من المسؤول عن حال بغداد بعد أول زخة مطر؟
لا أحد سيجيبنا عن هذا السؤال.. وسنشهد ترامي الكرات في ساحات الخصوم والنتيجة انك لا تعرف في النهاية من المسؤول.. أمانة بغداد ربما ستقول إنها مسؤولية مجلس محافظة بغداد فيما سيقول المجلس إن القضية من اختصاص الأمانة. والجهة التي سنفترض أنها تتحمل بعض المسؤولية ستركل الكرة إلى ملعب شركات متلكئة أو ملعب مقاولين فاسدين!
ولكن ما هي النتيجة؟ النتيجة أن مناطق بالكامل قد غرقت ومنها مدينة الصدر التي حصدت بلديتها الموقرة الجائزة الأولى في مستوى الخدمات مع مدينتي الشعلة والاعظمية، وهو ما أثار استغراب المواطنين في مدينة الصدر تحديدا.. ودليل كلامنا التحقيق الصحفي عن هذه المدينة الذي أجراه الزميل يوسف المحمداوي موثقا بالصور ومن أطرف ما جاء في التحقيق، وهي طرافة مؤلمة حقا، أن أحد المواطنين طالب الحكومة والمجلس البلدي بتوفير قوارب لتنقل مواطني المدينة أثناء الشتاء!
ولم يكن هذا حال مدينة الصدر فقط، فلو كلف أحد المسؤولين في الأمانة أو مجلس محافظة بغداد نفسه وقام بجولة على مناطق بغداد بسيارته الأنيقة لاكتشف دون جهد مقدار "العمل الضخم" المنجز من أجل بغداد التي حازت بفخر ترتيب ثالث أوسخ عاصمة في العالم، رغم تحفظات الحكومة على الترتيب وليس على التوصيف!
كنّا نتمنى أن نرى مسؤولاً عن حالة بغداد وهو يخوض غمار الطين والماء الذي اغرق مناطق بأكملها فأضافت إلى هموم الناس همّا شتائيا جديدا وخصوصا لطلبة المدارس الابتدائية الأطفال الذين خاضوا غمار إهمالهم من المسؤولين!
سيكون التنظير سهلا وبسيطا كما حصل تماما في استضافة بعض الفضائيات لمسؤولين شاهدوا ما حصل لبغداد دون أن يرف لهم جفن واكتفوا بالتنظير عن مشكلات الماضي والـ "لكن ويجب وسوف" أحد العباقرة من المسؤولين لم يتردد في تحميل المواطنين جزءاً من المسؤولية دون أن يقول لنا كيف ولماذا وفيما إذا كان المطلوب من المواطنين ان يحلّوا مشاكل شبكة المجاري واختناقاتها بأنفسهم، هذا المسؤول لم يكلف نفسه ليتحدث عن فشل كل ما قاموا به "إذا كانوا قد فعلوا شيئاً" أمام أول اختبار وان لم يكن اختبارا حقيقيا، لأن المواطنين قد تساءلوا ماذا كان سيحصل لو أن المطر استمر ليومين متتاليين!
ونحن نسأل.. مَن مِن المسؤولين "الفوق المسؤولين" عن بغداد حرك ساكنا واستدعى أصحاب الانجازات الضخمة من على شاشات الفضائيات، ليطلب منهم أن يجيبوا فقط عن سبب تحوّل الكثير من مناطق بغداد إلى بحيرات تحسدها عليها مدينة فينيسيا الايطالية!
في أربيل وفي الشتاء الماضي أمطرت السماء كما لم يسبق أن شهدته أربيل منذ سنوات، وتوقعت شخصيا أن المدينة ربما ستغرق وجالت في بالي أفكار احتياطية عن الغرق، ولكني عندما خرجت مساءً أدهشني منظر الشوارع النظيفة، ومن لم يشهد مطر النهار بأكمله لتصور أن المدينة قد شهدت نثاً من المطر غسل شوارعها وأرصفتها فجمّلها ومنحها ألقا وبهاءً، علما أن أربيل تعاني عدم وجود شبكة متكاملة للمجاري!
مرّة أخرى من المسؤول؟.. لا أحد سيجيب سوى فيروز وهي تصدح "بغداد والشعراء والصور".. والصور هي ما كانت عليه بغداد يوم المطر!