اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > شوارعنا وأرصفتها تتحول إلى محال وبسطيات غير قانونية

شوارعنا وأرصفتها تتحول إلى محال وبسطيات غير قانونية

نشر في: 12 نوفمبر, 2012: 08:00 م

أغلب الطرق والشوارع الرئيسية  وكذلك الفرعية تحتاج الى إدامة وترميم سواء في العاصمة بغداد أو بقية المحافظات، فتخسفات المجاري أو الحفريات، فضلاً عن آثار العجلات العسكرية عليها وتأثيرات مواقع الحواجز الكونكريتية، لها مردودات سلبية على نفسية المواطن المتخم بالأزمات، تلك الشوارع التي كانت يوما من أيام الزمن الجميل، ملاذا جميلا يبعث الراحة والاطمئنان والسعادة بقلوب المارة، أصبحت اليوم مقطعة بالحواجز الكونكريتية ونقاط التفتيش وبسطيات الباعة المتجولين مما يبث الألم والمرارة في قلوب الناظرين إليها، بل أن شوارع بعض المناطق في بغداد ما أن يسمع صاحب التاكسي باسمها حتى يفر هاربا تاركا رزقا جيدا من اجل الحفاظ على سيارته من الخراب الذي يملأ شوارعها، اليوم تم إكساء بعضها وما عادت كما كانت لكنك وعلى الرغم من ذلك لا تستطيع السير فيها والسبب هذه المرة هو الحواجز الكونكريتية وتجاوز الناس على المال العام وحقوق الأفراد بمسميات عدة منها (الرزق) و(على باب الله) وغيرها من الأسباب التي جعلت من الشارع ليس ملكا عاما إنما ملك من يستولي عليه أولا.
التجاوز على الأرصفة
بات التجاوز على الأرصفة أمراً عادياً، وما عاد الرصيف مخصصا لسير الناس فقد تجاوزت البيوت التي تقع على الشوارع الرئيسية على تلك الأرصفة وجعلت منها حدائق أو مخازن، وآخرون شيدوا عليها محال لمهن مختلفة، وعلى الرغم من هذا الأمر يعد تجاوزا على المال العام وحرية حركة المارة، وفي الكثير من الأحيان يصبح جزءا من الشارع العام "كراجا" لوقوف سيارة صاحب البيت، على الرغم من أن تلك التجاوزات تجري أمام أنظار موظفي الأمانة لكن لا احد منهم قادرا على إيقاف تلك التجاوزات والأسباب قد يعرفها رجل الأمانة فقط ...... كان في السابق يتم الاشتراط على من يبني دارا أو عمارة التوجه إلى الأمانة ومعاينة الخريطة التي سيقوم ببناء البيت على أساسها، ويكتب تعهدا خطيا بعدم التجاوز ورفع الأنقاض وعدم التأثير على الطريق العام للمواطن.
(توثية سمير الشيخلي)
أصحاب العمارات كان عليهم أن يتركوا أكثر من متر خلف البناية للاحتياطات والأنقاض إلا أننا اليوم نشاهد أن تلك المسافات الضيقة تؤجر كدار سكنية للحارس أو غيره، وكان في السابق إذا ما خرجت لجنة من الأمانة لمعاينة بناء هذه الدار أو تلك تتم معاقبة صاحب البناء وسحب الرخصة في حالة مخالفته الشروط، اليوم نرى أصحاب العمارات الذين شيدت عماراتهم بطابقين بنوا أدوارا ثالثة ورابعة دون اخذ الاحتياطات اللازمة للامان، وكذلك فإن صاحب الدار صار يبني له "تواليت" أو حديقة على الشارع العام وكل هذا يجري بعلم رجال الأمانة، أقولها وبأمانة لقد ذكر لي احد الموظفين قائلا: إن الدار المتجاوزة تدفع لمراقبي الأمانة والمراقبين فرحين بهذا الأمر مع غياب الردع والمساءلة، نحن بحاجة الى الإجراءات القانونية الصارمة  التي كانت تجري في السابق.
أنا لست مع (توثية) سمير الشيخلي سابقا حينما كان يمر على عمال النظافة ويجدهم خاملين عن العمل يقوم بضربهم أمام الناس، نحن ضد تلك التصرفات ولكن يجب على الدوائر المعنية مع تعدد عناوينها أن تتبع الحزم  في تطبيق القوانين على الذين يقومون بتشويه وجه عاصمتنا الحبيبة بمخالفاتهم، وللأسف أن البعض منهم يستغل كلمة (على باب الله) ليديم التجاوز على الحق العام.

سرادق العزاء
وقطع الشوارع
بسبب المساحة الضيقة لأغلب دور المناطق السكنية الشعبية فقد يلجأ اغلب الناس حينما يصبح لديهم مأتم إلى بناء سرادق العزاء في منتصف الشارع، ويتم قطعه أمام حركة السيارات لمدة ثلاثة أيام، وعلى الرغم من وجود بعض الأرصفة الفارغة إلا أن البعض يحلو له إقامة عزائه في الشارع  على الرغم من سخط المواطنين على الميت وعائلته، والمعروف أن أغلبية سكان المناطق الشعبية لا تعمل عزاءها في الجوامع او الحسينيات، لذا نقترح على المجالس البلدية أو مجالس المحافظات تخصيص قطعة ارض داخل المنطقة وإقامة بناية عليها  لمآتم المنطقة يساعد في رفع التجاوز الحاصل على الشارع وانقطاع السير فيه، علما  أن هناك عددا من الحالات المرضية تستوجب السرعة في الذهاب إلى المستشفيات عبر هذه الطرق ولكنها تصل متأخرة بسبب قطع هذا الطريق أو ذاك.
يقول أبو عدنان وهو احد وجهاء العشائر: نحن مضطرون لهذا العمل فالناس تأتينا من مناطق بعيدة ونحن مجتمع عشائري علينا إكرام الضيف وهذا لا يتوفر في الجوامع والحسينيات  لأنها لها وقت محدود بالعزاء، وربما نربك وضع المصلين بإقامة المأتم فيها، وبشأن اقتراح بناء مكان يخصص لهكذا مناسبات فقد رحب بالفكرة وقال إنها تحل الكثير من الإشكالات ولكن من ينفذ هذا المقترح وأين يجدون قطعة الأرض فإذا أصبحت بعيدة عن بيت أصحاب العزاء يكون الأمر مربكا ومتعبا.

باعة الفلافل
وظاهرة التخسّف
في أكثر المناطق الشعبية وعلى شوارعها العامة تجد الكثير من أكشاك بيع الفلافل وبين كشك وآخر لا تتجاوز المسافة بينهما عشرين مترا وعلى الرغم من أن هؤلاء اغلبهم من الشباب ويمارسون عملا شريفا لسد قوت عوائلهم، إلا أنهم في نفس الوقت سببا رئيسيا في التخسفات الحاصلة في اغلب الشوارع.
 يقول موظف الأمانة كامل أبو حسن  إن المياه التي يقوم أصحاب هذه الأكشاك بسبكها في الشارع العام، أو وضع مغاسل بالقرب من أكشاكهم لخدمة الزبون،  فإنها تساعد على حفر الإسفلت وخاصة في افصل الصيف، فتجد أمام كل كشك حفراً كبيرة و(طسات) تساهم في التأثير على حركة السير وكثيرا ما نصحناهم بعدم رمي الأوساخ في الشارع إلا أنهم لم يذعنوا لهذا الأمر، ونحن إن عاقبناهم بالغرامة فكأننا نعاقب عوائلهم وأطفالهم.
بائع الفلافل جبار محمد يقول : أنا خريج كلية التربية ولم أحظ بفرصة تعيين وكلما قدمت أوراقي إلى وظيفة ما، يقولون لي سوف نتصل بك ولا يتصلون واليوم جعلوا التعيين على الانترنت على أساس منع الفساد الإداري، والحقيقة هي خدعة كبيرة لان الذي يشرف على الانترنت هو موظف أيضا ويستطيع التلاعب بالأسماء لهذا لجأت إلى بيع الفلافل ولا علاقة لنا بالتخسفات في الشارع، وهم يبررون فشل مشاريعهم في تعبيد تلك الطرق بصورة صحيحة ووفق القوانين والمعايير الهندسية العالمية، فان إكساء الشوارع بمواصفات جيدة، لا يتأثر بالسيول. وتابع جبار بقوله هذا مبرر لفشل ولفساد إداري ومالي ولو كانت هناك لجان تعمل بنزاهة لأحالت أصحاب تلك العقود وموظفي الأمانة إلى القضاء ولكن لا حياة لمن تنادي كما يقول.
مهنة تزيين السيارات
حينما كنت أهم بعبور الشارع كانت بعض الأوراق الكبيرة تتطاير بفعل الرياح وما أن نظرت إلى مصدرها حتى وجدت مجموعة من محال تزيين السيارات تصطف لعمل العلامات والكتابات على السيارات، شاهدت احدهم يتبادل الحديث مع صديق له وهو ينزع الورقة عن اللاصق ويرميها في الشارع، اتجهت نحوه وحاولت جاهدا لجم غضبي من تصرفه لأني اعرف العبارات التي سيطلقها هو وغيره عن شخص غيور على جمال وحسن بلده قلت له: أنا صحفي وبودي أن أوجه لك سؤالا محددا، قال تفضل قلت له هل ذهبت إلى إيران أو لبنان أو أية دولة أخرى؟ رد بنعم سافرت إلى إيران قلت له ما الذي أعجبك فيها؟ قال نظافتها ثم اخذ يحدثني عن جمالها وناسها مضيفا : يا أخي تصور أنهم لا يرمون أعقاب السكائر في الشوارع، ولا ورق المناديل لأنهم حريصون على بلدهم، بعدها قلت له وهل أنت حريص على بلدك فأجاب: نعم. قلت له كيف وأنت ترمي كل هذه الأوراق في الشارع وتجعل جهود العاملين على التنظيف مضاعفة، حاول أن يبرر بقوله إن الأمانة لم تمنحنا صناديق أو كابينات لجمع النفايات، قلت له ولماذا لا تجمعها في كيس وحينما تأتي الأمانة تودعها في السيارة قال "هاي شغلتهم ويقبضون عليها رواتب".. ثم تركني وهو يرمي (قوطية) البيبسي في الشارع وكأنه يسخر مني.
عدت ثانية في الليل إلى ذلك المكان فوجدته مكبا زاخرا بالنفايات والأوراق، وشاهدت صبيا من عمال الأمانة يكنس هذه النفايات وتألمت لمنظره لأنه كان شابا يافعا يستحق أن يكون في بيته أمام حاسبته يتعلم من العالم فنون الحياة قلت له : لماذا لا تبلغون رؤساءكم في العمل عن هذا التجاوز فقال: رؤساؤنا في العمل يمرون يوميا من هنا ويشاهدون كل هذه النفايات ولا احد منهم يتجرأ على اتخاذ أمر بمعاقبتهم ولكنهم إن مروا من هنا ليلا ووجدونا لم ننظف المكان من هذه القمامة فإنهم يقومون بقطع رواتبنا ، حلفني بأغلظ الإيمان أن لا اذكر اسمه او أقوم بتصويره لأن الأمانة ستقوم بفصله!!
العراقيون وتسمية الوطنية
أمين بغداد السيد عبد الحسين المرشد وجه بإزالة التجاوزات الحاصلة على الأرصفة والشوارع التي عطلت تقديم الخدمات وفقاً للقانون. وقال في حديث خص به الصحف كافة :" إن أمانة بغداد تتعرض لضغوط جماهيرية واسعة تطالب بإزالة التجاوزات على الأرصفة والشوارع التي شوهت منظر العاصمة وعطلت الخدمات فيها وستتم المباشرة بإزالتها وفقاً للقانون. وأضاف: إن التوجيهات صدرت إلى الدوائر البلدية ودائرة الأمن والحراسات التابعة لأمانة بغداد للتنسيق مع قيادة عمليات بغداد بإزالة هذه التجاوزات التي تعيق حركة السابلة والمركبات وشوهت جمالية العاصمة بغداد وأعاقت أجهزة أمانة بغداد الخدمية عن تقديم الخدمات للمواطنين. وشدد على أن أجهزة أمانة بغداد ستباشر على وفق خطط أعدت لذلك إزالة هذه التجاوزات وفقاً للقانون". بحسب أمين بغداد.
وفي اليوم التالي عادت الأكشاك وعاد التجاوز وعادت كل صور الاعتداء على الحق العام بصورة واضحة وجلية، هذا يذكرني بأيام النظام السابق حينما كان يقيم يوما للنظافة وكانت السنة كلها بلا نظافة، فينبري الحزبيون ومعهم الأهالي بتنظيف مناطقهم فتظهر بهية في ذلك اليوم وتقوم عدسة تلفزيون العراق بتصوير دعوة القائد إلى يوم النظافة وتقام الاحتفالات والخطب وتقديم وثيقة بالدم لهذا الانجاز العظيم الذي تولد من مخاض عسير لفكر السيد القائد!
الحاجة لثقافة النظافة
ما زلنا نعيش أهزوجة النصر بانتصاراتنا الآنية التي ما ان يمر يوم عليها حتى نشعر بخيبة الأمل، حينما تكون المعالجة لمرض بسيط خاطئة فان المعالجة تعد أسوأ من ترك هذا المرض يأخذ حيزه فتمنعه بعد ذلك دفاعات الجسم بالتأقلم معها، نحن بحاجة إلى ثقافة نظافة وثقافة حب الوطن وثقافة الإخلاص لهذا البلد والخوف عليه كأننا نخاف على أمهاتنا من ليلة غابرة تمنع الأوكسجين عن صدورهن الرحيمة، نحن بحاجة الى تأسيس، والى إعادة تهيئة او كما يقال في علم الحاسوب (الفورمات) لان الشعب تربى على أن الوطن يعني الوطنيين فقط، والوطنيون في المصطلح البعثي تعني رموز السلطة ومحبيهم وهذا أسوأ الأشياء لان الوطنية هي القيمة العليا التي يتشرف بها المواطن ويتباهى بها ولا تعد عيبا عليه.
وختاماً أقول: "الوطن أحيانا مرآة معتمة يصقلها الوطنيون بالرمل والجهد فتشع كأنها امرأة حسناء، بعض الوطنيين! عندنا يجلونها (بكاغد جام) كي لا تكون براقة فتظهر عوراتهم!".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

طقس العراق.. أجواء صحوة وانخفاض في دراجات الحرارة

أسعار صرف الدولار تستقر في بغداد

تنفيذ أوامر قبض بحق موظفين في كهرباء واسط لاختلاسهما مبالغ مالية

إطلاق تطبيق إلكتروني لمتقاعدي العراق

"في 24 ساعة".. حملة كامالا هاريس تجمع 81 مليون دولار

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram