اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > مواطنون: الزحام موت بطيء تمارسه سيطرات أجهزة كشف العطور

مواطنون: الزحام موت بطيء تمارسه سيطرات أجهزة كشف العطور

نشر في: 20 نوفمبر, 2012: 08:00 م

من يبحث عن الأزمات والمعاناة عليه أن يذرع شوارع بغداد بسيارة أجرة وليس راجلاً، وان يتنقل بين سيطرات التفتيش وما أكثرها في عراق ما بعد التغيير، نقاط تفتيش ثابتة وأخرى مؤقتة، التي يطلق عليها بنقاط المرابطة، والثالثة تسمى بالمشتركة والحواجز الكونكريتية وبسطيات الشوارع، التي أصبحت عناوين رئيسية للعاصمة التي كانت يوما ما من أجمل المدن وأكثرها رقيا وألقاً، أما اليوم فيراها زائرها وكأنها مدينة  أدمنت عشق الخراب وتعلقت بأذيال التخلف.

الزحمة التي تعيشها العاصمة لا تختلف عن الأزمة بل هي أزمة مفتعلة ويمكن معالجتها منذ سنوات، لكنها بحاجة إلى ضمائر نقية وسرائر ناصعة ونوايا صافية، وللأسف تلك الصفات أصبحت من المعجزات داخل شريحة ساستنا الجدد.

المواطن وكابوس الزحام

المواطن العراقي الذي انتظر، طويلا وعويلا، التغيير الذي حصل في البلد، أتت رياح الساسة الجدد بما لا تشتهي سفن أمانيه، فمع غياب ابسط الخدمات الإنسانية هناك أزمة كبيرة وخطرة لكونها كابوساً يتعايش معه يوميا، فضلا عن كونها تمس حياته وحياة عائلته ألا وهي مأساة الزحام.

سائق الأجرة خالد مظلوم يقول هل من المعقول أن نبقى الى نهاية العمر نعيش بهذه الصورة في بغداد؟ أخرج قبل شروق الشمس ولا أدري متى أعود وانتحر يوميا تحت رحمة سيطرات تفتيش لم تعرف عن الأمن شيئا ، ولم نسمع عنها في يوم من الأيام بأنها ألقت القبض على إرهابيين في نقاطهم، فقط ما نسمعه أن الإرهابيين هم من يحصدون أرواح أولادنا في القوات الأمنية، وأنا اسأل قيادات الأمن في البلد: مرت تسعة أعوام فهل من المعقول لم تجدوا خطة لإنقاذ البلد مما هو فيه؟! ألم تقدم لكم أميركا وغيرها من الدول الصديقة خطة لتفادي حصاد العراقيين يوميا؟ والمثل العربي يقول "رحم الله امرأً عرف قدر نفسه"، فان لم تكونوا أهلا لقيادة البلد وحمايته اتركوه لمن هو أهل لذلك كما يقول المواطن مظلوم.

مليون و500 ألف سيارة

في بغداد

فارس حسن مفوض مرور يبين بأن عمليات استيراد السيارات العشوائية هي سبب آخر في الاختناقات المرورية الحاصلة، لان هناك تسابقاً بين وزارات وشركات حكومية ومكاتب أهلية على استيراد سيارات بأنواع مختلفة وبشكل يومي، والمصيبة لا وجود لجسور أو شوارع جديدة تستوعب هذا العدد الكبير من السيارات، وبالإضافة لذلك السيطرات التي تزداد يوميا وبتصاعد ملحوظ، فضلا عن الإرباك الذي تسببه مواكب المسؤولين غير النظامية حتى في سيرها بالشوارع دون أن تجد من يحاسبها.

آخر إحصائية مرورية لأعداد السيارات الموجودة في العاصمة بغداد فقط تشير إلى مليون ونصف المليون عجلة، والعدد قابل للزيادة ما دام الاستيراد غير منظم ومستمر بهذه الصورة - كما يقول المصدر المروري - مضيفاً أن وزارتي الصناعة والتجارة وشركات السيارات العالمية التي استحدثت مكاتب لها في العراق، مستمرة بزج أعداد ضخمة من السيارات في الشارع العراقي الذي أصبح لا يستوعب هذه الأعداد، فمثلاً توجد نحو 145 ألف سيارة داخل قضاء لا يتجاوز عدد سكانه مع الأطراف نصف المليون شخص بحسب قوله.

الحل في القطار

ومترو بغداد!

هذا وقد أعلنت محافظة بغداد في الرابع والعشرين من الشهر الماضي عن تنفيذ خطة لتخصيص مسارات في شوارع العاصمة بغية تسيير حافلات النقل العام في خطوة لتقليل الزخم والاختناقات المرورية. ونقل بيان عن المحافظ صلاح عبد الرزاق خلال اجتماع، حصلت "المدى" على نسخة منه: "أن المحافظة وبالتنسيق مع وزارة النقل وأمانة مجلس الوزراء وأمانة بغداد ومديريات مرور قاطعي الكرخ والرصافة ستعمل على تنفيذ تجربة ومبادرة قامت المحافظة ببلورتها ورحبت بها وزارة النقل والجهات المعنية عبر إيجاد مسارات لبعض الشوارع الرئيسية والسريعة في العاصمة لجانبي الكرخ والرصافة من اجل تسيير حافلات النقل العام التابعة لوزارة النقل بواقع 150 باصاً تعاقدت الوزارة على شرائها بغية تخفيف أعباء المواطنين وإراحتهم من مشاكل الزخم المروري والاختناقات بالشوارع والطرق، وتستمر التجربة لمدة ثلاثة أشهر - كما يقول البيان - ويبين في حالة نجاح التجربة ستستمر لحين تنفيذ مشاريع النقل الكبرى بالعاصمة كمشروع القطار المعلق ومترو بغداد، والتجربة ستبدأ مع بداية العام الجديد.

شوارع وممرات جديدة

عندما ذكرت ذلك وأنا أتحدث مع سائق (الكيا)، ردّ عليّ احد الركاب وهو رجل تجاوز الستين من العمر:"أستاذ في ظل الوعود التي تطلق جزافا سنسلم أمرنا لله ونصدق ما صرّح به محافظنا الصالح صلاح لكني مع ذلك أتساءل هل الحل برفد الشارع بحافلات جديدة تضاف إلى الأعداد المخيفة الموجودة؟ ومن أين يأتي بالشوارع الجديدة؟ هل هي شوارع اصطناعية معلقة فوق الشوارع الموجودة؟ أم أنها الشوارع المقطوعة بواسطة الحواجز الكونكريتية؟ وحتى لو صدق المحافظ سيكون للجانب الأمني خطة بديلة لإيجاد سيطرات جديدة تحمي تلك الشوارع الوهمية، وبالنسبة لمترو بغداد ومسار القطار نقول لمحافظنا الوردة ونتمنى عليه أن يكمل بوابة بغداد من جهة المدائن حتى نصدق ما يقول، علما أن تلك البوابة شرع العمل بها منذ عام 2006، وصرف عليها ثمانية مليارات دينار وبعد أن صرفت المبالغ بالتمام والكمال بقيت كالهيكل السمنتي، وتبين أخيرا أن موقعها خطأ؟!

القمة ومعرض بغداد

الطبيب علاء كاظم يقول إن ما حصل بعد المأساة المرورية التي عاشتها العاصمة بغداد أثناء انعقاد القمة العربية، أعلنت قيادة عمليات بغداد عن وجود خطة أمنية جديدة، تتلخص بإزالة اغلب السيطرات الموجودة في الشوارع، واستبدالها بكاميرات مراقبة مع مضاعفة الجهد الاستخباري، ولكن - والكلام للطبيب - الوضع في رمضان الذي تلا القمة برهن عكس ذلك، فقد زاد عدد السيطرات وتعاظمت ارتال الزحام، وجاء العيد لنشهد نفس المأساة لتغني بغداد مع المتنبي "عيد وبأية حال عدتَ ياعيد"، وحلت الطامة الكبرى في معرض بغداد وأصبحت منطقة المنصور والمناطق المحيطة بها شبه معزولة بسبب الزحام الحاصل، مضيفا أن الشوارع أصبحت مخصصة للمارة وليس للعجلات، وما جنينا من التصريحات غير الكلمات وبقاء جهاز الكشف (أيه دي آي 651) هو المتحكم في مصير وأعصاب العراقيين على الرغم من كون الشركة البريطانية التي زودت العراق به اعترفت بفشله في كشف المواد المتفجرة على لسان مديرها جيم ماكورنيك الذي القي القبض عليه عام  2010، ولا ندري ما الحكمة من استخدامه كما يقول الطبيب.

سحب تدريجي للسيطرات

الناطق الرسمي لوزارة الداخلية بيّن في تصريح لـ"المدى" بشأن فعالية أجهزة السونار المستخدمة في نقاط التفتيش المنتشرة في العاصمة، بأن تلك الأجهزة على الرغم مما أثير حولها  لا تخلو من الفائدة، وقد ساهمت بالكشف عن العديد من المتفجرات والأسلحة أثناء مرور العجلات التي تحملها في تلك السيطرات، موضحا لـ(المدى) أن هناك أجهزة حديثة ومتطورة تعمل بالأشعة السنية ستحل بديلا عن الموجودة في القريب العاجل، ومع دخولها سيصار إلى تقليص وسحب تدريجي للسيطرات الموجودة حاليا، مشترطا في ذلك استتباب الأوضاع الأمنية في العاصمة، وبموضوعة الإجراءات الأمنية المشددة في مناطق شبه مستتبة امنيا تقع في الكرخ، على العكس من الإجراءات التي تتبع في مناطق تقع في الرصافة على الرغم من تكرار الخروقات الأمنية فيها، أكد الناطق أن السياق المتبع في وزارة الداخلية بأنها تتعامل مع الجميع بنهج ثابت لا يختلف من منطقة إلى أخرى، آخذين بنظر الاعتبار المناطق الحاضنة للإرهاب والمناطق التي تكون بؤرة للجرائم الجنائية.

جهاز فاشل

سعره 65 مليون دينار

قبل أكثر من أربع سنوات بثت قناة "بي بي سي" تقريرا عن عدم فاعلية أجهزة كشف المتفجرات المستخدم في العراق والمعروف باسم السونار لدى عامة الناس و ADE 651 عن المتخصصين. سلط تقرير القناة حينها الضوء وبأسلوب علمي بحت على أجزاء الجهاز كلها واثبت بالدليل العلمي القاطع أن الجهاز عبارة عن علبة فارغة وانه لا يمكن أن يكشف عن أي متفجرات، وأكد هذا الكلام في حينها المفتش العام لوزارة الداخلية عقيل الطريحي في تصريحات إعلامية قائلا "أعتقد أن هذا الجهاز أسهم في هدر وسفك دم عراقي لأنه لم يكن فعالا بالدرجة المطلوبة".

وتابع الطريحي أن العراق دفع مبالغ كبيرة تتراوح بين 45 و65 مليون دينار عراقي (حوالي 37,5 إلى 54,100 ألف دولار) لكل جهاز من هذا النوع "فيما كان يباع في مناطق أخرى بثلاثة آلاف دولار". ورأى أن "هذا الجهاز مثل أي جهاز عسكري يستخدم في عمليات قتالية لا بد من أن يكون معروفا ومن شركة معروفة".

مع وقوف سيارة الكيا في كل سيطرة هناك مشاهد مختلفة من التفتيش والتعليق، فالسيطرة الأولى وعلى الرغم من عدم تأشير الجهاز الدقيق قال الشرطي للسائق (اطلع عالتفتيش)، وعند دخولنا في ممر التفتيش نظر الشرطي للركاب نظرة خبرة ليقول للسائق بعد أن اطمأن على سلامة الوطن والمواطنين (اطلع الله وياك)، لم يتمالك احد الراكبين أعصابه (طبعا بعد أن خرجت الكيا من السيطرة) معقولة هذا تفتيش، وبأجهزة سونار غير مصنوعة لكشف المتفجرات أصلا، وإنما تستخدم في الدول في كراجات غسل وتشحيم السيارات لكشف بقايا الشامبو أو مواد التنظيف العالقة بالسيارة بعد غسلها كما يقول الراكب.

بغداد ثكنة عسكرية

فيما يعلق مواطن آخر قائلا: أن نقاط التفتيش وعملها غير الفني بالإجراءات المشددة أثبتت عدم الفائدة منذ وجودها بعد التغيير والى يومنا هذا، مستفسرا بقوله من أين تمر السيارات المفخخة هل تأتي من السماء أم أنها تمر من خلال تلك السيطرات لتقتل أولادنا، بينما المواطن يتحمل الانتظار في تلك النقاط ويصعب عليه الوصول الى عمله، مضيفا بانه كلما حصلت خروقات أمنية أو قامت الجهات الأمنية بتشديد الإجراءات على المواطنين وضاعفت من نقاط التفتيش الثابتة والمتحركة، حتى تبدو العاصمة وكأنها ثكنة عسكرية، وفي أحيان كثيرة لا يقوم أفراد تلك النقاط بالتفتيش، وعملية تفتيشهم تكون بالاكتفاء بالنظر فقط إلى وجوه الراكبين، وفي بعض الأحيان يسألون السائق عن عشيرته وإذا تبين انه من نفس العشيرة يطول الحديث وطابور الازدحام كذلك.

