أقامت دار الثقافة والنشر الكردية ندوة ثقافية عن التراث الكردي حاضر فيها البروفيسور الدكتور فؤاد حما خورشيد. أدارها الكاتب حسب الله يحيى وبحضور مدير عام الدار د. حبيب ظاهر العباس ومجموعة من الأدباء والباحثين والمثقفين.
قال حسب الله في تقديمه لحما خورشيد "التراث ذاكرة الشعوب ويجب أن تظل وقادة على ممر الأيام. وقد حاولت الأنظمة الدكتاتورية القضاء على التراث لمسح هوية الشعوب". ومن هنا تأتي أهمية محاضرة الدكتور فؤاد حمة خورشيد وهو صاحب الكثير من المؤلفات الثقافية والتراثية باللغات العربية والانكليزية والكردية، وعمل سابقا مديرا للثقافة الكردية للنشر والترجمة، وأستاذا جامعيا ، وكاتبا صحفيا، وباحثا تراثيا.
وبدأ خورشيد حديثه عن أهمية دار الثقافة والنشر الكردية باعتباره باحثا فيها ومديرا عاما لها سابقا لما تقدمه من خدمة كبيرة للثقافة العراقية عموماً الكردية والعربية .
وعادت الذاكرة بخورشيد الى السنوات السحيقة في تاريخ الكرد فقال إن الفلكلور هو من ضمن القضايا التي تكونت لدى الشعوب في بداية تكوينها وتناقلتها الأجيال شفاهيا. وعندما ظهرت الكتابة بدأوا يكتبون ما يتعلمونه من الطبيعة. والفلكلور هي كلمة حديثة ظهر استعمالها في عام 1846، وتتكون من كلمتين هما (فولك ولور) وتعني علم الشعوب أو دراسة الشعوب وكل ما يتعلق بها في العصور الماضية.
من اجل أن نعرف كيف تكونت العادات والتقاليد والفلكلورية الكردية علينا أن نعود الى الماضي لنفهم كيف بدأت وتطورت. فالبيئة الكردية مثلا هي بيئة جبلية قاسية متذبذبة في مناخها وإنتاجها الغذائي بفعل الظروف الطبيعية التي تحيط بها. وتقسم البيئة في كردستان الى قسمين بيئة الجبال العالية التي تسمى كيستان وبيئة المناطق شبه جبلية الأقل ارتفاعا التي تقترب من سوريا والعراق وتسمى كرمان اي المناطق الدافئة. وكان الكرد في هذه البيئة يعانون من قسوة الطبيعة والثلوج كما يعانون من الغزوات الخارجية وأطماع الدول الأخرى فكانوا ممراُ لتلك الغزوات مثل غزوات هولاكو والفرس والبيزنطيين.
وبخصوص الأساطير الشعبية فإن لدى الكرد العديد منها: مم وزين ومم الان وخورشيد وخاوا. قسم منها تراجيديا أي فيها مأساة وكذلك عيد نوروز الذي تحول من أسطورة الى عيد قومي للعراقيين جميعا وعطلة رسمية . وكانت التقاليد تختلف في الاحتفال به قبل مائة عام فكانوا السكان يخرجون إلى سرجنار وينصبون الخيام ويختارون احدهم كبشا لهم وله صلاحيات مطلقة كالملك ويبقى الاحتفال لثلاثة أيام. أما اليوم فصار عيد نوروز لبس ملابس والخروج إلى الجبال والرقص وإقامة الولائم وعزف الموسيقى.
وعن الأمثال والحكم الكردية أشار خورشيد إلى انه هناك أمثال كردية كما توجد أمثال عربية وأحيانا هناك تقارب بينهما وقد قرأت ذلك بشغف لان ثقافتي بدأت مع اللغة العربية التي اعتز بها. ومن ابرز الأمثال الكردية وهي أقوال مختصرة ومركزة ولها دلالات عميقة وتأتي عن تجارب مريرة سابقة وترتبط مع الحدث. منها: (قمم الجبال لا تلتقي لكن العيون تلتقي) ويطلق كعتاب للذي لا وفاء له. و(إذا كان اللص من أهل الدار فلا داعي لقفل الباب) و(ذو الفقار ليس لكل من يحمل اسم علي) للدلالة على الشجاعة والبأس والقوة وعدم توفر لدى كل شخص. و(هذا العجين يحتاج إلى ماء كثير) ويطلق على الكلام الذي ليس فيه معنى. ويتميز الكرد منذ القدم بقلة الكلام واختصاره بأقل ما يمكن من الكلمات. لذلك تجد الأسماء عندهم مختصرة فمثلا حمة بالكردي تعني محمد ومجا تعني مجيد ورما تعني رمضان وهكذا. وهذه الحالة للتسريع في النداء لاسيما أيام الغزوات والحروب عندما تحدث فالكردي ينادي بالاسم المختصر حتى يضمن الإسراع في الاختفاء والهروب.
وبخصوص الصوفية المنتشرة بين الكرد قال خورشيد إنها قضية دينية بينهم وبين ربهم. وقد ظهرت الصوفية بطريقتين إحداهما القادرية أوجدها الشيخ عبد القادر الكيلاني ومن ينتمي إليها يسمى بالدرويش. أما النقشبندية فهي التي تتعبد وتصلي طول الليل والنهار وقد ظهرت في السليمانية من قبل مولانا خالد ثم تحولت إلى دهوك وضواحيها ويسمون بالصوفية.
وعقب عليه الكاتب حسب الله يحيى فقال:ـ
حما خورشيد لم يتوقف عند الفلكلور الكردي كما هو عنوان المحاضرة بل انتقل إلى التاريخ ووصف أحداثا تاريخية كبيرة. وكنت أود لو أشار د. خورشيد إلى أن صلابة الكردي متأتية من صلابة وقوة الجبل الذي يلوذ به الكردي دائما باعتباره من أهم أصدقائه.
وكذلك أجد أن هناك أمثالا في اللغة الكردية تعود بالأصل الى العربية وبالعكس. أما قضية التصغير بالأسماء فإنها تعود إلى اللغة وليس الفلكلور.