TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > المالكي والأربعون مقرباً

المالكي والأربعون مقرباً

نشر في: 28 نوفمبر, 2012: 08:00 م

ما هي المؤامرة التي يحذروننا منها؟  لا احد يعرف.. من هو العدو الذي يتربص بالانجازات الكبيرة التي قدمها  رئيس الوزراء ومعاونوه؟ سيقولون لك انهم اصحاب الاجندات الخارجية..ومن هم هؤلاء؟ ايضا ستجد امامك من يطلق في الهواء جملا وعبارات منتهية الصلاحية.. المواطن يعرف جيدا ان هناك مؤامرة واحدة فقط  لا غير  اسمها مقربو رئيس الوزراء، الذين يسعون بكل طاقتهم السير بالبلاد الى كارثة محققة.. مجموعة لاتمتلك رؤية سياسية، لكنهم يشعلون الحرائق ليل نهار.. هؤلاء الذين يقولون للعربي ان الكردي عدوك، وان ابن الموصل يتربص بابن ميسان، وان الليبراليين  قوم كفرة لامكان لهم في بلاد الهداية والايمان، وان المسيحيين ضيوف غير مرغوب بهم، وان البلاد تحتاج الى قبضة حديدية تعيد لها امجاد "المهيب الركن".

خطب وشعارات تريد ان توهم الناس ان هذا الشعب لايمكن ان يحكمه الا حاكم مستبد يفرض سلطانه على الجميع، يريدون ان تصبح الخديعة بديلا للسياسة، العاب تتكرر وكأن الناس لم تغادر عصر القائد الملهم، لنجد ان البعض يريد ان يقيم لنا وباسم الديمقراطية نظاما يقوم على الاقصاء والغاء الاخر، واحتكار الدولة بكل مؤسساتها.

مقربون يتصورون انهم جيش من الملائكة الصالحين سيعلموننا معنى الفضيلة ويأخذون بأيدينا الى طريق  الهداية.

إنها العقلية القديمة نفسها التي رافقت صدام لعقود وزينت له افعاله وخطاياه، ومارست اقصى اساليب الخداع من اجل ترويض الشعب وقهره.

مقربون يعتقدون ان الحاكم ليس بشرا مثلنا، يصيب ويخطأ، يضحك ويبكي، بل هو ملاك  يحلق بأجنحة بيضاء، ووجه سمح، لا يأتيه الباطل من خلفه ولا من امامه.

مقربون يتطيرون من اي نقد، ويقيمون الدنيا ويقعدونها اذا ما تجرأ احد على الاقتراب من قلاعهم الحصينة، يؤمنون بان كل من يعترض سياسة رئيس الوزراء وأداءه  الوظيفي "خائن" " و"خارج على القانون" و"ينفذ أجندة اجنبية".

في كل ازمة نرى الاربعين مقربا يخرجون من " جرارهم "  ليطلقون تصريحات تخاصم المنطق والعقل،  محاولين ارهاب  الناس من خلال قربهم من صاحب القرار، يسعون إلى تشويه الحقائق، حين يؤكدون بأن الذين يعارضون  صولات المالكي على البنك المركزي، وعلى اقليم كردستان، هم مجموعة من المندسين والخونة الذين يسعون إلى تخريب العملية السياسية.

لعل من عجائب وغرائب السياسة العراقية  ان نجد وزراء ومسؤولين في الحكومة قد آثروا الصمت، فيما الاربعون مقربا  احتفظوا لأنفسهم بحق التصريح حصرا، محاولين من خلال ظهورهم المكثف عبر وسائل الإعلام فرض واقع سياسي يخدم مصالحهم.

ليس لي اعتراض في أن يتحرك جماعة الاربعين مقربا  بالمساحة المسموح لهم بها كسياسيين، ولكن من غير المعقول أن يتحركوا طوال الوقت على اعتبارهم  ناطقين باسم الحكومة في الوقت الذي لايزال فيه السيد الناطق الرسمي علي الدباغ -اطال الله عمره -  يمارس مهام عمله بعد ان نال رضا السيد المالكي وتم تجديد البيعة له كناطق وبعقد  حكومي.

