لكل جيل نهاية طالما في العمر بقية ، ولا ينضب عطاء الإنسان إلا بعوامل التقدم في السن أو مواجهة صدمة ما تشعره أنه لا مفـرَّ من الاعتراف بالعجز وإخلاء مكانه لمن يستحق بعيداً عن أنانية التشبث ، فالخسائر ستكون أكبر إذا ما ارتبطت مهمته بسمعة وطـن فلا خيـر فيه حاضراً ومستقبلاً.
من هذا المكان أوجـِّه عتبـاً شديداً لزملاء المهنة الذين يسهمون في تمادي بعض النجوم المبعدين بقرار زيكو ويؤزمون العلاقات بين نظرائهم في المنتخب الوطني ممن وقع عليهم اختيار المدرب سواء في الجولة السادسة لتصفيات المونديال أم بطولة غرب آسيا التي ستقام في الكويت ، متناسين إن دوام الحـال من المحال في ظل الاستحقاقات المتوالية للكرة العراقية وحجم المصاعب لاستعادة دورها القـوي عربياً وقارياً .
لمن يعاني فقدان الذاكرة ، وتستهويه لعبة الجري وراء المحترفين لاصطياد تصريح هنا او هناك من دون مراعاة تأثيراته على تحضيرات المنتخب ، نُعيـد الى الأذهان حديث أمين سر اتحاد الكرة السابق احمد عباس الى (المدى) أثناء تواجدنا لتغطية دورة خليجي مسقط 2009 ،
" آن الأوان أن يأخــذ الشباب دورهم في مسيرة المنتخب الجديد ، وعقدنا العزم في اجتماع استثنائي للاتحاد على استبعاد جميع المحترفين من دون استثناء بعدما تسببت مشكلاتهم في دورتي خليجي ابو ظبي ومسقط في شحـن الأجواء داخل معسكر المنتخب ما انعكس سلباً على نتائج المنتخب لاسيما بعد سقوطه المروع أمام عُمان بالأربعة في أسوأ هزيمة تتلقاها كرتنا منذ مشاركتها في دورات الخليج عام 1976 في الدوحة "!
ونُضيف على شهادة الأمين عباس ، ما ادلى به مدرب حراس المرمى عامر عبد الوهاب اثناء الدورة نفسها : إن شيوخ المنتخب عمرهم قصير ، وهذه الدورة كتبت نهايتهم وآن الأوان أن تسلم الراية الى جيــل جديـد !
فماذا حصل بعد ذلك ؟ تقاعس اتحاد الكرة السابق في عملية التبديل وبقي النجوم ذاتهم يفسدون مشاركات منتخبنا بحكم الضغوط والدلال والتمرد الذي مارسوه ضد المدربين البرازيلي فييرا حامل كأس أمم آسيا والألماني سيدكا الهارب من سطوتهم بعد أن خذلوه في خليجي اليمن 2010 وكأس أمم آسيا 2011 وقالها بفمه المليان " لم تعــد الخبرة تكفي لإنقاذ المنتخب العراقي من هزالة نتائجه فالإنسجام غائب والشباب مغيـَّبون "!
لا يعفي أحد اتحاد الكرة من مسؤولية بقاء ذات اللاعبين "مثيرو الجدل" في اية مناسبة كروية ، ودليلنا انه تنصَّل من وعوده بعد أزمة المدرب اكرم سلمان في خليجي 18 التي اُتهم خلالها بأنه لم يُحسن توجيه اللاعبين في المباراة المصيرية أمام السعودية، وكذلك الانقلاب المفاجىء في علاقة فييرا مع المحترفين الى درجة انعزاله بالوحدة التدريبية في ملعب السيب امام أنظارنا تاركاً مساعده رحيم حميد قيادة الوحدة التدريبية ، ولما تقدَّم منه زميلي حيدر مدلول لسؤاله عن سبب إنزوائه بعيداً عن التمرين ردَّ عليه متذرعاً بمقاطعته الاتحاد واللاعبين ! وحتى بوجود المدرب عدنان حمد في تصفيات مونديال 2010 أُثيرت اتهامات ضده بمحاباة بعض المحترفين وعدم قدرته على استبدالهم وتغيير نمط أسلوب اللعب بالرغم من سلبية أدائهم وعُقم حلولهم التي دفعنا ثمنها بسيناريو إقصاء مبكٍ أمام قطر لما تزل الشكوك تطاردهم حتى يومنا هذا من قبل بعض الإعلاميين ممن كانوا شهود عيــان على تلك النكسة!
إن قائمة زيكو الجديدة استعداداً لبطولة غرب آسيا خلت ايضاً من المحترفين باستثناء سلام شاكر وعلي حسين رحيمة وهي رسالة آخرى بأنه لن يلتفت الى الوراء وماضٍ لتنفيذ ما يخدم تطلعاته لما تبقى من مدة عقده لعامي 2013 و2014 ، ولم يأتِ قراره هذا اعتباطاً أو إذعاناً لوشاية او مناصرة لتوجيه ، فالرجل معروف بمزاجيته وصرامته في علاقاته من أول وحدة تدريبية كشف فيها نوعية اللاعبين الذين يعمل معهم ومدى قدراتهم في ترجمة آماله الى نجاح ملموس في المباريات الحاسمة ، ولم تغشِ عيونه أضواء بعض النجوم كغيره ممن سبقه ، بل كان فطناً ولمّاحاً حتى في تصريحاته وقراءاته التي يراها منصفة وغير ظالمة لمن يتشكى عند هذا الإعلامي او تلك القناة ، طالما ان هدفه دعم خطوات منتخبنا لإحراز مراكز متقدمة في تصنيف (فيفـا) عبر تقدمه الباهر في تصفيات المونديال وحصده ألقاب البطولات المنتظرة.