أم كلثــــوم في بــــغـــداد
في مثل هذا اليوم من عام 1932، حلت الفنانة العربية الكبيرة أم كلثوم في مدينة السلام بغداد، لتحيي فيها عدداً من الحفلات الغنائية. وكانت تلك الزيارة الفنية مناسبة بغدادية جميلة، فكتب عنها وعن ذكرياتها الكثير. واليك بعض الشذرات من تلك الأيام، أيام الزمن الجميل، أيام أم كلثوم ببغداد.
كما أن أم كلثوم تأثرت بما كان عليه المجتمع العراقي فارتدت العباءة العراقية السوداء، وزارت الموسيقي العراقي يوسف زعرور (عازف القانون) في منزله، وتلك الزيارة هو الأولى لبغداد من اثنتين، حيث كانت الثانية في شهر مايس/ مايو عام 1946، وكانت في السنوات اللاحقة تتمنى أن تزور بغداد، وكما قال الشاعر المصري صالح جودت في مقال له نشرته مجلة الشبكة اللبنانية في نيسان/ ابريل عام 1968، حين شرح لها حب العراقيين لها أنها قالت لو جاءتها دعوة لما تأخرت في تلبيتها.
ونشرت إحدى الصحف هذا الإعلان: (بشرى عظمى نزفها إلى العراق اجمع/ الآنسة أم كلثوم في بغداد) قالت فيه: (الآنسة أم كلثوم ولا يخفيكم ما للآنسة ام كلثوم من منزلة عظمى في قلوب جميع الشرقيين .. تلك النجمة الساطعة نجمة الشرق وكوكبه اللماع الفنانة الموسيقارة التي ذاع صيتها في العالم كله، صاحبة الصوت الملائكي ستزورنا في الشهر المقبل مقلة إحدى طائرات الشركة الإمبراطورية التي تصل بغداد في 16 تشرين الثاني وفي الليلة التالية تبتدئ أولى حفلاتها في (اوتيل الهلال) بالميدان وقد اتخذت إدارة هذا الاوتيل جميع التدابير اللازمة من النظام والترتيب لراحة الشعب من جميع الوجوه وقد خصصت محال منفردة للسيدات استعدادا لهذا المقدم الميمون ، فعلى الشعب العراقي الكريم أن ينتهز هذه الفرصة النادرة لمشاهدة أبدع فنانة مطربة اشتهرت في العالم تزور العراق مع جوقها الشهير لأول مرة.
الافتتاح العظيم لأول حفلة من حفلات الآنسة أم كلثوم سيكون يوم 17/11/ 1932، ستباع بطاقات هذه الحفلة في شباك الاوتيل المذكور أعلاه وأجور التذاكر كما يأتي: موقع ممتاز (500) فلس في صحن الصالة، موقع ممتاز (500) فلس في البلكونات، موقع أول (375) فلسا في صحن الصالة، موقع ثاني (250) فلسا في صحن الصالة)، وفي إعلان آخر نشر في الصحيفة ذكر (خصص محل خاص للسيدات منعزل تماما عن محال الرجال له مدخل خاص من أول سوق الهرج تجاه دائرة التقاعد سابقا ، وخدمة لراحة السيدات ستقوم بخدمتهن نساء) ، وعلينا أن نقرأ جيدا في معنى الإعلان الذي يؤكد أن النساء العراقيات مغرمات بأم كلثوم مثلما الرجال ، وصورة معبرة عن واقع المجتمع العراقي آنذاك . وأقامت ام كلثوم عددا من الحفلات لتقوم يوم العاشر من شهر كانون الاول/ ديسمبر مأدبة طعام، اجتمع عليها الأدباء والشعراء وأهل الصحافة، وهو تعبير عن تقديرها لهم، وقد نشر الخبر في الصحيفة يوم 11/12 كما يأتي : (أقامت حضرة الآنسة أم كلثوم عند ظهر أمس مأدبة أنيقة في فندق الهلال، دعت إليها رجال الصحافة والأدب)، وخلال المدة المتبقية أقامت ام كلثوم حفلات مسائية يومية كانت إحداها نهارية خاصة بالسيدات في (سنترال سينما) ثم أقامت الحفلة الثانية عشرة : (حفلة ممتازة) كما جاء في توصيفها من قبل صحيفة (العالم العربي) التي نشرت الخبر ، وصولا إلى خبر الحفلة الأخيرة (الآنسة أم كلثوم - الحفلة الوداعية الأخيرة - استجابة لرغبة الجمهور العراقي الكريم وستغادر العراق يوم الأحد القادم 18/11/ 1932.