في حديثه لفضائية روسيا اليوم كشف الرئيس السوري عن خططه للمستقبل, وهي تتعلق ببقائه رئيساً للبلاد من خلال صناديق الاقتراع, ورفضه لكل الطروحات التي تتحدث بمستقبل سوريا بعيداً عن قيادته, غير أنه ببساطة لم يكن موفقاً وهو يستحضر من قال إن الغرب حولهم إلى أعداء حين عدد الشيوعية وصدام حسين، ولعل ما فاته هو مصير هؤلاء حين يقول إنه اليوم هو عدو الغرب الذي يؤمن أن المشكلة تكمن فيه وأن عليه الرحيل، لكنه مثل كل حاكم فرد يرفض الإصغاء لغير ما يهمس به المقربون منه والمستفيدون من حكمه.
يتمسك الأسد بموقعه مستنداً إلى الدستور, وإن كان يعترف بعدم إمكانية ربط البلد بأسره بشخص واحد فقط وبشكل دائم, لكنه يظن أنه الوحيد القادر اليوم على إنهاء الصراع واستعادة السلام, وليس مفهوماً من أين يستمد الثقة بأن لامشكلة بينه وبين شعبه, فيعيد أسباب الأزمة التي أودت بحياة أكثر من ثلاثين ألف سوري إلى عداء الولايات المتحدة والغرب والعديد من البلدان العربية وتركيا, وينكر أن حرباً أهلية, ملقياً بالمسؤولية عن الدم المراق على الإرهاب والدعم الذي يحظى به الإرهابيون من الخارج لزعزعة استقرار سوريا.
يعترف الأسد بأنه ليس واقعياً توقع نصر قريب لقواته, ويبشرنا بأن القادم من الأيام سيكون أقسى وأصعب, لكنه يظن أن بمقدور قواته سحق معارضيه خلال أسابيع في حال تم وقف تزويدهم بالدعم الخارجي, ذلك يعني أن كل المبادرات العربية والدولية موضوعة على الرف وأن قبولها والتباحث حول تفاصيلها ليس أكثر من لعبة لشراء الوقت, مع قناعة بأن الحرب مع تركيا مستبعدة لرفض شعبيهما للفكرة, لكنه يتهم أردوغان بمحاولة ضمان مستقبله السياسي من خلال فرضه حكم الاخوان المسلمين على سوريا كما يتهمه بتوهم أنه السلطان العثماني الجديد، وأنه يستطيع السيطرة على المنطقة كما كان الأمر خلال عهد الامبراطورية العثمانية وتحت مظلة جديدة.
في حديثه أكد الأسد ما كان معروفاً من أن العراق يلعب دوراً فعالاً في دعم سوريا خلال هذه الأزمة، وهو دور ترغب الحكومة العراقية أن يظل طي الكتمان, كما اعتبر أن مواقف الجزائر وسلطنة عمان إيجابية وقال إن هناك بلداناً أخرى ليس بصدد تعدادها الآن لديها مواقف إيجابية لكنها لا تتصرف بناء على تلك المواقف, وهو يرى أن المشكلة بين سوريا والعديد من البلدان، سواء العربية أو في المنطقة أو في الغرب هي أن السوريين يقولون لا عندما يعتقدون أن عليهم قولها, وهو يشدد في حديثه على العلاقة الايجابية مع ايران ويكشف أنها لم تكن يوماً ضد السلام بين بلاده وإسرائيل.
يؤكد الأسد أنه لو عاد شريط الأحداث إلى بداياته فإنه لن يتصرف إلا كما فعل, ويعني ذلك إيمانه بكل الخطوات التي اتخذها, مع قناعته بأن الشعب السوري يقف معه ومع خياراته, وأن سبب الأزمة خارجي, لاعلاقة له بتوق السوريين للديمقراطية والتعددية, وبأنه مندوب الكون لمحاربة الإرهاب, وأن مئات آلاف اللاجئين السوريين في دول الجوار يؤيدونه, وبأن المنشقين عن " حماة الديار " ليسوا أكثر من زوائد يستحسن بترها, ويعني ذلك عند أي مراقب منصف العودة للقول المأثور " فالج لا تعالج ".
سلام على سوريا وأهلها الطيبين.