TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > طائرات رئاسية

طائرات رئاسية

نشر في: 21 نوفمبر, 2012: 08:00 م

منذ أيام كشفت عضو مجلس النواب ميسون الدملوجي عن أن الحكومة نقلت 20 مليار دينار من موازنة مشروع "بغداد عاصمة الثقافة العربية" الى موازنة وزارة الدفاع لشراء طائرات رئاسية.

كان هذا الكشف سبباً آخر لغيظنا ونقمتنا على الحكومة والطبقة السياسية المتنفذة برمتها، لأنهما لا تستحيان ببلوغ احتقارهما الثقافة ومدينة بغداد هذا الحد، لكننا لم نستغرب ذلك في الواقع فعشر سنوات كانت كافية تماماً لكي ندرك ونتيقن ان هذه الطبقة السياسية أنانية ولئيمة وجاهلة الى أبعد الحدود، لا تعنيها الثقافة ولا ازدهار العاصمة بغداد بقدر انشغالها بامتيازاتها وفسادها المالي والاداري والسياسي.

الآن يتأكد لنا هذا أكثر مع فضيحة من عيار أثقل، فمشروع "الطائرات الرئاسية" المهتمة به وزارة الدفاع، والحكومة من ورائها، يتعدى ويتجاوز الثقافة وبغداد الى مشاريع الإعمار والاسكان، وبالذات مشاريع  المجمعات السكنية التي كان من المفترض أن يستفيد منها محدودو الدخل ممن لا مساكن لديهم أو انهم يعيشون في مساكن متهالكة وغير مناسبة للعيش الآدمي.

في كتاب من وزارة التخطيط الى وزارة المالية – دائرة الموازنة مؤرخ في 9/9/2012 ومعنون بـ "مشروع شراء طائرات رئاسية"، ثمة أمر بمناقلة مبلغ خمسين مليار دينار من تخصيصات وزارة الاعمار والاسكان الى تخصيصات وزارة الدفاع لضمه الى مبلغ العشرين مليار دينار المنقول من تخصيصات مشروع "بغداد عاصمة الثقافة العربية" الى تخصيصات مشروع الطائرات الرئاسية.

الكتاب لا يكتفي بهذا التعميم وانما يحدد ويعرّف مشاريع الاسكان المطلوب استقطاع مبلغ الخمسين مليار دينار منها، وهي: المجمع السكني في الانبار/ هيت، المجمع السكني في الانبار/عانة، المجمع السكني في ذي قار/ سوق الشيوخ، المجمع السكني في المثنى/ الرميثة، المجمع السكني في المثنى/ الحمزة.

من أجل طائرات يتنقل بها كبار الطبقة السياسية لا تتردد حكومتنا عن السطو على مشروع انتظرته بغداد وأهلها طويلاً لاستعادة بعض ما كانت عليه العاصمة من بهاء ورونق، فبالعشرين مليار دينار كان يمكن إعادة تشغيل عدد من المسارح ودور السينما وتأهيل عدد من المكتبات العامة.

ومع سحب الخمسين مليار دينار يكون نحو 300 عائلة عراقية قد خسرت حقها في سكن يتناسب مع آدميتها ومع كونها من بلاد بالغة الغنى بثرواتها الطبيعية لكن شعبها يكابد محنة الفقر الفاحش والعوز الصارخ، ليس فقط بسبب صدام حسين وسواه من الحكام السابقين وحروبهم العبثية، وانما أيضاً بسبب حكامه الحاليين الذين من الواضح انهم لا حرمة لديهم لشيء ولا اهتمام بمصلحة عامة، وأقل ما يفعلونه انهم يسمحون لأيديهم بان تمتد الى موازنة الثقافة والى موازنة الإسكان.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. نبيل تومي

    لم أعد أستغرب الشطحات من العيار الثقيل التي يبتكرهـا أصحاب المعالي من اللصوص والأفاقيين الذين لا يعيروا أهمية لمن تولوا عليهم من أبناء الشعب العراقي الذي يزيدونهُ فقراً على فقر . وكأنهم قد أنزل الرب بهم كتابـاً ينبأنـا بأنهم المخلصون للناس أجمعين ، أية ثق

  2. الدكتور فلاح حافظ

    ان المسؤلين في الدوله والاحزاب السياسيه يتعمدون احتقار الكوادر الطبيه العراقيه والمواطنين العراقيين عندما يذهبون الى الخارج للعلاج ويوجد في العراق مستشفى ابن النفيس لعلاج الامراض القلبيه التي يعانون منها قادتنا المبجلين والتي هي بالاساس ترتبط بالسمنه وعدم

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

العمودالثامن: أين اختفوا؟

العمودالثامن: متى يعتذر العراقيون لنور زهير؟

العمودالثامن: لماذا يكرهون السعادة؟

العمودالثامن: نظرية "كل من هب ودب"

العمودالثامن: كيف ننجو؟

 علي حسين عام 1965 قرر رئيس وزراء ماليزيا آنذاك، تونكو عبد الرحمن، أن يطرد سنغافورة من الاتحاد الماليزي، في ذلك الوقت سأل أحد الصحفيين رئيس وزراء سنغافورة ماذا سيفعل؟ كانت الجزيرة بلا موارد...
علي حسين

باليت المدى: بين الحقيقة والخيال

 ستار كاووش خرجتُ من متحف لام وأنا مُحَمَّلٌ بفتنة الأعمال الفنية والابتكارات المختلفة التي ملأت صالات العرض. وما أن وضعتُ قدمي خارج الباب الزجاجي للمتحف، حتى إنعكس لون الحديقة الأخضر على وجهي. حديقة...
ستار كاووش

الزوجَة الطِفلَة بين التراجيديَّة والكوميديَّة الفقهيَّة

د. لؤي خزعل جبر مِن علاماتِ شعبويَّة ووهميَّة الجدل بين المُنتقدين والمؤيدين للتقنين الفقهي الشيعي ما يسود بخصوص معقوليَّة زواج المرأة بعمر التاسِعَة، إذ يرى المُنتقدون إنَّ المرأة في التاسعة طِفلَة، ويقبُح تزويجُ الطِفلَة،...
د. لؤي خزعل جبر

أكثر من حرب على صوت المرأة

حازم صاغية حينما يوصف أحدهم بأنّه "مسموع الصوت"، يكون المقصود أنّه مؤثّر أو نافذ. فالصوت أداة قوّة وتمكين، ولأنّه كذلك كان مَن يطالب أو يحتجّ "يرفع صوته"، فحين لا يُلبّى طلبه يرفعه أكثر إلى...
حازم صاغية
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram