هناك نجوم قلائل يصمدون في ذاكرة الناس على مدى طويل من الزمن، لكونهم تركوا أثراً طيباً خلفهم من خلال البصمات العديدة التي يقدمونها فوق المستطيل الأخضر وكافأتهم الجماهير بالخلود الطويل في ذاكرة الجمهور الرياضي.
(المدى) تحاول الغور في مسيرة نجوم المنتخبات العراقية السابقين الذين ترفض ذاكرة جمهورنا مغادرتهم لها حيث صمدوا في البقاء فيها برغم مرور عقود عـدة على اعتزالهم اللعب حتى أن قسماً منهم ابتعدوا عن الرياضة برمتها أو غادروا العراق إلى بلدان أخرى.
زاوية (نجوم في الذاكرة ) تستعرض في حلقتها 149 مسيرة مدافع فرق النفط والعمال والجيش والرشيد والزوراء والشرطة والمنتخبات الوطنية السابق طالب جلوب الذي لعب أكثر من "15" مباراة دولية حيث سيجد فيها القارئ الكثير من المحطات والمواقف المهمة والطريفة.
بـداياته
بدأ اللاعب طالب جلوب حياته الرياضية مثل بقية أقرانه في سبعينيات القرن المنصرم من خلال الفرق الشعبية التي كانت تعد الرافد الأول للأندية والمنتخبات الوطنية باللاعبين الجيدين حيث كان طالب جلوب قد كشف عن مواهبه في التعامل مع الكرة بوقت مبكر جداً مما جعل فريق اتحاد المشتل الشعبي الذي كان يعد من الفرق القوية في منطقة بغداد الجديدة يضمه إلى صفوفه ، وقد أكد تفوقه مع هذا الفريق وازدادت ثقته بنفسه، لذلك قرر أن يجرِّب قدراته مع فرق الأندية، حيث انضم في نهاية سبعينيات القرن الماضي إلى فريق النفط الذي كان يلعب في دوري الدرجة الثانية ومنه انتقل إلى صفوف فريق العمال الذي كان يشرف على تدريبه مؤسس المدرسة الزورائية المدرب الراحل جرجيس الياس، حيث بدأ المدرب المذكور بصقل موهبة اللاعب طالب جلوب.
انطلاقة أولى
في موسم1981 ـ1982 انتقل اللاعب طالب جلوب من صفوف فريق العمال إلى فريق الجيش الذي كان يضم الكثير من نجوم الكرة العراقية أمثال فتاح نصيف وحسن فرحان وسعد جاسم وغيرهم وفي هذا الفريق كشف بشكل واضح عن قدراته وكان بإمكانه أن يتواصل معه لولا ظروف الحرب العراقية ـ الإيرانية التي جعلت أغلب لاعبي المنتخب الوطني ينتقلون من فرقهم إلى فريق الجيش حيث أصبح فريق الجيش يعاني من كثرة النجوم فيه، مما جعل طالب جلوب الذي كانت طموحاته كبيرة جداً يبحث له عن فرصة أخرى يؤكد فيها جدارته كلاعب شاب، لذلك قرر الانتقال إلى صفوف فريق الرشيد الذي كان يلعب في دوري الدرجة الثانية تحت إشراف المدرب الراحل عبد كاظم وقد أسهم في صعود الفريق إلى دوري الكبار في موسم1984 ـ1985 ليبدأ رحلة جديدة من التميُّز، فبعد أن بات فريق الرشيد يلعب في دوري الكبار قررت إدارته ضم أغلب لاعبي المنتخب الوطني وهذا القرار جعل طالب جلوب يحافظ على مركزه في خط دفاع الفريق المذكور برغم وجود أسماء كبيرة أمثال عدنان درجال وكاظم مطشر وخليل وكريم علاوي وغيرهم.
وقد كانت رحلة اللاعب طالب جلوب مع فريق الرشيد مميزة وخدمته كثيراً، لأنها جعلته تحت أنظار مدربي المنتخبات الوطنية وهو الهدف الأسمى الذي كان يبحث عنه.
