TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قل تبصّر ولا تقل تخبّط!

قل تبصّر ولا تقل تخبّط!

نشر في: 9 نوفمبر, 2012: 08:00 م

بعد عملتها "المخجلة" بقرار إلغاء البطاقة التموينية اليتيمة، ونتيجة للضغط الشعبي والإعلامي والسياسي أيضا وجدت حكومة المالكي بأكملها نفسها محشورة في زاوية ضيقة لا تحسد عليها،  فتفتق ذهنها العبقري عن  عملية التفاف على الانتقادات الواسعة وخلق "دفرسوار" لشق جبهة الرفض وتبرير عملتها، فقال المالكي في هذا السياق إن الـ15 ألف دينار البديل عن البطاقة قد ترتفع الى 25 ألفاً، وقالت الحكومة إنها ستجري استبيانا شعبيا لمعرفة وجهة نظر الشارع العراقي بقرارها العتيد، وثالثا أعربت وزارة التجارة أنها بصدد إجراءات لمنع ارتفاع الأسعار بالسوق نتيجة لقرار الحكومة..!

قرارات وتوصيات متخبطة أخرى، بل ومتناقضة ومثيرة للسخرية، أولها أن إعلان المالكي عن الزيادة في مبلغ البديل يعني أن القرار لم يدرس بعناية لا اقتصاديا ولا سياسيا وهو التفسير المنطقي لدعوات الزيادة إن لم يكن تخديرا للأعصاب .. ثانيهما.. ان عمل حكومتنا الدقيق بالمقلوب فهي تأخذ القرارات التأريخية وعندما تحاصرها ردود الأفعال الشعبية تلجأ الى الناس من خلال استبيان واضح النتائج "ترقبوا النتائج" سيقول الاستبيان ان نصف الشعب مع الغاء البطاقة وبذلك تنقذ ماء وجهها إعلاميا على الأقل من خلال أوراق استبيان من المؤكد انه لن يكون الا تزويقا لقرار الحكومة.. وثالثهما.. ان الحكومة تعرف ان القرار سيؤدي الى ارتفاع الاسعار في المواد الغذائية وأنها ستعمل على السيطرة على الاسعار، التي بدأت ترتفع تدريجيا، يقول المثل العراقي الشعبي "مجنون يحجي وعاقل يسمع".. بربكم .. هل تستطيع الحكومة ان تسيطر على الأسعار وهي التي لم تستطع كبح جماح الفساد في وزارة التجارة؟ وكيف سيتسنى لها ذلك في سوق مفتوحة لا يحكمها الا قانونها الاقتصادي الخاص؟ وما  هي كفاءة الجهاز الحكومي الذي ستعتمد عليه في تنفيذ قراراتها القادمة في السيطرة على السوق؟

المشكلة لدى حكومتنا العتيدة وعلى رأسها السيد المالكي، إنها تعتقد انها في مدينة ملاهي وبامكانها ان تنتقل من لعبة الى اخرى بمجرد تغيير في بطاقة استخدام اللعبة، أنها على ما يبدو لا تدرك انها تدير شؤون 30 مليون مواطن، أو هكذا يفترض في الأقل، وان هذه الإدارة على كافة المستويات، السياسية والاجتماعية والاقتصادية، محكومة بمجموعة عوامل وقوانين تحرك الحياة، وان تصرفها على طريقة "جرّة قلم " ليس إلا تعبيرا عن الجهل المطبق بآليات عمل تلك القوانين، تعتقد الحكومة أنها اذا قررت ان تسيطر على الأسعار الحالية بعد تطبيق القرار، فان تجار البلد سيأتون إليها صاغرين ليقدموا لها فروض الطاعة والاحترام والخضوع لرغباتها الذاتية، وليس مواجهتها بمجموعة قوانينهم الخاصة التي تفرغ أي "رغبات ذاتية" للحكومة على قضها وقضيضها، لنشهد من جديد مسلسلا مرعبا لارتفاع غير مقيد بالأسعار..

بكل وضوح لدينا حكومة لا تعرف ما تريد ولا كيف تريد وحتى لو عرفت ماذا تريد فإنها لا تعرف كيف تنفذ إرادتها، وإذا عرفت فإنها لا تملك الأجهزة الكفوءة لتطبيق أفكارها "الخلاّقة "، ولو كان ما نقوله عكس الحقيقة لرأينا وضعا آخر في البلاد..

ما تحتاجه هذه الحكومة أن ينهض إليها المرحوم العلامة مصطفى جواد من قبره ليصرخ في وجهها قائلاً:

قل تبصّر ولا تقل تخبّط!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

العمود الثامن: صنع في العراق

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

 علي حسين منذ أن اعلنت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والطاولات الشيعية والسنية تعقد وتنفض ليس باعتبارها اجتماعات لوضع تصور للسنوات الاربعة القادمة تغير في واقع المواطن العراقي، وإنما تقام بوصفها اجتماعات مغلقة لتقاسم...
علي حسين

إيران في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة

د. فالح الحمـــراني تمثل استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة، الصادرة في تشرين الثاني تحولاً جوهرياً عن السياسات السابقة لإدارتي ترامب وبايدن. فخلافاً للتركيز السابق على التنافس بين القوى العظمى، تتخذ الاستراتيجية الجديدة موقفاً أكثر...
د. فالح الحمراني

ماذا وراء الدعوة للشعوب الأوربية بالتأهب للحرب ؟!

د.كاظم المقدادي الحرب فعل عنفي بشري مُدان مهما كانت دوافعها، لأنها تجسد بالدرجة الأولى الخراب، والدمار،والقتل، والأعاقات البدنية، والترمل، والتيتم،والنزوح، وغيرها من الماَسي والفواجع. وتشمل الإدانة البادئ بالحرب والساعي لأدامة أمدها. وهذا ينطبق تماماً...
د. كاظم المقدادي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

محمد حسن الساعدي بعد إكتمال العملية الانتخابية الاخيرة والتي أجريت في الحادي عشر من الشهر الماضي والتي تكللت بمشاركة نوعية فاقت 56% واكتمال إعلان النتائج النهائية لها، بدأت مرحلة جديدة ويمكن القول انها حساسة...
محمد حسن الساعدي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram