فاتني، حينما كتبت عمود "الزبّال" عن الرئيس البرازيلي السابق لولا دا سيلفا، أن أتوقف عند الدور الذي لعبته أمه في تربيته. كانت، رغم أميتها وابتلائها بزوج قاس وعاطل عن العمل هجرها هي و8 أولاد صغار، ملاذه ومرجعه ومستشارته وبوصلته التي تدله على الطريق السوي والسليم. علمته ان الفقر ليس عيبا وان السعادة تكمن في الإخلاص بالعمل وان دماثة الخلق ليست ضعفا. ويوم امر الدكتاتور بسجنه في بداية مشواره السياسي ماتت وهو في السجن. وقبل ان يقتاده السجانون من بيته أوصته: "مهما لاقيت من غدر فلا تقابل الإساءة بالإساءة، بل قابلها بالإحسان". وكان الابن الوفي لشعبه بارا بأمه حد تقديسها. كان كلما يتذكرها يبكي. عندما سألوه عن سر هذا البكاء أجاب: "لقد علمتني أمي كيف أمشي مرفوع الرأس وكيف أحترم نفسي حتى يحترمني الآخرون".
صدق العراقيون حينما وصفوا طيب الخلق بان "حليبه طاهر". ويصدقون أكثر حين يشكرون من يقابلهم بموقف شهم بقولهم "ألف رحمة على بطن، أو رحم، النكلك". انهم بحسهم الشعبي العفوي يؤكدون ان الأم الآدمية تنشئ إنسانا آدميا والعكس عندهم صحيح.
تذكرت قولهم وصرت اردده، من كل قلبي ليلة البارحة، عندما قرأت تصريحا لميليندا غيتس زوجة الملياردير الأمريكي بيل غيتس، صاحب شركة ميكروسوفت الشهيرة، تتحدث فيه عن طريقة تربيتها لأبنائها. أدهشتني لحد أني وجدت نفسي عاجزا عن وصف دهشتي. لم أجد، بعد أن وقفت لها إجلالا وأنا في مكاني، غير أن انقل لكم ما قرأته من دون تعليق:
"وفق ما نسبته مجلة "لوفيجارو" الفرنسية لميليندا جيتس فإنها وزوجها يرفضان أن يحيا أولادهما الثلاثة البالغون من العمر 16 و13 و10 سنوات حياة الأثرياء والاعتياد على التبذير حتى يشعروا بأهمية العمل وقدسيته من أجل استكمال مسيرة الأب الناجحة وإعلاء ما بناه من صرح، وليس تدمير ما بناه بجهده وعرقه.
واعتبرت ميليندا أن الأموال المطلقة مثل السلطة المطلقة مفسدة ما بعدها مفسدة، محذرة من أن الأبناء الذين يتربون على الإنفاق دون حدود والتبذير وعدم الشعور بالحاجة يقعون في الغالب في براثن المخدرات والفشل. وقالت إنها تحرص على ألا تمنح أولادها إلا ما يكفي حاجتهم من مصروف، لدرجة أن هذا المصروف لا يتيح لهم إلا شراء الهامبورجر من المحال رخيصة الثمن، وليس من المحال الفاخرة مرتفعة الأسعار. يشار إلى أن بيل غيتس تنازل عن نصف ثروته البالغ قدرها 60 مليار دولار للأعمال الخيرية، ليس فقط لاستخدامها في أعمال خيرية داخل الولايات المتحدة، ولكن لاستخدامها في النهوض بالإنسان في جميع بقاع العالم".
ألف رحمة على الحليب الرضعتيه يا ميليندا.
جميع التعليقات 1
المهندس ضياء محمد هاشم
تحيه لك أ.هاشم و الف رحمه على (ديس الرضعك ) كما يقول البغدادي المسرفين اخوان الشياطين , كما جاء في القران و هذا الذي تتبعه السيده ميليندا و امهاتنا و لعن الله المسرفين اين نوابنا من الاسراف و المسرفيين