الناطق الرسمي باسم قيادة عمليات بغداد العقيد ضياء الوكيل أكد في تصريحات إعلامية: إن قيادة العمليات تتخذ إجراءاتها التي تهدف بالأساس الأول إلى حماية المواطنين من أية اعتداءات إرهابية والحفاظ على سلامتهم، وأضاف الوكيل: على المواطنين أن يكونوا أكثر صبرا في التعامل مع بعض الحالات، لأن رجال الأمن في بغداد يبذلون قصارى جهدهم في منع العمليات الإرهابية، وما يجري اليوم من ازدحام في شوارع العاصمة هو إجراء وقتي وليس دائميا والهدف منه حماية المدنيين.

تفعيل الجهد الاستخباري

وبيّن أن قيادة عمليات بغداد وعدت أكثر من مرة بأنها ستقوم بخفض نقاط التفتيش وفتح الطرق المغلقة، لكنها طبقت العكس، حيث ظلت الطرق مغلقة مع ازدياد نقاط التفتيش، ومع هذا لم نسمع يوما بأن نقطة تفتيش تمكنت من ضبط سيارة مفخخة او أخرى تحمل متفجرات، مشيرا إلى عدم جدوى هذه النقاط وبهذه الكثافة.

عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية شوان محمد طه أكد في تصريح لـ"المدى" أن تغيير السيطرات وكثرتها ووضع الخطط الإستراتيجية الأمنية التي تشهدها العاصمة بغداد وبقية المحافظات، هي من صلب أعمال المنظومة الأمنية الاتحادية، وما نلاحظه أن هناك ضعفاً في الجهد الاستخباري، وهذا الأمر يؤدي إلى خروقات أمنية وتواجد كثيف للسيطرات، لذا ندعو - والحديث للنائب - الى تغيير الضباط المشرفين على وضع تلك السيطرات التي فشلت في عملها ووضع الخطط اللازمة لتفادي تلك الخروقات، لأنهم برهنوا على فشلهم بصورة واضحة وما طوابير الزحامات وتكرار الانفجارات إلا دليل على ذلك، معللا ذلك بكون اغلب المسيطرين والمخططين لتلك النقاط هم مسيسون وغير مهنيين، موضحا بان الأمر لا يقتصر على رفع السيطرات وتقليلها وتغييرها فقط ، ولكن الموضوع يعتمد على تفعيل الجهد الاستخباري الذي من شأنه تقليل السطرات، وبالتالي تقليل الزحام الذي تشهده شوارع العاصمة بحسب قول النائب.

(التكسي) النهري

والمنطقة الخضراء

في الخامس عشر من شباط الماضي أعلنت وزارة النقل العراقية عن أنها ستضيف مراسي جديدة في بغداد تفعيلاً لمشروع "التكسي" النهري بهدف إيجاد وسائل أخرى للتنقل بين مناطق العاصمة بدلا من النقل بالحافلات.

وأوضح مستشار وزارة النقل كريم نوري أن "المشروع سيهدف الى نقل المواطنين بين مناطق عديدة داخل العاصمة بغداد كالجادرية والدورة والاعظمية للتخفيف من الازدحامات".

وكان مشروع "التاكسي" النهري مطروحا في مجلس محافظة بغداد ووزارة النقل وقيادة عمليات بغداد لكن تفعليه كان يتعارض مع الوضع الأمني خصوصا وأن  الممر المائي لنهر دجلة يمر بمحاذاة المنطقة الخضراء وسط بغداد.

ويرى مراقبون أن تفعيل مشروع "التكسي" النهري سيجنب العديد من المواطنين وخاصة شريحة الموظفين من التأخر لساعات طويلة بسبب الازدحامات المرورية اليومية.

ملاحظة: إذا ما وافقت شريحة الساسة في المنطقة الخضراء على مشروع (التكسي)النهري، فإنها ستواجه حتما تظاهرات عارمة من قبل الباعة المتجولين، والسادة المتسولين ومطالبهم تفيد بتوفير ملابس سباحة لهم لغرض ملاحقة الزوارق، أو توفير (جنابر) عائمة للباعة وكذلك مواقع مائية للمتسولين.. و..و...تعيش الحكومة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

طقس العراق.. أجواء صحوة وانخفاض في دراجات الحرارة

أسعار صرف الدولار تستقر في بغداد

تنفيذ أوامر قبض بحق موظفين في كهرباء واسط لاختلاسهما مبالغ مالية

إطلاق تطبيق إلكتروني لمتقاعدي العراق

"في 24 ساعة".. حملة كامالا هاريس تجمع 81 مليون دولار

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram