خبر حادثة مرّ مرور الكرام، كما لو أن الحادثة هي جزء من الحياة اليومية الطبيعية وعدم حدوثها هو الاستثناء والذي ينبغي التوقف عنده، الخبر هو جزء من إخطبوط الفساد الذي يلف جسد الدولة العراقية، لكن اختلافه في أن ضحاياه كادت أن تكون كارثة تشابه كارثة جسر الأئمة، والضمير الغائب وارتفاع مستوى الفساد المالي في ما نتحدث عنه هما من أوقفا الكارثة بالتعاضد مع الصدفة أو القدر!
يقول الخبر "كشف النائب عن الائتلاف الوطني، كريم عليوي، أن جسر الطريق الحولي في ميسان، تهدم قبل تدشينه، وسبب انهياره ليس عملا تخريبيا، "لايعتبر الفساد المالي تخريبا!" وإنما سوء التنفيذ، مطالبا في الوقت نفسه وزارة الإعمار الإسكان بمحاسبة الشركة المنفذة.وأضاف إن "مشروع الجسر الحولي في محافظة ميسان، تابع لوزارة الإعمار والإسكان، وليس للمحافظة، حيث أحالته الوزارة لشركة، وبقيت الأخيرة تعمل لمدة سنتين في إنشاء هذا الجسر، وقبل افتتاحه تهدم، ولم يكن السبب عملا تخريبيا، وإنما هناك مواد إنشائية غير صالحة في البناء استخدمت في المشروع"، موضحا أن" الجسر سقط قبل أن تمر أي سيارة عليه".
السؤال هو: ماذا لو أن الجسر تهدم وتهاوى في يوم تدشينه ومرور السيارات عليه؟
بطبيعة الحال سيكون الافتتاح احتفاليا مما يعني وجود مسؤولين ومواطنين ووسائل إعلام وسيارات وسيتحول الابتهاج في لحظة عاصفة إلى كارثة إنسانية حقيقية ضحيتها المئات من المواطنين! ولن نتحدث عن الأموال الطائلة التي أنفقتها وزارة الإعمار والإسكان والتي ذهبت هباءً في الهواء.. لكننا نقول لو حدث هذا في أي بلد يحترم نفسه لقامت القيامة وما قعدت إلا بمحاسبة المقصرين ولسمعنا عن استقالات جماعية وكشف سريع وفوري للفساد المالي والأخلاقي في المشروع دون انتظار هيئات للنزاهة وتحقيقات،لأن القضية بكل بساطة لا تتعلق بعمولات تحت الطاولة ولا بتهريب الدولار إلى دول الجوار ولا بتلوث المياه، وإنما تتعلق بأرواح الناس البريئة التي كادت أن تدفع ثمنا فاحشا لأناس ماتت ضمائرهم وانتحرت في داخلهم المشاعر الإنسانية وتحولت قيمة الإنسان لديهم إلى حفنة من الدولارات حسب طيب الذكر ترنتي.. أنا الآن أتصور أن الجسر لم يتهاو قبل التدشين وسأفترض أنه تهاوى وتهدم لحظة التدشين ومرور السيارات عليه.. وأسأل من سيتحمل المسؤولية؟ أستطيع أن أجزم أن دم هؤلاء الضحايا المؤجلة كان سيضيع بين أوراق التحقيقات والضغوطات الحزبية والسياسية وسيغلق الملف على مهندس أو عامل أو موظف صادرة أو واردة وربما سيتحمل المسؤولية حرّاس الموقع فهم الحلقة الأضعف وكبش الفداء الممكن!
لو كنت رئيسا للوزراء"بدون مزايدات" لحملت نفسي ساعة سماعي الخبر وتوجهت إلى الموقع لأتأكد فقط أن عراقيا لم يمت في هذا الانهيار "لاحظوا ردود أفعال الرئيس الأميركي أوباما على ضحايا إعصار ساندي رجاءً " لكن هذا لم يحصل ولن يحصل،وفي أسوأ الأحوال كان من الممكن أن يقوم بهذا العمل وزير الإسكان الذي تتحمل وزارته مسؤولية إحالة مشروع الجسر إلى شركات فاشلة وفاسدة بالتأكيد.
عزيزي القارئ حاول البحث عن المشاريع الفاشلة في البلاد من خلال "الإنترنيت " ستكتشف دون عناء أن إمكانية انهيار أي مشروع قائمة في أي لحظة وعليك أن تتخذ الاحتياطات اللازمة عند عبورك جسور الفساد المالي والأخلاقي أو مرورك قرب بناية لمقاول "شفط" الأموال وغادر البلاد بانتظار انهيار ما قام به من عمل "وطني" بدعم ومساعدة ورشاوى مؤسسات الدولة المقسمة بين الأحزاب والطوائف!
ملاحظة مهمة: ذكرت وسائل إعلام محلية أن "جسر الطريق الحولي في محافظة ميسان تهدم قبل افتتاحه، وأن الشركة المنفذة تابعة لنائب برلماني حالي وهي التي تسلمت المشروع منذ ثلاث سنوات، وتم بيعه إلى أكثر من لص "عفواً" مقاول...مع تحياتي!
ضحايا مؤجّلة برسم نائب!
[post-views]
نشر في: 2 نوفمبر, 2012: 07:14 م