ما يصرح به الاربعون مقربا هذه  الأيام يثبت بالدليل القاطع، كيف أن لغة الحوار السياسي تحولت في زمن الديمقراطية العراقية إلى لغة مشحونة بعبارات وجمل تثير النعرات الطائفية، وتسهم في خلق حالة من الاحتقان السياسي.

من حق أعضاء جمعية الاربعين مقربا  أن يعتنقوا ما يشاؤون من أفكار، ومن حقهم أن يتحدثوا كما يريدون، ولكن عليهم أن يخبرونا بالانجازات العظيمة التي تحققت، وعن البرنامج الطموح الذي نفذته حكومة المالكي، لكن قبل ذلك عليهم أن لا يلصقوا فشلهم وعجزهم  على شماعة المؤامرات الخارجية، فالمؤامرة الحقيقية هي استمرار الاربعين مقربا  في تسميم حياتنا واشعال الحرائق في كل الاتجاهات. 

وفي النهاية سأعيد السؤال: الى متى ستظل جماعة الاربعين "مقرب"  تحذرنا من المؤامرات والاجندات الخارجية؟ والى متى ستستمر هذه اللعبة  التي يراد منها ترويض الشعب، ليخرج علينا في النهاية احد اعضاء جمعية المقربين يخبرنا بان السيد رئيس الوزراء محبوب من جميع افراد الشعب وان   99٪ من  العراقيين  تؤيده وستفديه بالروح والدم. 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. basra

    الاخ الكاتب المحترم اعتقد قصدك مو الاربعين مقرب لان الصحيح الاربعين حرامي

  2. علي سالم

    الأستاذ الفاضل / علي حسين تسلم على كشفك عورات الأربعين المعصومين , ولا أريد أن أُغير عنوان موضوعك اللطيف الى ( علي بابا والأربعين حرامي ) , لأن العراقي بطبعة يقرأ ( الممحي ) , أطال الله عمرك وحفظك من كل مكروه .

  3. ابو سباهي

    يابة استاذ علي الف رحمة على والديك على هذه المقالة التي نطقت بها عدلا . واظن الاربعون مقربا نفس كتب الاربعون حديثا الذي يساوي الكتب المقدسة ربما تكرار هذا الرقم ليس بالمصادفةالبتة .

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: أين اختفوا؟

العمودالثامن: متى يعتذر العراقيون لنور زهير؟

العمودالثامن: نظرية "كل من هب ودب"

قناديل: انت ما تفهم سياسة..!!

عن المرجعية الدينية

العمودالثامن: الغرق في الشعارات

 علي حسين قرأت تعليقاً كتبه الكاتب والمترجم شاكر راضي على مقالي ليوم أمس " كيف ننجو " أشار فيه إلى أنه شاهد في العاصمة السنغافورية تمثالاً للزعيم الفيتنامي هو شي منه ، وعندما...
علي حسين

خطتنا الخمسية في النجاح الابتدائي

ثامر الهيمص رغم الوضع الاستثنائي في الشرق الاوسط، المؤدي على الاقل الى تغيرات جيوسياسة في المنطقة، فاننا لسنا بعيدين عن تجاذباتها، ولكن هكذا كان ويجب ان يكون، استعدادا لمجاهيل لسنا طرفا مباشرا لها رسميا،...
ثامر الهيمص

البرلمان العراقي يقر راتبه سراً؟!!

محمد حسن الساعدي بظل الاوضاع الاقتصادية وتراجع قيمة الدينار العراقي امام الدولار، والضغوط التي يمارسها البنك الدولي تجاه العراق ومصدر رزقه الوحيد الا وهو النفط،وسط معلومات تشير الى ان هناك ضغوطات يمارسها البنك الفيدرالي...
محمد حسن الساعدي

تجارب عالمية:أيرلندا، نموذج ذو كفاءة إقتصادية كبيرة

فرانسوا فاتشيني ترجمة: عدوية الهلالي تكمن أصالة أيرلندا في أنها دولة كانت نسبة الإنفاق العام فيها منخفضة بالفعل في عام 1995، وقررت خفضها أكثر. وهي الأدنى في الاتحاد الأوروبي بنسبة 24.38‌% في عام 2021.وبالعودة...
فرانسوا فاتشيني
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram