا ايها بإيقونة بغداد قائلا :" من منا لا يتذكر عفيفة واغنياتها الشهيرة .. لقد شكلت عفيفة اسكندر حضورا متميزا لا يمكن ان يمحى من الذاكرة" و أضاف عبد العزيز "اليوم نستذكر عفيفة اسكندر ونتذكر معها مرحلة مضيئة من تاريخ العراق كان للفن والفنانين فيها صوت وصدى وحضور مؤثر".
بعدها تم عرض فيلم من انتاج مؤسسة المدى واخراج فريد شهاب بعنوان ( معشوقة بغداد)،استعرض الفيلم اهم المحطات في حياة الراحلة كما تضمن الفيلم لقاء للفنانة عفيفة اسكندر في سنواتها الاخيرة ، تذكرت خلاله عفيفة اسكندر اغنيتها في حفل خطوبة الملك فيصل الثاني (جاني الحلو جاني) في اسطنبول، كما تحدثت خلال الفيلم عن مشاركتها في فيلم (القاهرة-بغداد) من اخراج احمد بدر خان ومثل فيه حقي الشبلي ومديحة يسري عام 1949 وعرض في سينما روكسي كما تذكرت إحياءها حفل افتتاح تلفزيون بغداد مع ناظم الغزالي بحضور الملك فيصل الثاني عام 1956 .
حيدر شاكر: سفيرة الأغنية العراقية
وبعدها تحدث معاون مدير معهد الدراسات النغمية حيدر شاكر الذي أشار إلى أن عفيفة اسكندر هي من أغزر الفنانات عطاءً بل هي توسعت بفنها الغنائي الى أبعد ما نتصور لم تكن مجرد مطربة تركت لنا أغاني نسمعها ونرددها بين فترة وأخرى لم تكن هكذا فقط، انها ان صح القول سفيرة للأغنية العراقية او للفن الغنائي العراقي منذ اربعينيات القرن الماضي عندما غنت بعاصمة الفن مصر وبأرقى الصالات كمطربة منولوج ذلك القالب الغنائي الذي يجمع بين الحركة والأداء الغنائي فأبدعت فيه وأصبح يشار إليها بالاحترام والتقدير.. وأضاف شاكر : مثلت عفيفة مع أسماء لامعة يحلم كل فنان أو غير فنان ان يكون قريبا منها ويتحدث معها امثال محمد عبد الوهاب ومديحة يسري واسماعيل ياسين وباقة اخرى من اسماء لا تقل اهمية عن هؤلاء. هذه هي عفيفة اسكندر ارادت مصر ان تكون مكاناً لتقديم مواهبها، فنجحت واصبحت رمزاً مهماً يشار اليها بالاعجاب ومحط أنظار المثقفين والملحنين والفنانين ببلد يشكل او تشكل الثقافة فيه الأولوية بتاريخه العريق، لتأتي من العراق امرأة تسهم فيها بكل ثقة بالنفس و تفرض فنها هناك لتكون سفيرة للإبداع العراقي آنذاك.
موهبتها هذه جعلت منها محط أنظار المخرجين السينمائيين العرب امثال احد بدر خان وأحمد كامل مرسي لتشترك في افلام (يوم سعيد) مع محمد عبد الوهاب وفاتن حمامة ومديحة يسري.
وفيلم (القاهرة بغداد) للمخرج احمد بدرخان وفيلم (ليلى في العراق) من انتاج ستديو بغداد من اخراج احمد كامل مرسي، لقد كان عقد الاربعينات عقداً مميزاً وأساسا رصينا لفنانتنا عفيفة اسكندر وعند عودتها في بداية الخمسينيات استقرت ببغداد لتكمل مشوارها الغنائي مع الملحنين الذين اسهموا بألحانهم ببناء مدرسة عفيفة الغنائية التي قدمت من خلالها اسلوبا منوعا من الغناء كالقصيدة والاغنية البغدادية وبتلك الإيقاعات العراقية المعروفة مثل أغنية "تعيش انت وتبقه" لناظم نعيم ومجموعة أغانٍ من تلحين قطبي التلحين العراقي (صالح وداود الكويتي).
المصادر تشير الى ان الراحلة عفيفة غنت (ستين نص غنائي) اما اهم الشعراء الذين تعاملت معهم والذين كانوا عاملا مهما من عوامل نجاح هذه الفنانة حيث كتبوا لها نصوصا غنائية لن تتكرر بعدهم ،البهاء الزهير والشيخ علي الشرقي وسناء الملك.
وختم حديثه بالقول : هذه السطور عن هذه الفنانة جزء بسيط او جانب من حياتها المليئة بالانجاز. تبقى عفيفة اسكندر واحدة لن تتكرر ونبقى نتحسر على ما نراه من انحدار غنائي فظيع نكون نحن متفرجين لا نستطيع ان نحرك ساكناً، وسط متغيرات اجتماعية وسياسية كثيرة.
كمال لطيف : الناس جميعاً يحبونها
الإعلامي كمال لطيف سالم الذي كتب الكثير عن التراث الغنائي العراقي وكان لعفيفة جزء كبير في ما نشره تحدث عن الراحلة وعن لقاءاته الكثيرة معها فقد ذكر انه كان يزورها في شقتها الواقعة على ابي نؤاس وقال : كنت اتحدث معها عن خصوصيات الفن وكانت هي ترفض الحديث عنها وتبتعد وتقول لي: ابتعد عن هذا لانه يخاصمني ويخاصم حياتي الشخصية، ووجدتها في ايامها الاخيرة مسجاة على السرير لا تستطيع ان تتكلم او تتحدث ولكنني كنت اهمس بأذنها وأذكرها ببعض التواريخ فما كان منها الا ان تبكي، واضاف لطيف: عفيفة اسكندر تمثل قمة الغناء والفن العراقي وتناولتها في كتابي (مغنيات بغداد) وبين لطيف ان أهم شيء في محطات حياتها منتداها الأدبي الذي يفتح ابوابه كل يوم جمعة، وكان يلتقي فيه كثير من الأدباء امثال حسين مردان ومصطفى مردان وكان هناك من يدعي ان حسين مردان كان يحبها وعندما سئُلت ذات يوم عن مدى صحة هذا الكلام قالت: ان جميع الناس يحبونني.
كاظم المقدادي : لا يمكن أن تمحى من الذاكرة
وأشار الاعلامي الدكتور كاظم المقدادي الى ان صوت عفيفة اسكندر من اصوات الغناء العراقي التي لايمكن ان تمحى من الذاكرة ووصفها بذكريات الفن الجميل وقال: اي مطربة عراقية ناشئة لا تستطيع ان تستمر في عطائها دون ان تستفيد من هذه الظاهرة الفنية الفذة، فهي قامة فنية كبيرة يجب ان تستذكر وأتمنى ان تكون هناك ندوات فنية لمناقشة هذه الاصوات وهذا الابداع الجميل. فان صوت عفيفة اسكندر ليس صوتاً محلياً بل انه صوت عالمي. ممكن أن يسمعها أي شخص ويرتاح لهذا الصوت الجميل.
خالد السامرائي: مطربة الملوك
مطرب المقام العراقي خالد السامرائي والذي اطرب الحضور بإحدى الأغنيات التراثية اكد ان الفنانة عفيفة اسكندر تمتلك صوتاً ذا شجن وابداع وكان يستمع لأغانيها صفوة المجتمع العراقي والملوك حتى سميت مطربة الملوك ولا يمكن ان ننسى ألحانها الجميلة التي دخلت قلوب العراقيين جميعا، ورغم ان وفاتها خسارة للفن العراقي الا ان اغنياتها باقية وخالدة في ذاكرة العراقيين والعرب.
واضاف: قررت عفيفة الاعتزال في منتصف السبعينات وهي في قمة عطائها وفضلت العزلة والابتعاد عن وسائل الاعلام منذ ذلك الحين عشقها الكثيرون وتناول الوسط البغدادي عن عدد المعجبين بها وبقيت قصص من عشقها سراً من اسرارها لم تبح به لأحد.
جميع التعليقات 1
ابوحمد
الله يرحم ملوك العراق أشرف وأنقى من بعدهم........