TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > نوّاب انتهازيون

نوّاب انتهازيون

نشر في: 6 نوفمبر, 2012: 08:00 م

قرأت خبر حصول بعض النواب على أجور بدل سكن رغم امتلاكهم مساكن مجانية ، وهو أمر يبعث على الأسف ، ويشير إلى استغلال المنصب النيابي للحصول على امتيازات ومنافع لا يمكن أن تكون مشروعة ، لأن ذلك يعد بمثابة تجاوز على المال العام ، وإذا نظرنا لهذه الظاهرة من زاوية اعتبار ميزانية الدولة المالية أمانة في أعناق النواب جميعا ليس من الجائز التفريط بها فإننا لن نجانب الحقيقة والحق والصواب .
المال العام ملك كل المواطنين فلماذا يتم استغلاله من قبل بعض النواب ؟ هل من الإنصاف الحصول على امتيازات تحت عناوين مختلفة ومبررات متعددة وثمة مواطنون يعيشون في أكواخ الصفيح ؟
يبدو أن هنالك هوة سحيقة بين النواب والمواطنين خاصة الفقراء والمعوزين هي الثراء الفاحش للنواب والفقر المدقع للمواطنين الفقراء ، يسأل المواطن كل يوم : من أباح لهؤلاء التصرف بطريقة غير مشروعة بالمال العام ؟ من سمح لهم باستغلال المنصب لترسيخ ظاهرة الفقر ؟ لو افترضنا أن هؤلاء النواب كانوا بمستوى المسؤولية والنزاهة والحرص على المواطن والمال العام لفكروا مليا في فقراء بلادي المحطمين ، لكنهم على العكس من ذلك لا يرعون في المواطن ( الفقير ) ذمة ومسؤولية ، وبات المواطن الفقير مجرد جسد تتوزعه المعاناة الطويلة ، كأنه العبد الذليل ، لو كان هؤلاء النواب حريصين على المواطن والبلد لتعاونوا على بناء الدولة والمجتمع وأزالوا الفقر ، لكن يبدو أنهم لا يبالون بذلك ، لأنهم طلاب سلطة ومال وليسوا طلاب مشاريع تنمية اقتصادية ومعيشية وبشرية  تساهم في انتشال الكثير من المواطنين من المعاناة .
لم يعد بمقدور المواطن الفقير الانتظار أو توقع حصول تغيير في واقعه المتردي لأنه فقد الثقة وهو يلمس كيف يتعالى النواب وهم يجيدون سلوكية الاستغلال ، مساكن مجانية ، رواتب عالية ، امتيازات ، حمايات ، شركات ، وغيرها من المنافع على حساب المواطن .
إن إبلاغ لجنة النزاهة النيابية ستة نواب لم تسمهم بإرجاع أموال بدل السكن التي يحصلون عليها وهم لديهم شقق سكنية خصصت لهم من قبل رئاسة مجلس النواب ، يعد مبادرة في الاتجاه الصحيح تساهم في تعزيز مبدأ الحرص على المال العام وعدم التفريط به ، لكن هل ستتمكن هيئة النزاهة من فرض معاييرها وإلزام هؤلاء تحمل مسؤوليتهم النيابية المتمثلة بحفظ الأمانة العامة وعدم التفريط بها  ، أم أن التملص من تحمل هذه المسؤولية سيكون شغلهم الشاغل وليس مصلحة المواطن العامة ؟ كان بودنا كمواطنين أن يثوب النواب إلى رشدهم ويبادرون إلى تعزيز مبدأ الحرص على المواطن وحماية حقوقه ، كان بإمكانهم التعاون لتفعيل مشاريع القضاء على الفقر ، لتشهد البلاد قفزة نوعية وكمية في مجال تمدين وتطوير الدولة والمجتمع .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

باليت المدى: جوهرة بلفدير

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram