أكد الرئيس المصري، محمد مرسي، أنه سيتخلى عن السلطات الاستثنائية التي منحها لنفسه عندما تقر بلاده دستورا جديدا، لافتاً إلى ان معظم الشعب المصري يدعم ما قام به، وأن المعارضة أصبح بها قدر من العنف غير مسبوق ومرتبط برموز النظام السابق.
وقال مرسي، الذي أثار الإعلان الدستوري الذي أصدره قبل أسبوع غضب الشارع، خلال مقابلة مع مجلة "التايم": أنا رئيس منتخب، ومسؤوليتي الرئيسية هي الحفاظ على السفينة الوطنية خلال تلك الفترة الانتقالية، وهذا ليس سهلا."
وحول ما إذا كان قد تعامل في إعلانه الدستوري بشكل مختلف، أكد مرسي أنه لا يرى الوضع على هذا النحو، مضيفاً: "ما أستطيع أن أراه الآن أن المصريين أحرار، وهم يرفعون أصواتهم عندما يعارضون الرئيس وعندما يعارضون ما يجري، وهذا مهم للغاية، وهذا حقهم في رفع أصواتهم والتعبير عن مشاعرهم واتجاهاتهم، لكنها مسؤوليتي، أنا أرى الأشياء أكثر مما يرونها، أعتقد أنكم رأيتم أن أغلبية استطلاعات الرأي الأخيرة أظهرت أن 80 أو 90 في المائة من شعب مصر، وفقا لتلك الاستطلاعات، مع ما قمت به."
وتابع: " هناك قدر من العنف لم نره من قبل، وهو ما يعني أن شيئا سيئا يحدث"، مضيفاً: "وهناك علاقات بين هذه الأفعال العنيفة وبعض رموز النظام السابق.
وأردف: "نحن نتعلم.. نتعلم كيف نكون أحرارا.. لم نشهد هذا الأمر أبدا من قبل. نتعلم كيف نتحاور وكيف تكون لدينا آراء مختلفة، وكيف نصبح أغلبية أو أقلية".
وردا على سؤال حول المعارضين الذين يتهمونه بأنه أصبح "فرعونا جديدا"، رد مستنكراً "فرعون جديد؟ أعرف تماما ما يعنيه الفصل بين السلطات الثلاثة التنفيذية والتشريعية والقضائية، هذا المفهوم الأساسي لدولة تقوم على المؤسسات.. والشعب هو مصدر السلطة، والرئيس يمثل السلطة التنفيذية وهو منتخب من الشعب."
واستطرد" أنا حريص على أن يكون للشعب الحرية الكاملة في الانتخابات وحريص على نقل السلطة عبر انتخابات حرة."
وأثار الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس المصري أواخر الأسبوع الماضي، غضب القضاة الذين قالوا إنه تجاوز صلاحياته، كما أثار أيضا احتجاجات كبيرة من قبل المصريين الذين اتهموه بمحاولة الحصول على صلاحيات "دكتاتور." من جانب اخر تسعى الجمعية التأسيسية المصرية إلى التصويت على مسودة الدستور المصري الجديد الخميس في خطوة اعتبرت محاولة لاستباق قرار المحكمة الدستورية التي أشارت إلى أنها ستنظر في أمر حل الجمعية التأسيسية يوم الأحد المقبل.
وقد دخلت السلطات القضائية المصرية في مواجهة مع الرئيس الإسلامي محمد مرسي وأنصاره منذ إصدار الرئيس قبل أسبوع الإعلان الدستوري الذي منح نفسه بموجبه صلاحيات واسعة. كما أثار الإعلان الدستوري معارضة شعبية واسعة في كل أنحاء البلاد.
ومع استمرار الاحتجاجات الأربعاء، أعلن مسؤولون في الجمعية التأسيسية أنهم أكملوا مسودة الدستور رغم أن الرئيس مرسي كان قد مدد المهلة الزمنية للجمعية حتى فبراير/شباط المقبل كي تتمكن من كتابة الدستور.
ويقول مراسل بي بي سي في القاهرة، جون لاين، إن كتابة الدستور في ظل هذه الظروف الحالية سيكون إجراءا خلافيا ومثيرا للجدل.
وقال المعارض البارز والأمين العام السابق للجامعة العربية، عمرو موسى، لوكالة رويترز للأنباء، إن هذ الإجراء "غير معقول ومن الخطوات التي يجب ألا تتخذ في ضوء الغضب الشعبي والمعارضة للجمعية التأسيسية الحالية".
مهمة مقدسة
ويقول معارضو الرئيس مرسي إن الإسلاميين يهيمنون على الجمعية التأسيسية، غير أن الأعضاء الليبراليين والقوميين والمسيحيين قد قاطعوا الجمعية متهمين الإسلاميين بمحاولة فرض رؤاهم السياسية على الآخرين.
ويهدف الإجراء الأخير على ما يبدو إلى استباق انعقاد المحكمة الدستورية يوم الأحد المقبل لتقرير مصير الجمعية التأسيسية.
وقال نائب رئيس المحكمة الدستورية، ماهر سامي، في حديث متلفز الأربعاء إن المحكمة ماضية في خطة إعلان قرارها يوم الأحد. وأضاف سامي: "إن المحكمة مصممة على الارتقاء فوق الجراح ومواصلة مهمتها المقدسة مهاما كان الثمن".
وكانت المحكمة قد حلت مجلس الشعب المصري (البرلمان) الذي كان يقوده الأخوان المسلمون. وقد منح الإعلان الدستوري، الذي أشعل فتيل الاحتجاجات في مصر مؤخرا، الرئيس مرسي الصلاحيات التي يحتاجها لـ "حماية الثورة"، وكما نص الإعلان، فإنه ليس هناك محكمة يمكن أن تلغي قرارات الرئيس.
ويعتبر الإعلان الدستوري نافذ المفعول حتى يحل دستور جديد محله. ويتهم المعارضون الرئيس مرسي بأنه يسعى لحيازة صلاحيات مطلقة. بينما يقول مؤيدوه إن الإعلان الدستوري مطلوب لـ "حماية المكاسب التي حققتها الثورة من السلطة القضائية التي توالي الرئيس المخلوع حسني مبارك".
وقد سعى الرئيس مرسي إلى تهدئة الأمور عبر طمأنة المجلس الأعلى للقضاء من أن الإعلان الدستوري سيكون محصورا في "القضايا السيادية" التي تهدف إلى حماية مؤسسات الدولة المصرية. لكن القضاة لم يقتنعوا بهذا التفسير ويصرون على سحب الإعلان الدستوري كليا.
ودعا القضاة يوم الأربعاء إلى إضراب عام وأعلنوا أن محاكم الاستئناف والنقض ستتوقف عن العمل حتى إلغاء الإعلان.