TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > خيارات المالكي

خيارات المالكي

نشر في: 20 نوفمبر, 2012: 08:00 م

منذ وصوله إلى السلطة نُصح صدام حسين بألاّ يحارب الكرد لأن لا طائل وراء ذلك كما أثبتت تجارب سابقة ولا مصلحة للعراق والشعب العراقي في محاربة القومية الثانية في البلاد، ولم يستمع إلى النصيحة.
وقيل لصدام حسين: لا تعادي الشيوعيين والقوميين لأن لا مصلحة للعراق وشعب العراق في تفاقم الصراع السياسي الداخلي وفي تصدّع الوحدة الوطنية، ولم يستمع إلى النصيحة.
وقيل لصدام: لا تعادي مصر، الدولة العربية الأهم والأكثر نفوذاً بين العرب لأن لا مصلحة للعراق وشعب العراق ولا للعرب، وبالذات الفلسطينيين، في تناحر العراق ومصر، ولم يستمع الى النصيحة.
وقيل لصدام: لا تعادي ايران ولا السعودية ولا سوريا ولا تركيا ولا الاردن ولا الكويت، فهؤلاء هم جيران العراق وعداوتهم تخنق العراق وشعب العراق، ولم يستمع الى النصيحة.
وقال البعض لصدام: لا تعادي الولايات المتحدة، القوة الاقتصادية والعسكرية الأولى في العالم، فعداوتها مؤذية للعراق وشعب العراق، ولم يستمع الى النصيحة.
لم يستمع صدام إلى نصائح الناصحين فدمر نفسه وعائلته وشعبه وبلاده وألحق أضراراً بالغة بأمته.
تقاس براعة السياسي، وبالذات إذا كان زعيماً، بقدرته على المناورة ووضع خيارات عديدة لقراراته اللاحقة أو خطواته التالية. وأنسب الأوقات لتكريس هذه البراعة هي أوقات الأزمات. وصدام، كما أظهرت نتائج قراراته وسياساته، لم يتحل بأي قدر من البراعة السياسية، فكان أن عادى الجميع على مراحل ثم كلهم دفعة واحدة في مرحلة من المراحل انتهت بنهايته.
رئيس الوزراء نوري المالكي يتبدى لنا على هذا الصعيد في صورة صدام، فهو يبدو مولعاً بإثارة الأزمات وشغوفاً بزيادة عدد الخصوم والأعداء. ففي غضون أسابيع  قليلة أشعل النيران في غير موقع: تصعيد الموقف مع حكومة إقليم كردستان ومع الكتل السياسية الرئيسة: العراقية والتحالف الكردستاني والتيار الصدري، قضية البنك المركزي، إلغاء الحصة التموينية، إرسال قوات عسكرية إلى المناطق المتنازع عليها من دون التشاور لا مع حكومة الإقليم ولا حتى مع حلفائه في التحالف الوطني الذين أمّنوا له الأغلبية في البرلمان ورئاسة الحكومة بالتالي. وعلى الصعيد الخارجي لم يتوان السيد المالكي في غضون ذلك من توتير العلاقات للغاية مع تركيا والسعودية وقوى الانتفاضة السورية.
ما هي خيارات المالكي المتاحة في ظل هذا الكم الكبير من العداوات؟ .. من غير المعقول، بل سيكون الجنون بعينه، أن يفكر المالكي أو غيره بعمل مسلح ضد الكرد، فهذا سيتسبب في انهيار العملية السياسية من الأساس ويضع البلاد على شفير الانقسام، بل سيقسمها بالتأكيد. ومن غير المنطقي أيضاً أن يفكر المالكي بان في استطاعته فتح معركة مع الكرد في ظل علاقات متردية مع العراقية والتيار الصدري اللذين ستنضم إليهما قوى سياسية عديدة من داخل البرلمان ومن خارجه فضلاً عن قوى المجتمع المدني.
نزع الفتيل هو الخيار الوحيد الذي سيؤمن فيه المالكي سلامته الشخصية والسياسية وسلامة البلاد، وإلا فالمؤكد انه لن يستطيع ضمان نهاية تختلف كثيرا عن نهاية صدام.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

«الإطار» يطالب بانسحاب السوداني والمالكي.. وخطة قريبة لـ«دمج الحشد»

تراجع معدلات الانتحار في ذي قار بنسبة 27% خلال عام 2025

عراقيان يفوزان ضمن أفضل مئة فنان كاريكاتير في العالم

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

بغداد تصغي للكريسمس… الفن مساحة مشتركة للفرح

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram