بالأمس كتبنا عن وضع البصرة المأساوي الذي اشتكى منه مواطنون عبر إحدى الفضائيات، واليوم يحذرنا رئيس اللجنة التربوية في مجلس ذي قار، من انهيار التعليم في المحافظة، في حال عدم سد النقص الحاصل في الأبنية والمستلزمات المدرسية، واتهم شركات عراقية وإيرانية بالتلكؤ في إنجاز 174 بناية مدرسية، وأكد مسؤول محلي أن الطلاب يفترشون الأرض ويؤدون امتحاناتهم في العراء منذ ثلاث سنوات "لاحظ الزمن"! أما المدارس التي حباها الله بنعمة السقوف فان الصف الواحد فيها يضم 80 تلميذا هذا فضلا عن وجود 65 مدرسة آيلة للسقوط!
بين الناصرية والبصرة "شمرة عصا" لكن ما بينهما من الأواصر ما تستدعي تعليق الـ"سبع عيون" ورفع شعار "عين الحسود تبلى بالعمى".. فكلتاهما تعانيان، ليس من سوء الخدمات وإنما في انعدامها في أكثر مفاصل الحياة حيوية وفي المقدمة منها التعليم، ففي كلتاهما مدارس آيلة للسقوط.. وفي كلتاهما تكديس للطلبة.. وفي كلتاهما مدارس لا تستحق أسماءها!!
والمثير للسخرية أن من يشتكي من هذه الحالات هم أعضاء مجلسي المحافظتين، وهما المجلسان اللذان يتسلمان كامل مخصصاتهما بملايين الدولارات من ميزانية الدولة، ورغم ذلك هناك امتحانات في العراء ومدارس آيلة للسقوط!!
ومشكلة ذي قار في المدارس الآيلة للسقوط تبدو مستديمة وأبدية، والعذر مع مجلس المحافظة صراحة، فهذه معضلة انشغل بها كبار عباقرة الهندسة، فلا أحد يعرف الطريقة المثلى في تهديم المدارس الآيلة للسقوط وإعادة بنائها، فهناك مخاوف من انهيارات في قشرة الكرة الأرضية واحتمالات اختلالات في الضغط الجوي مما يعرض المحافظة والبلاد عموما إلى مخاطر إعصار مشابه لساندي الأميركي، لذلك ومن مواقع الحرص الوطني قرر مجلس محافظة ذي قار الإبقاء على الوضع كما هو، رغم السنوات الثلاث التي بذلها في معالجة هذه القضية، متحاملين على جراح الخبثاء الذين قالوا ان القضية من الممكن حلها عن طريق مقاول عراقي شريف ونظيف خلال ثلاثة أشهر وليس ثلاث سنوات!!
وللشهادة فلا تقصير للمجلس إذا قارناه مع بقية مجالس المحافظات، وهو يستحق جائزة الدولة من الدرجة الأولى حاله حال بقية مجالس المحافظات لأنه رغم كل الجهود التي بذلها خلال ثلاث سنوات مازالت المحافظة العزيزة تعاني من مدارس آيلة للسقوط، ماذا في ذلك ما دمنا في "الهوى سوى" وحسب بعض الخبثاء، ما فرقنا عن عاصمة تحتل المركز الثالث في أوسخ عاصمة في العالم، وما فرقنا عن حكومة نالت أعلى درجات الفساد المالي والإداري، وأضاف هؤلاء الخبثاء، ما فرقنا عن فساد صفقة الأسلحة المجهولة مافياتها حتى الآن، وأضافوا، ما فرقنا أيضا في أننا الدولة الأولى في العالم الطاردة للكفاءات، وزادوا، ما فرقنا عن سطوة شركات وهمية تتسلم ملايين الدولارات ثم تختفي في لمحة بصر وأمام بصر المسؤولين عن حماية المال العام في العاصمة.
في ذي قار وغيرها يسألون دائما ما فرقنا اذا كانت حكومتنا الاتحادية مازالت تبحث عن فساد صفقة السلاح الروسي عندما كان رئيس الوزراء نوري المالكي رئيسا للوفد.. فما أهمية مشهد الطلاب وهم يؤدون امتحاناتهم في العراء تيمنا بأغنية فيروز الخالدة "هل دخلت الغاب مثلي وتلحفت السماء"!