تباينت آراء المواطنين حول انتشار المولات التجارية في اغلب مناطق العاصمة بغداد، وبقية المحافظات وظهرت مخاوف لدى البعض من منافستها للأسواق التجارية والمحال الصغيرة, فيما اشار اخرون الى ان هذه الاماكن لن تتغلب على الاسواق الاخرى وذلك لارتفاع اسعارها وبيعها سلعا تقتصر على طبقة ذات دخل عال .
صادق ناصر, صاحب مول ( سنتر) وسط بغداد، يقول انها من المشاريع التي تدر أرباحا عالية لما تقدمه من خدمات يطلبها الزبائن .
واضاف ناصر في حديث لـ"المدى" " يحتوي سوقنا الذي افتتح قبل سنتين تقريبا على أربعة طوابق للتبضع ، بما فيها الطابق الأخير، وهو عبارة عن مطعم وقاعة للأعراس والمناسبات، والإقبال على السوق والقاعة كبير جدا".
وتابع " ان الاقبال الكبير على المول دفعنا لتطوير عملنا وتنويعه باستخدام تقديم وجبات الطعام السريعة للمتبضعين، وتوفير بعض لعب الأطفال في مدخل السوق للترفيه عن الصغار".
بينما اعتبر ناجي غالب عامل في مول، "ان المولات تمثل خطوة نحو التقدم والتطور وجزء من الانفتاح على العالم"، مضيفا "لا اعتقد ان المولات تنافس المحال التجارية او تتغلب عليها فالمحال ستبقى محافظة على زبائنها ومتبضعيها فعلى الرغم من انتشار المولات بشكل واسع في العديد من مناطق العاصمة فاسعارها المرتفعة قياسا بالمحال والاسواق الشعبية اضافة الى انها تركز في بضاعتها على الماركات العالمية وهو ما لا يبحث عنة اغلب المواطنين" .
واضاف "الناس يفضلون البضاعة ذات السعر المناسب قبل كل شيء ، ويضيف ان هذه الاماكن عليها اقبالا لا بأس به لكن ليس بالمستوى الكبير ولا يصل الى ما كان عليه في الاسواق المركزية".
وسائل لجذب المتبضعين
من جهته رفض فراس قاسم, صاحب مول, في حديث لـ"المدى" مقارنة تجربة المولات بتجربة الاسواق المركزية، موضحا ان" تلك الاسواق كانت تدار من قبل الدولة وبضائعها غير متاحة لكل المتسوقين اذ كان مخصصاً معظمها للموظفين والعسكريين، ولم تكن تلك الاسواق حتى في احسن حالات التحسن الاقتصادي على استيعاب حاجات الناس" .
واضاف قاسم "ان بضائعها كانت تباع في الاسواق السوداء، الامر هنا مختلف تماما ونحن نبذل قصارى الجهد لارضاء المتبضعين واذواقهم، والتنافس جاء لصالح المتسوق، والتجارة اساسها الربح" .
وبين ان " لكل مول وسائله في جذب المتبضعين فنحن مثلا نجري كل شهر قرعة شهرية نختار فيها احد الزبائن ونقدم له جائزة، هي في الغالب مبلغ مائة الف دينار على شكل تسوق من المول" .
وزاد ان " المولات ساهمت بتشغيل عشرات الايدي العاطلة، فنحن نشغل نحو 40 عاملا وعاملة، فضلا عن ان اعمال المول تحرك قطاعات عمل اخرى".
من جانبه يرى احد اصحاب محال الالبسة النسائية في "كناري مول"، يونس رضا " على الرغم من حداثة هذه الاماكن فهي بدأت تتغلب على المراكز والمحال التجارية في العديد من مناطق بغداد فهي تتميز ببعض البضائع الجديدة والتي غالباً ما تكون تابعة لشركات ووكالات تجارية عالمية معروفة" .
واوضح "ان اسعار سلعها تختلف بحسب العلامة التجارية وتعتبر اماكن جذب تسويقية وترفيهية افضل من غيرها فهي تبيع الملابس والعطور وادوات الزينة وكل ما تحتاجة العائلة في مكان واحد وهو ما يميزها".
بينما أبدى عماد علي تذمره, وهو صاحب محل ازياء رجالية في الكرادة قائلا " ان المولات تؤثر على عمل محلاتنا لانها بدأت تسحب زبائننا تدريجيا من خلال ترتيبها وحداثتها وبضاعتها الفريدة والمنافسة لبضاعتنا".
واوضح "ان ترتيبها وتنظيمها يجذب المتسوق أكثر من المحل التجاري لاسيما انها تعطي حرية التنقل والتسوق من مكان واحد" .
واكد " اننا نسعى لان ننافس المولات من خلال عرض البضائع ذات الماركات العالمية اضافة الى تخفيض اسعار الالبسة والبضائع بين فترة واخرى" .
لا تمثل قلقاً
وتقول المتبضعة لمياء احمد "افضل التبضع من المحال والاسواق على المولات فهي رخيصة السعر ومناسبة"، مضيفة ان " فيها سلعا جيدة وقد تكون بنفس الجودة ولا باس بها".
واشارت الى ان "المولات تحمل كثيرا على الاسعار فهي تحمل تكاليف النقل والايجار مما يؤثر على اصحاب الدخل المحدود" .
مبينة " اعتقد ان وجودها وانتشارها بالمناطق امر ايجابي وهو دليل على التقدم ومواكبة الدول المتطورة"، مؤكدة ان" المولات لن تتغلب على المحال والاسواق الا اذا كانت اسعارها مشابهة لاسعار هذه المحال وبالتالي ستكون اماكن جذب اكبر للزبائن والمتبضعين" .
هذا ويؤكد الباحث الاقتصادي ماهر الراوي "ان المولات عددها ليس بالمستوى الذي ينافس الاسواق التجارية لانها واسعة وكبيرة وفيها تنوع سلعي ولا تمثل مصدر قلق للسوق مستدركا انها تتسم بتحريك السوق الاقتصادية لكن التوسع فيها في المستقبل قد يثير مخاوف هذه الاسواق التجارية" .
واضاف الراوي في تصريح لـ "المدى"، ان" المنافسة ضعيفة فالمولات تبيع سلعا متنوعة ومختلفة ومنفردة اضافة الى ارتفاع اسعارها على عكس المحال التجارية والاسواق الكبيرة لانها تبيع سلعا متنوعة ومختلفة وقد تكون بالجملة".
مبينا "انها تغري المواطن بخدماتها الاجتماعية والترفيهية من اماكن التسلية والمقاهي فضلا عن محلات التسوق التي فيها مما يجعلها مكانا مهما".
جمعيات تعاونية
وتابع "من الناحية الاقتصادية فان المولات وان كانت تحدث حركة جيدة في السوق لكنها لن تقضي على الحركة في الاسواق التجارية بل لكل واحدة صفاتها ومميزاتها المستقبلية ، ان الاسواق المركزية اشبه بالجمعيات التعاونية لا تبالغ بالاسعار ولديها بعض الاعفاءات والخدمات واسعارها مناسبة لاسيما لذوي الدخل المحدود"، داعيا الى "ضرورة العمل بها وانعاشها من جديد فدورها اكبر من المولات بشكل كبير" .
الى ذلك كشف رئيس هيئة استثمار محافظة بغداد شـاكر الزاملي في وقت سابق عن منح (80) أجازة استثمارية واغلبها اراضي مخصصة لإنشاء مولات في بغداد .
وقال الزاملي " تمت تهيئة مجموعة من الاسواق المركزية التابعة لوزارة التجارة لإنشاء مولات في بغداد من خلال منح 80 اجازة لاستثمار الاراضي".
موضحا " ان عددا كبيرا من المولات تم تخصيص اراض لها ومنحت اجازات استثمارية حيث منحنا (4) اجازات في منطقة المنصور واثنتين في الكاظمية واربعا في شارع فلسطين ومنطقة زيونة".
وتدعم امانة بغداد الجهة المشرفة على مشاريع المولات في بغداد وفي هذا الصدد يشير مدير إعلامها حكيم عبد الزهرة الى ان دائرته تمنح التراخيص لإنشاء المولات وتقدم تسهيلات واسعة للمستثمرين في هذا المجال .
ويؤكد عبد الزهرة ان" إحدى الشركات الفرنسية تعمل على افتتاح متجرين كبيرين من السلسلة الفرنسية في العراق (سيتي مول) في جانبي الكرخ والرصافة تبلغ مساحة كل منهما نحو 50 دونما، في حين أعلنت شركة بريطانية عن شروعها في تنفيذ مشروع (مول بغداد الكبير)، الذي يكون على شكل مدينة تجارية تضم خمس صالات عرض سينما وحدائق ومطاعم والكثير من وسائل الترفيه" .
وبين "كما يضم هذا المشروع الذي يقام على مساحة تبلغ (15) الف متر مربع ويتألف من ثلاث طبقات، يضم محال تجارية ومراكز تسويقية ومسرحاً ومطاعم ومركزاً ترفيهياً وحدائق وساحة لوقوف السيارات".
منوهاً بان" امانة بغداد تدعم وبشكل مباشر جميع المشاريع الخدمية والترفيهية في العاصمة بغداد" .