إياد الصالحي
لم تزل شخصية رجل الكاوبوي وهو يمتطي صهوته متجهاً صوب قرية ما يبحث عن فريسته ليبسط قوته وعنجهيته ويُخيف الناس الذين غالباً ما يلتزمون الصمت والتحديق في وجهه من دون أن يتورط أحدهم في الخروج له متحدياً وساخطاً وثائراً لكرامة أهله ، وتبدأ المطاردة بسيناريو مثير ينتهي بعودة رجل الكاوبوي الى بيته نادماً على ما اقترفه من تصرّف عبث بأمان واستقرار تلك القرية التي تعاود نشاطها اليومي مستذكرة حماقة الرجل ومتدبرة غـدها بمزيد من الحذر واليقظة لفضح كل مَن تستهويه المغامرة الفاشلة.
ويبدو أن شخصية رجل الكاوبوي استهوت البعض ممن بسطت امامهم صلاحيات تحديد مصير ومقدرات الاندية الرياضية وهي مقبلة على عهد دورة انتخابية جديدة لقيادة رياضييها بنجاح وتأمين مستلزمات عملها في ظل نخبة من أهل الخبرة الذين يشكلون توليفة مجلسها الإداري المنتخب، بدليل ان البيان الذي تقدم به الامين المالي لنادي الاتصالات والبريد منعم جابر الى وزير الشباب والرياضة المهندس جاسم محمد جعفر يضع القارىء العادي قبل المتابع المتخصص والإعلامي الحـذق وكل مَن له شأن في انجاح مهمات الاندية في حالة قلـق وتخوّف مما يجري لهذا النادي او غيره في ظل الصراع المحموم لبعض ممثلي الوزارات والمؤسسات المنضوية لها تلك الاندية طمعاً بنصيب في إداراتها من جهة وتفسيرهم (المصلحي) لتبني المهندس جعفر سياسة تفويض مرجعيات الاندية المؤسساتية صلاحيات مطلقة في اختيار رئيس النادي باعتبارها مسؤولة عن تمويلها ومتابعتها إدارياً وقانونياً ومالياً وهو ما حصل بالضبط مع ناديي الجــوية والشرطة.
نحن مع تلك السياسة لأنها عادلة في رعاية مصير النادي كاملة من مرجعه ، لكن أن تجد الهيئة العامة لنادي الاتصالات والبريد مجلس إدارته على قارعة الحل المفاجئ من دون أن يكون لوزارة الاتصالات والبريد كما علمنا أي دور في قرار وزارة الشباب والرياضة مثلما يُفترض من خلال التنسيق او التصارح قبل هــدّ كيـان النادي وتشكيل هيئة مؤقتة لإدارته شروعاً باستكمال إجراء الانتخابات من دون توضيح شفاف يأخذ بنظر الحسبان موقف العمومية صاحبة السلطة الوحيدة في أية خطوة تمس مستقبلها ، فهذا لا يمت بصلة للآلية الحضارية التي دأبت عليها اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات والتي سبق أن ثمّـنا موقفها ونزاهتها وحياديتها وقـوة مهنية رجالها وليس نفوذهم.
وبالمناسبة، كانت (المدى) أول مَن بشَّـر الأندية الرياضية بقرار وزير الشباب والرياضة بعدم التدخل في خيارات المؤسسات التابعة لها في انتقاء مرشحيها لمناصب الرئيس وأميني السر والمالية في الانتخابات الراهنة بعدما تحدّث لنا جعفر بشفافية استلهم قراره فيها من معاناة عــدد من الوزارات التي خصصت حصة كبيرة من ميزانياتها لرؤساء أندية فشلوا في استثمارها بالأمكنة المناسبة وضاعت في مهب ريـح الدوري وأعباء تكلفة صفقات نجوم من سراب!
لا بأس أن تتحمل الوزارات عملية التغيير في مفاصل إدارات أنديتها عبر انتخاب شخصيات مؤهلة للعمل الرياضي ، لكن في الوقت نفسه يجب ان تتم تلك العملية بوجود الهيئة العامة صاحبة اليــد العليا في التصويت لهذا المرشح او ذاك ، وكذلك ان يؤخذ بنظر الحسبان وجود شخصيات رياضية تحمّلت أعباء المرحلة السابقة ولديها أجندة تطويرية لخدمة النادي في استحقاقاته المحلية والخارجية ولا يجوز تهميشها وإقصائها بجرة قلــم، الحــل مهما كانت دواعي القرار ورغبة الوزارة المعنية بتولي ممثلها سدة الحكم الاداري التي ثبت تصدّعها بغياب الرجال المخلصين من أبناء الرياضة الحقيقيين الذين يرفضون الإنبطاح تحت ضغوط الابتزاز والتهديد والتواري خلف صفقات العلاقات المشبوهة ، هم لا يساومون أصواتهم وتاريخهم في لعبة مفضوحة ، ولا يمكن أن يصبحوا صهواتٍ مطيعة لرجل كاوبوي عابـــر!
