قالت صحيفة لوس أنجلوس تايمز إن التحالف الناشئ بين مصر يمثلها، الرئيس محمد مرسي وتركيا ممثلة في رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، يعكس مناورة رئيسين إسلاميين لإعادة تشكيل الشرق الأوسط.
وأشارت الصحيفة إلى أن مصر وتركيا يسعيان إلى تشكيل تحالف يظهر مناورات القادة الإسلاميين في البلدين لإعادة تشكيل شرق أوسط يرزح تحت وطأة الاضطرابات السياسية والمعارك العاطفية حول دور الدين في الحياة العامة.وأضافت أن العلاقة بين مصر وتركيا قد تشير إلى نظام إقليمي ناشئ، تتلاشى فيه سيطرة الولايات المتحدة تدريجيا في مواجهة الأصوات الإسلامية التي لم يعد يمكن احتواؤها بالجيوش أو الأنظمة المستبدة الموالية للغرب.وبرغم أن لكل من البلدين رؤيته الخاصة بشأن الإسلام السياسي، غير أن كلاهم يكملان بعضهما الآخر في الوقت الراهن، فاقتصاد تركيا القوي قد يساعد على إنقاذ مصر من أزمتها المالية، بينما قد تعزز القاهرة طموح أنقرة في أن تصبح قوة بين الحكومات المدعومة إسلاميا.ومضت بالقول إن البلدين من المرجح أن يؤثرا على إراقة الدماء المتزايدة في سوريا وتأثير الدول النفطية في الخليج ومستقبل السياسات تجاه إسرائيل والفجوة بين الإسلاميين المعتدلين والمتشددين. فالبلدان يطرحان خطوطا متنافسة بين التقليدية والمعاصرة. وقال أحمد أبو حسين، محلل شؤون الشرق الأوسط بالقاهرة، إن تركيا استطاعت تحقيق التوازن بين الدين والدولة العلمانية، وهو ما نرى نقيضه في مصر، حيث لم نستطع التوازن بين الدين والدولة حتى الآن والجميع يعاني ارتباكا.وتأتي محاولات البلدين لتعميق العلاقات بينهم وسط ضغوط دولية ومحلية من الثورات التي تعمل على إعادة صياغة السياسة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويسعى أردوغان لجعل الديمقراطية التركية نموذجا للحكومات العربية، فيما يرغب مرسي في استعادة مكانة مصر العالمية.
وفيما سمحت الدبلوماسية التركية وجودة الاقتصاد لجعل البلاد أكثر قدرة لبسط نفوذها الإقليمي، فإن الحرب الأهلية في سوريا، التي مزقت العلاقات بين أنقرة ودمشق، تركت أردوغان يبحث عن خطط لإنهاء الصراع على حدود بلاده.
كما أن تركيا أثارت غضب إيران، الحليف الأقوى لسوريا، بتوقيعها على نظام ردع صاروخي مدعوم من الولايات المتحدة. فيما وصفها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بأنها دولة معادية واتهمها بتهييج التوتر الطائفي في بلاده.وترى الصحيفة أن مرسي كان لديه بعد نظر سياسي أفضل من أردوغان، مشيرة إلى زيارة الرئيس المصري، الذي ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين، إلى طهران أغسطس/آب الماضي في سبيل تحسين العلاقات المصرية الإيرانية، وفي الوقت نفسه فإنه أثار غضب إيران بإدانة قمع الأسد للمعارضة.وتلفت الصحيفة الأمريكية أن كلا من أردوغان ومرسي يواجهان انتقادات بارتكاب ممارسات استبدادية، إذ أن الحكومتين تمارسان اعتقال المعارضة والصحفيين.
وتوضح أن تشابه الاثنين ينبع جزئيا من تأثير جماعة الإخوان المسلمين في مصر على المنظمات الإسلامية في أنحاء المنطقة، بما في ذلك حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي له رئيس الوزراء التركي.
غير أن السؤال الذى يلح حاليا هو كيف سيقوم أردوغان ومرسي بمناورتهما حول سياسات المنطقة، التي يسعى كلاهما للتأثير عليها، في ظل اعتبار مصر هذا الأمر بصفتها قضيتها التاريخية والستراتيجية؟
ويقول كمال كرسكي، أستاذ العلوم السياسة والعلاقات الدولي بجامعة البوسفور في إسطنبول: "لا أعتقد أن مصر، حتى في ظل حكم الإخوان المسلمين، يمكنها أن تتقرب من بلد ترغب في التدخل والسيطرة على المضمار السياسي لمصر".