"إن جهة سياسية لديها شركة أمنية كانت توفر الحماية لرئيس بنك التجارة العراقي، (حسين الأذري) وقد اضطررت إلى الذهاب بنفسي لإخراج قوة أمنية لاعتقاله قبل أن يتمكن من الهرب"، ما تقرأونه ليس كلاما صادرا عن مدير شرطة بغداد، ولا حديثا أدلى به مأمور مركز الصالحية، وإنما هو مقطع من حديث أجرته قناة السومرية مع رئيس الوزراء نوري المالكي.. أن يدين ويشجب رئيس الوزراء الفساد والمفسدين وان يبعث برسائل قوية تحذر من تفشي ظاهرة الفساد، وان يقرر مطاردة جرثومة الفساد التي انتشرت في معظم مفاصل الدولة العراقية فهذا امر يشكر عليه ويحسب في سجل حسناته، ولكن عند لحظة معينة يجب ان يعرف رئيس الوزراء حدود عمله وان لا يتحول الى قاضي وشرطي وجلاد في الوقت نفسه.
الحديث بلغة رسائل التهديد المبطنة لغة أصبحت مباحة في العراق والكثير من ساستنا لا يملكون غير لغة الوعيد والتربص بالاخرين.. لكن هل يجوز لمسؤول بحجم رئيس الوزراء أن تكون وسيلته الوحيدة للتفاهم هي مطاردة الخصوم وتشكيل افواج شرطة للقبض عليهم.؟ حين يحدث كل هذا فأننا نتحول من دولة شعارها القانون إلى دولة تحكمها شريعة الغاب.
في حديث المالكي لقناة السومرية تحدث عن أن "رؤوسا كبيرة ستسقط في قضية البنك المركزي، وان تدخله في هذه القضية جاء دخله في قضية البنك المركزي جاءت بعد أن انخفاض قيمة الدينار أمام الدولار"، منوّهاً إلى أن "المعترضين من مجلس النواب والسياسيين وأئمة الجمعة في البلاد لا يعرفون حقائق قضية البنك المركزي"، ولم يضف رئيس الوزراء إلى قائمة الذين لا يعرفون الشعب العراقي بأكمله الذي لا يجد إجابة لسؤاله: لماذا البنك المركزي وفي هذا الوقت بالذات.. واذا كان الغرض كما قال رئيس الوزراء معالجة أزمة انخفاض الدينار فقد مرت أسابيع على قرار إقالة الشبيبي، ولم يرتفع الدينار ولم ينخفض الدولار ولم تتوقف عمليات تهريب العملة الصعبة إلى الجارين إيران وسوريا.
لعل الملاحظة الأساسية في معركة بنك التجارة وبعدها صولة البنك المركزي تؤكد أن الرسائل السرية التي كانت تبعثها الحكومة للحصول على أموال من هذه البنوك فشلت، فكان لابد من أن يلجأ المالكي إلى أسلوب الصدام المباشر.. ولعل ما طالب سنان الشبيبي أمس من خلال وسائل الإعلام بان يكشف رئيس الوزراء عن ملفات الفساد التي يملكها هو مطلب لجميع العراقيين.. فيجب إعلان الحقائق على الناس، حتى يعرفوا جيدا من السارق.. وكيف تتم السرقات.. ومن يقف وراءها.. فجميل أن يلعب رئيس الوزراء دور محرر البلاد من مافيا الفساد، ولكن اتمنى ألا يتم إخراج فيلم التحرير الجديد بنفس الطريقة التي تم فيها اخراج مسلسل فلاح السوداني ومن بعده التمثيلية القصيرة لعبد القادر العبيدي، وقبلهم سباعية محرر السجناء ابوداود البصري، هؤلاء الثلاثة اختفوا بين ليلة وضحاها بعد ان اقسمت الحكومة انهم انبل واخلص رجال الوطن وبذلوا جهودا كبيرة لخدمة ابنائه الذين اكتشفوا فيما بعد ان الأفاضل الثلاثة رحلوا ومعهم كل ما غلى ثمنه وخف وزنه تحت سمع وبصر السيد رئيس الوزراء.
من باب تنشيط ذاكرة السيد المالكي فقط، اذكره بان العديد من ملفات الفساد في معظم الوزارات لم تفتح، ولم يتم الاقتراب منها، كون الوزراء لم يشكلوا حتى هذه اللحظة صداعا للسيد المالكي، ولأنهم ارتضوا ان يكونوا مجرد "خيالات مآتة" ليتسنى لهم الاستمرار في الجلوس على كرسي المنصب، الذي يضمن لهم السلطة ومنافعها.. ولا أريد أن أُذكر بان هناك مسؤولين كبارا ووزراء فاشلين وفاسدين لم يقترب منهم احد ولم تفتح ملفاتهم تطبيقا لنظرية رئيس الوزراء في إدارة مؤسسات الدولة "خليكم بحالكم أحسن".
لعل موضوعي الأساسي في هذا المقال، ليس الدفاع عن مدير البنك التجاري، ولا لنصرة سنان الشبيبي، وهل هو جيد أم سيئ، أنا شخصيا مع أي سياسة حكومية تحاسب المفسدين وتقتص منهم عبر سياسة متكاملة واضحة ومدروسة، فهذا أمر جيد لكن غير الجيد، هو تلك الفردية التي تدار بها البلاد.
في كل الانظمة الاستبدادية يستخدم المسؤول اتهامات فضفاضة ضد معارضيه دون أن يقدم للناس حقائق وشواهد تؤكد هذه التهم، لكن اعتقد اننا في دولة ديمقراطية يفترض ان الكلمة الأولى والأخيرة يجب ان تكون بيد القضاء حصرا من أجل ألا يتحول كل مسؤول إلى ضابط في مركز شرطة "المنصب" الذي يستولي عليه.
مركز شرطة رئاسة الوزراء!!
[post-views]
نشر في: 6 نوفمبر, 2012: 08:00 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
الهيئة العليا للتعداد العام للسكان تقرر تمديد ساعات العمل للعدادين
اللجنة العليا تقرر إبقاء حظر التجوال بين المحافظات غداً الجمعة
جدل حول دخول مواطنين كرد إلى كركوك قبل التعداد السكاني.. ما القصة؟
تحذير من عاصفة ترابية شديدة في هذا الموعد
العراق يشيد بقرار الجنائية الدولية ضد نتنياهو وغالانت ويعده "تاريخياً"
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
جميع التعليقات 4
أحمد فرج
لاأظن أنَ الرجل يقرأ ماتكتبون أو أنَ في أ
المدقق
لو ماكو ديمقراطية جان ما كدرت انت وجماعتك السادة كتاب جريدة المدى ان تكتبوا اي شيء ... بس اريد اسأل سؤال ..... وين جنتو ايام المقبور صدام حسين شو محد جان يسمعلكم صوت ؟؟ هسة عرفت اكو ديمقراطية لو لا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
عباس
السيدالمدقق .. انت تكلم عن نفسك ، بالتاكيد انت ماكنت تسمع اصواتهم ، لانك كنت تتدبك مع الصداميين . ولكننا كنا نسمع اصواتهم ونعرف اماكن الزنازين التي سجنوا بها ونفرأ سرا تقارير منظمات حقوق الانسان لاطلاق سراحهم وكذلك نعرف ان بعضهم حمل البندقية في جبال كوردس
ألسعداوي
ألى ألسيد ألذي عقب على عمود ألسيد علي حسين بأسم (ألمدقق): لقد مللنا من أدعاءكم هذا وكأن ألحرية ألمحدودة للصحافة هي من فضائل (ألمالكي ) على ألعراقيين وكأن حزب ألدعوة هو من حرر ألعراق من أستبداد صدام ألكل يعرف أن ألدعوة وألمالكي وألجعفري ومن لف لفهما لأيس ل