يذكر الفلاسفة أن المعرفة التي يكتسبها الإنسان هي نتاج إدراك الحواس الخمس ، حيث تساهم التجارب والخبرات التي يمر بها في ترسيخ هذه المعارف ، كما ان بعض هذه الخبرات يمكن اكتسابها وتنميتها عند مجموعة معينة من الأفراد عن طريق الممارسة ، فبحاسة اللمس يمكن التعرف الى مدى خشونة المواد ودرجة حرارة أو برودة سطح ما ، وكذلك فان صاحب محل بيع العملات المتمرس يمكنه التعرف الى الاوراق النقدية المزورة من خلال استشعار ملمسها ، ولا شك ان حاسة الشم مكنت الإنسان من معرفة الروائح الطيبة والتقرب منها وإنتاج العديد من انواع العطور ، والنفور من الروائح النتنة ، بل ان حاسة الشم هي احد الفحوص الأولية التي يستخدمها الكيميائيون في التعرف الى بعض المواد المجهولة ، وتعتبر حاسة التذوق هي الوسيلة التي صنف عن طريقها الإنسان المواد إلى حامض وحلو ومالح ومر ، بل ومكنت ضابط المخدرات المتمرس من التعرف الى بعض انواع المخدرات بمجرد تذوق كميات بسيطة منها . وقد استخدم الإنسان منذ نشأته حاسة السمع والبصر للتعرف الى اقرانه والفرار من أعدائه ... هذه الوسائل المعرفية الخمس تعتمد في الحقيقة على ظواهر طبيعية أو فيزيائية ناتجة عن انتقال أجزاء او جسيمات مادية يستطيع الإنسان إدراكها بحواسه ، ويجب التنويه بان الحاسة السادسة ، وكما يحلو للبعض بان يسميها الحاسة النفسية لا تدخل ضمن صلب هذا المقال ، وسوف نتطرق إليها في مقالات لاحقة.. إن الإمكانات الحسية التي خص بها الله عز وجل بني البشر هي إمكانات محدودة بحيث يصعب على الإنسان إدراك جميع الظواهر الطبيعية بحواسه، فلا يمكن للإنسان ملاحظة سرعة نمو شجرة ببصره او تمييز روائح المخدرات من خلال شم ذرات بسيطة او سماع الترددات الصوتية العالية او معرفة نوعية المادة من الملمس، وقد قامت التطورات العلمية الحديثة أساسا على دراسة الظواهر الطبيعية وإيجاد وسائل قياس دقيقة تفوق الإمكانات الموروثة للإنسان مما ساهم في توسيع مدارك البشر وفهم وتطوير مختلف العلوم التطبيقية، وتعتبر العلوم الشرطية من المجالات التي شهدت العديد من التطورات كتطوير تقنيات الاتصال أو المراقبة، وكذلك التطورات في العلوم البحثية كوسيلة للكشف عن الجرائم، فالمجهر مكن الخبراء من مشاهدة الخلايا والأنسجة الدقيقة، وجهاز مطياف الكتل ساهم في التعرف إلى المكونات النفطية من مخلفات الحريق، كما أن مصادر الإضاءة فوق البنفسجية ساهمت في إظهار الكتابات المطموسة، وتقنية الحامض النووي DNA مكنت من التحقق من هوية الجثث المتحللة وما إلى ذلك من تقنيات لا يتسع المجال لذكرها ... إن الحواس الاصطناعية المتمثلة في العلوم الحديثة مضافة الى الحواس الخمس قد مكنت الإنسان في حاضرنا من تعزيز قدراته إذا ما تم استخدامها بالشكل الأمثل في أي مجال من المجالات.
العلوم الشرطية والتقنيات الحديثة
[post-views]
نشر في: 11 نوفمبر, 2012: 08:00 م