يحوم جدل كبير هذه الأيام بشأن ترنح بعض الحكام أثناء إدارة مباريات دوري النخبة هذا الموسم ، ونشوب "معارك صحيفة " بين رؤساء أندية جماهيرية وأصحاب الصفارة المتهمين بانحيازهم الى الفرق الأخرى التي حسمت جولاتها الأخيرة ، وصلت حد تقديم شكاوى عدة الى اتحاد الكرة لاعادة النظر بتسمية قضاة الملاعب الذين يثار حولهم الجدل.
حقيقة أن انقضاء خمس جولات من منافسات دوري النخبة لا يمكن ان يعطينا مؤشراً متكاملاً على سلامة أداء التحكيم وسيره للمباريات بصورة مرضية، لأنه ما طفى على سطح العلاقة بين الفرق المتقهقرة في نتائجها والحكام المعنيين يدلل على ان هناك هوّة واسعة من عدم الثقة بحاجة الى تقليص عادل من القائمين على شؤون المسابقة لضمان عدم تكرار الاخطاء وتبادل الاتهامات بين الطرفين.
وما يثير الاستغراب وقوف رئيس واعضاء لجنة الحكام مكتوفي الايدي من دون بيان رأيهم أزاء ما يحصل من محاولات مقصودة للإساءة الى الصفارة العراقية المقتدرة ، ولا ندري ما سر التزام رئيس اللجنة طارق احمد الصمت من دون ان يكون له موقف واضح يقطع دابر الأزمة ويضع حداً للجدل والشكوك ؟!
اللجنة أدرى بان متابعة أية مشكلة عقب انتهاء المباراة واتخاذ قرار قطعي ومباشر يساعد على تطويق الأزمة ويحد من فتنة تهور بعض رؤساء الاندية او المدربين في توجيه انتقادات قاسية ضد الحكام ويسحب البساط من محاولي ذرّ الرماد في العيون لمشاغلة الجمهور في التشكي بهدف تفادي غضبه على سوء اداء اللاعبين أو اهمال الادارة حُسن اعداد الفريق.
ان تأخر لجنة الحكام في إبداء رأيها أزاء ما يجري من لغط يمسّ نزاهة الحكام وكفاءتهم يؤدي الى تفاقم المشكلات ويفتح الباب أمام تمادي ادارات الاندية في مهاجمة الحكام وينذر بمخاطر جسيمة اذا ما تأثر الجمهور بتصريحات ادارة الفريق ربما تهدد سلامة الحكم نفسه ، لهذا أتمنى ان يأخذ الحكماء في اللجنة دورهم بسرعة لبسط القانون وتفعيل الضوابط الخاصة بعدم قبول أي تصريح إعلامي ضد اصحاب الصفارة، ويمكن ان يتقدم النادي بشكل رسمي الى اتحاد الكرة ليقدم حججه وبراهينه التي تؤكد ان الفريق وقع ضحية قرار مجحف من الحكم ، والعكس صحيح ايضا لا يجوز للحكم ان يتحدث للاعلام مدافعاً او مهاجماً فالضوابط واضحة بخصوص واجباته طوال موسم الدوري ويفترض ألا يخرج عن حدودها!
هل إن التحكيم في الدوري العراقي له تقاليد استثنائية منزوعة الحرج أمام حكام الدوريات العربية في قطر والسعودية ومصر والأردن والإمارات مثلاً إلى الدرجة التي يسمح الحكم صباح عبد لنفسه ان يخلع ساعة توقيت مباراة دهوك وضيفه الطلبة ويضعها على طاولة شاب هاوي الاعلام الالكتروني في منتدى (كووورة) كي يلتقط لها صورة وينشرها في موقعه ليبرىء ساحته امام احتجاج ادارة وجمهور الطلبة بخصوص عدم استنفاد الوقت الإضافي بالكامل؟!
لا شك ان الحكم صباح عبد احد ابرز الحكام الذين سطـّر لنفسه سيرة بيضاء في تاريخ الصفارة العراقية ، نزاهة وقوة وحيادية ، تلك سمات لا يمكن ان يختلف عليها اثنان إلا المتضررين من قراراته التي يراها صحيحة بحكم رؤيته ، لكنه أخذ منذ موسمين ينساق مع موجة الاستياء العارم الذي تؤججه بعض الصحف من خلال قبوله رد النقد بلغة محتدة تأخذ احياناً شكل الدفاع الشخصي وكأن الحدث عشائري، بخلاف حكام معروفين سلموا أمر الدفاع عن مكانتهم الاعتبارية الى لجنتهم من دون ان يُسمع لهم صوت التزاماً بأعراف المهنة وضوابطها التي يشدد عليها (فيفا) بين الحين والآخر.
أقترح على اتحاد الكرة تشديد العقوية المالية على (الادارة او المدرب او اللاعب ) في حال نيلهم من سمعة أي حكم في جميع مسابقات الكرة في البلاد ، وفي الوقت نفسه حرمان أي حكم من قيادة عدد من المباريات او الموسم كله إذا ما ثبتت قرراته انها منحازة بشكل لا لبس فيه لمصلحة الفرق المضيفة او انجرّ الى ثرثرة اعلامية يبرر فيها قرراته التي تعد نافذة بإعلانه صفارة النهاية.