من حق الناس أن يخرج عليهم مسؤول ليقول وبكلام واضح وصريح: من يقف وراء صفقة الأسلحة الروسية الفاسدة، ومن هي الرؤوس التي كان من المفروض ان توزع عليها الغنيمة؟
قبل أيام صفق البعض وهتف وهو يسمع رئيس الوزراء يقول إن رؤوسا كبيرة ستتدحرج في قضية البنك المركزي وكلنا يتذكر علامة النصر التي رفعتها النائبة حنان الفتلاوي وهي تكشف عن المئة وخمسين ألفا من الدنانير التي اهدرها رئيس مفوضية الانتخابات.. وقرأنا كيف قارن البعض بين ابتسامة تشرشل الشهيرة وهو يعلن اندحار قوات هتلر، وابتسامة هيثم الجبوري وهو يعلن مذكرة اعتقال محافظ البنك المركزي.
لا يمكن لأحد أن يظل صامتا مشاركا في سيرك الفساد السياسي والمالي الذي يريد له البعض أن يبقى منصوبا إلى الأبد، فالأجدى والاهم للعراقيين اليوم أن نسعى جميعا لكشف كل السراق ومن يدعمهم، كي لا يظل "الحرامي" منتشيا بغنيمته متفاخرا بها.
يخطئ من يتصور أن فضيحة الاسلحة الروسية ستكون الاخيرة في سجل فضائح الدولة العراقية، أو ان الذين قاموا بها هم نفر ضال لايمثلون الحكومة، ذلك أنه من الواضح أننا أمام عملية سطو منظم على مقدرات وثروات البلاد..، ولهذا اجد من العبث ان يخرج علينا رئيس هيئة النزاهة البرلمانية بهاء الأعرجي ليقول إن روسيا قررت عرض أسلحة جديدة على العراق بدلا من "عمولات المقربين" من مكتب القائد العام للقوات المسلحة.
ومن المضحك ان ننظر للأمر من زاوية ضيقة تقول إن المالكي أمر بإجراء تحقيق في الصفقة، كما اخبرنا المستشار الاعلامي، ذلك أن القصة شديدة التعقيد والألغاز وتعبر بشكل مخيف عن غياب الضمير، وتغيّب القانون والعدالة.
قصة الاسلحة الروسية تقول وكما جاء على لسان مسؤول كبير كشف فيها لصحيفة الحياة اللندنية عن تورط مجموعة من كبار المسؤولين بتلك الصفقة عبر مبالغ رشى وصلت الى 200 مليون دولار، كان من المقرر ان يدفعها وسطاء لهم مقابل شراء طائرات "ميغ 29"و30 مروحية هجومية و42 من أنظمة صواريخ ارض - جو روسية الصنع، واضاف المسؤول ان المجموعة المتورطة بالصفقة كانت قد حصلت على مبالغ اولية مقابل التوقيع على ان يتم الحصول على المبلغ الباقي فور بدء العراق بسداد المبلغ الكلي، وان المبالغ تتراوح بين 25 مليونا و60 مليون دولار هي حصص كان من المفترض ان يحصل عليها نحو 11 شخصاً لهم علاقة بصفقة التسلح.
هذه هي الحقيقة التي يصر البعض على حجبها ولفلفتها من خلال عروض ساذجة من خدع السيرك القديمة، وكلام من عينة ان الامور تسير في طريقها الصحيح.. وان الخلاف لا يعدو ان يكون بين كلمة "عروض" و"عقود" وسينتهي هذا الخلاف اللغوي، فالمسيرة لابد ان تنطلق إلى الإمام، الصفقة لا غبار عليها منهم وان الأمر لا يعدو سوى حسد عيشة.
وبما أنها السيد رئيس هيئة النزاهة اخبرنا بان هناك عمولات ستستبدل بأسلحة فان من حقنا ألا تكون هناك أقوال بل أفعال، ولعل أول فعل أخلاقي نطلبه منه ان يخبر العراقيين جميعا بأسماء أصحاب العمولات.
ان فضيحة الاسلحة الروسية، وهي تكرار لجرائم وسرقات كثيرة ارتكبت وسترتكب في المستقبل وإن اختلفت التفاصيل والوجوه، لأن القانون يجرى تغييبه وتجاوزه بمعرفة من هم مسؤولون عن تطبيقه والدفاع عنه، ولعل الرسالة القادمة مما جرى في هذه الصفقة، وما يجري في كواليس الدولة العراقية تؤكد ان البعض غير خاضعين للقانون، وعليه فإن الصمت والسكوت أمام هذه الجرائم والفضائح يعني تسليما من البرلمان بالأمر الواقع الذي يحاوله مقربو الحكومة فرضه.
الدموع التي ذرفها البعض خلال الايام الماضية من اجل رئيس الوزراء ونواياه الطيبة تجعلنا نضرب كفا بكف ونتساءل من أين لهم كل هذه الطاقة الجبارة على حرق الحقائق والقفز عليها؟، بحيث يبدو رئيس الوزراء من منظور المقربين والمستشارين بلا حول ولا قوة وكل ما قيل عن تدخله في كل صغيرة وكبيرة ومنح نفسه كثيرا من الصلاحيات، ومحاولة تسليم زمام الدولة بيد المقربين والمناصرين، وتكريس سلطة الرجل الأوحد، ما هو إلا هلاوس وضلالات تستبد بالمشاغبين أمثالنا والساعين إلى دولة المواطنة.
ببساطة شديدة البعض يريد أن يوهمنا بان السيد المالكي يواجه قوى ظالمة فلماذا الغضب من صفقة عليها شبهة فساد، واللجوء لتدابير وقرارات استثنائية ضد المتورطين، المهم أن يستمر فريق الحكومة بعرض مبارياته اليومية من على شاشة التلفزيون حتى وان لم يلتزم أعضاء الفريق بقواعد الامانة والصدق.
من هو الراعي الرسمي للصفقة الروسية؟
[post-views]
نشر في: 11 نوفمبر, 2012: 08:00 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
جميع التعليقات 3
احمد فرج
Maniaالأسلحة إلامَ يقودنا نحن رعايا هاته الدول العربية ؟ فما الإنجاز العسكري المتحقق من كل تسليحاتنا على مدى العقود التي احرقت ماكان بإمكانه من أموال طائلة أن تبني من مدارس و مستشفيات ومساكن وسدود وقبلها توفير الطاقة..ألم نعتبر بعد أن السلاح وحده لا يحمي
hamza
maliki has to be removed from office and should be arrested , exactly like what they did and wanted to do to the central bank governor. this is fair I guess
ابو عبدالله
السلام عليكم....لا احب ان اقلل من اهميةمكافحة افة الفساد والرشوة المنتشرة في مفاصل الدولة جميعها بدون استثناء ولكن قبل ان نطالب ان يكشف المالكي او من يسمون انفسهم الامناء على اموال الشعب العراقي يجب ان نطالبهم بكشف قتله الشعب العراقي الذي اصبح المال الذي