الانطلاقة الأبـرز
نظراً للمستوى الكبير الذي قدمه اللاعب طالب جلوب مع فريق الرشيد قرر مدرب المنتخب الوطني الثاني الكابتن أنور جسام ضمه إلى صفوف المنتخب الذي كان يستعد للمشاركة في بطولة كأس العرب التي جرت في المملكة العربية السعودية عام1985، وبرغم أن المنتخب المذكور لم تتوافر له فرصة إعداد تتناسب مع حجم البطولة، إلا أن قوة مباريات الدوري ووجود مدربين جيدين فيه في ذلك الوقت منحت المدرب أنور جسام مجموعة من اللاعبين الجيدين والمؤهلين وبعد أن خاض المنتخب وحدات تدريبية عدة قرر المدرب أنور جسام وضع اللاعب الشاب طالب جلوب في التشكيلة الأساسية وقد كان قراراً صائباً، لأن اللاعب لم يُخِب ظن آمال مدربه وقدم مستوى رائعاً جداً أسهم مساهمة مباشرة في فوز المنتخب الوطني بلقب بطولة كأس العرب. وبعد شهر واحد فقط من إحراز بطولة كأس العرب قرر الاتحاد العراقي لكرة القدم آنذاك زج المنتخب نفسه في مباريات الدورة العربية التي جرت في المغرب ونظراً لقوة تلك الدورة استعان المدرب أنور جسام بخمسة لاعبين من المنتخب الأول وهم: رعد حمودي وسمير شاكر وخليل علاوي وباسل كوركيس واحمد راضي، حيث أدت هذه الاستعانة إلى وضع اللاعب الشاب طالب جلوب على دكة الاحتياط وقد كان سعيداً بذلك القرار برغم أن طموحاته كبيرة جداً في تمثيل المنتخب الثاني في تلك البطولة، وسبب سعادته استقرار مستوى المنتخب الوطني من ناحية وأن مَن يلعب في مركزه هم من اللاعبين الكبار وفي النهاية كانت سعادته أكبر، لأن المنتخب عاد ومعه الميدالية الذهبية للعبة كرة القدم بعد أن تمكن من هزيمة المنتخب المغربي بالهدف التاريخي للاعب باسل كوركيس.
الانتقال إلى الزوراء
نظراً للتخمة الكبيرة التي كان يعاني منها فريق الرشيد، لأنه ضم اغلب لاعبي المنتخب الوطني وكذلك لاعبي منتخب الشباب في عام 1986 حصلت مبادلة ما بين لاعبي الزوراء والرشيد، حيث انتقل من الزوراء اللاعبان الشابان ليث حسين وسلام هاشم إلى الرشيد وانتقل من الرشيد الى الزوراء اللاعبان عناد عبد وطالب جلوب حيث بدأ طالب جلوب يؤكد جدارته الكبيرة مع فريق الزوراء الذي كان يشرف عليه المدرب فلاح حسن، إلا انه لم يستمر طويلاً مع الزوراء، إذ غادره إلى فريق الشرطة ومثـَّله في أكثر من موسم ثم قرر اعتزال اللعب بسبب تعرضه للإصابة.
مميزاتـه
يمتلك اللاعب طالب جلوب الكثير من المميزات الجيدة منها الطول والقوة الجسمانية والذكاء الميداني والقدرة على مراقبة مهاجمي الفريق المنافس، كما يمتاز بقيادة هجمات فريقه من الخلف من دون أن يترك فراغاً في خط دفاع الفريق الذي يمثله، لأنه يوازن ما بين واجباته الدفاعية والهجومية ،وحقيقة الأمر أن اللاعب طالب جلوب لو جاء في وقت غير الوقت الذي برز فيه لحصل على شهرة واسعة جداً، لكنه جاء في زمن فيه تخمة من اللاعبين الكبار.
أجمل مبارياته
خاض اللاعب طالب جلوب الكثير من المباريات الجميلة، إلا أن مبارياته في بطولة كأس العرب كانت الأجمل في مسيرته الكروية، لأنه تمكن فيها من إيقاف خطورة الكثير من المهاجمين العرب ، كما أن هذه المباريات جعلته معروفاً على الصعيد المحلي وفتحت له أبواب فريقي الزوراء والشرطة الجماهيريين.
مسيرته التدريبية
بعد اعتزاله اللعب توجه اللاعب طالب جلوب إلى ممارسة التدريب ليبقى قريباً من معشوقته الكرة حيث أشرف على تدريب المحمودية الذي كان يلعب في دوري الدرجة الثالثة وقاده للتأهل إلى دوري الدرجة الثانية ثم اشرف بعد ذلك على فريق الهندية وحقق معه نتائج جيدة ومن بعده تولى مهمة تدريب فريق أبو غريب ومنه انتقل لقيادة فريق نادي حيفا الذي بقي مدرباً له لمدة موسمين في دوري الدرجة الأولى ، كما قام بتدريب فريق الرمادي في الدوري الممتاز، كذلك كانت له تجربة جيدة في العمل كمدرب مساعد مع الكابتن ناظم شاكر في تدريب فريق السلام الذي كان يلعب في دوري الدرجة الثانية وتم تأهيله إلى دوري الكبار في تسعينيات القرن المنصرم، كما كانت له تجربة مع نادي الجيش.
وبعد ذلك تم تكليفه بمهمة وطنية تمثلت بقيادته منتخب الأشبال الذي حصل على المركز الأول في مهرجان الرؤية الآسيوي لسنتين متتاليتين.
أبرز المدربين
جرجيس الياس، عبد كاظم، حازم جسام، أنور جسام وفلاح حسن وغيرهم.