TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > البحرين وخطيئة سحب الجنسيات

البحرين وخطيئة سحب الجنسيات

نشر في: 10 نوفمبر, 2012: 08:00 م

بالرغم من الملاحظات السلبية الكثيرة على  ما تقوم به المعارضة في البحرين, وهي ملاحظات لا تصل بحال إلى حد سحب حق الاختلاف في الرأي منها, فإن إقدام الحكومة على سحب الجنسية من عدد من المعارضين يشكل خطوة بائسة في تعامل المنامة مع مواطنين اكتسبوا جنسيتهم بحكم الواقع ولم تكن منةً أو مكرمةً من أحد, وهي حق لهم وإن تطرفوا في مطالبهم, لانهم حسب اجتهادهم المعلن يعملون من أجل وطنهم, والمؤسف في هذه الخطوة أنها استهدفت مجموعة من الناشطين المنتمين إلى طائفة بعينها ما سيؤدي إلى زيادة حدة الاحتقان الطائفي, وبما يمنح جهات خارجية فرصة ذهبية للتأكيد على اضطهاد السلطات لأبناء هذه الطائفة ودعوتهم بالتالي الى الاقتناع بدعوتها لهم ليكونوا بعض اتباعها المؤمنين بقيادتها ووصايتها عليهم وإن اختلف انتماؤهم القومي مع انتمائها. لوقوع التجريد من الجنسية على عشرات الناشطين المنتمين إلى طائفة واحدة هي الطائفة الشيعية.

لم تكن دعوات الحكومة لمعارضيها إلى طاولة الحوار وارتباك المعارضين من حيث قبولها أو رفضها مبرراً لسحب الجنسية خصوصاً وأن تلك الحكومة متهمة بمنح الجنسية للآلاف من أبناء طائفة بعينها لخلق حالة من التوازن الطائفي الذي نثق أنه لن يصمد طويلاً في حال خروج الأحداث عن السيطرة, فصاحب الجنسية الجديد لايمتلك نفس حس الانتماء الوطني الذي يمتلكه المواطن الأصيل حتى وإن عارض كل سياسات حكومته, وحتى لو طالب بتغيير بنية النظام, ومهم هنا التذكير بأنه بالرغم من كل ماجرى فإن المعارضة التزمت نهج التحرك السلمي, وهي تدرك الموقع الاستراتيجي للبحرين وأهمية استقرارها بالنسبة للدول المحيطة وأمنها.

قد يجادل البعض بأن السلطات في البحرين لجأت إلى القوانين المرعية في قضية سحب الجنسية, ولكن الواضح أنها لجأت إلى آخر الحلول وهو " الكي ", وكان بإمكانها أن تدفع بمن اعتبرتهم خطراً على أمن البلاد إلى المحكمة لتصدر حكمها القضائي بدل أن تعطي للحكم صبغة سياسية فاقعة ومؤذية في آخر الأمر وغير مجدية بل إنها قد تدفع إلى مزيد من التطرف عند الطرف الآخر في المعادلة, غير أنه يبدو أن هناك قوى شد عكسي لا تفتش عن غير مصالحها وهي مستعدة في هذا الاطار للعمل على إفشال أي مبادرة للتهدئة كما فعلت مع مبادرة ولي العهد التصالحية.

مؤسف أن تتحول لغة الحوار بين الحكومة البحرينية ومعارضيها إلى لغة المولوتوف, والاعتقالات على يد زوار الفجر تليها أحكام قضائية زاجرة، ومفيد هنا أن يلتفت كلا طرفي المعادلة إلى ما مرّت به بلدان عربية عدة في العامين الماضيين. والأكثر بؤساً هو الوصول إلى إغلاق باب التسويات السياسية والحلول الوسط أو عدم الاستفادة من دروس الربيع العربي, وهي مازالت ساخنة لاتحتاج مراجعتها والاستفادة منها سهلة المنال بهدف عدم دفع أثمان إنسانية ومادية هائلة.

سحب الجنسية من مواطن أصعب من الحكم عليه بالإعدام, وهي خطوة تفتش عن عاقل ومدرك ومتسامح لإلغاء كل ما نجم عنها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. me

    احدهما يقبل جبهة نجاد ويقول له بالفارسية خادمكم المطيع علنا على التلفزيون والآخر يحضر في طهران جلسات البرلمان تحت مسمى محافظ البحرين كما تدعي ايران. هل من خيانة أعظم؟

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram