TOP

جريدة المدى > اقتصاد > حقول الجنوب النفطية بحاجة إلى 8 ملايين برميل يومياً من المياه

حقول الجنوب النفطية بحاجة إلى 8 ملايين برميل يومياً من المياه

نشر في: 30 نوفمبر, 2012: 08:00 م

يأمل العراق أن يصبح اكبر منتج للنفط في العالم وان يتفوق على الرائد الحالي في هذا المجال وهي المملكة العربية السعودية، ففي عام 2009 فتح العراق سوق النفط و الغاز أمام شركات النفط العالمية ومنذ ذلك الوقت وهو يشهد نموا ثابتا في إنتاج البترول وفي الصادرات. كما انه يبني تدريجيا البنية التحتية اللازمة لدعم خططه في هذا المجال. لكن لا زالت هناك بعض العوائق الكبيرة التي يمكن أن تحبط آماله. أحد هذه العوائق هو (مرفق توريد مياه البحر ) الذي من المفترض أن يضخ المياه الى الحقول الجنوبية بهدف توليد الضغط اللازم لاستخراج النفط. هذا المشروع  تأخر  لسنوات عن الموعد المقرر له مما قد يسبب عائقا كبيرا أمام طموحات الحكومة.

يمكن أن تكون قلة المياه سببا رئيسيا لفشل العراق في تحقيق أهداف الإنتاج النفطي التي يسعى اليها. لقد توقعت وكالة الطاقة العالمية ان يرتفع انتاج النفط في العراق من المعدل الحالي البالغ 3 ملايين برميل يوميا الى 6 ملايين بحلول عام 2020 والى 8 ملايين برميل في عام  2035 . تأمل وزارة النفط أن يصل الإنتاج حتى الى أكثر من 6 ملايين برميل في عام 2015 و الى 10 ملايين في 2020 . لكن من دون حقن المياه الى حقوله الجنوبية المسؤولة عن معظم إنتاجه النفطي، فلن يكون هناك ضغط يكفي لإدامة او حتى زيادة الإنتاج. يحتاج الجنوب حاليا الى ما يقارب 8 ملايين برميل من المياه في اليوم الواحد للوصول الى الأهداف قريبة المدى. تعتقد وكالة الطاقة العالمية بان هذا المقدار من المياه المطلوبة سيزداد إلى 12 مليون برميل في عام 2035 . كل برميل من النفط يتم استخراجه يحتاج الى 1.5 برميل من الماء، لذلك فان حكومة بغداد تحتاج إلى استثمارات ضخمة في أنابيب المياه و محطات الضخ. يضاف الى ذلك ان العراق يفتقر الى المياه العذبة . البلد يعتمد على نهريه الرئيسيين دجلة و الفرات، الا ان سوريا و ايران و تركيا - التي تبني سدودا على النهرين – تقوم بقطع حصة العراق من المياه. من المفترض ان يحل مرفق توريد مياه البحر  هذه المشكلة، حيث من المقرر ان يضخ 12-15 مليون برميل يوميا من مياه البحر من الخليج العربي الى حقول النفط الجنوبية اذا ما تم تشغيله بالكامل .

 

بغداد متخوفة من تعاقداتها

المشروع يواجه الكثير من المشاكل، وانه متأخر عن الموعد المحدد له، كما انه توقف بسبب السياسة الداخلية للبلد. أساسا كان من المقرر أن يبدأ بعملياته عام 2013 أما الآن فان اقرب موعد للبدء بضخ المياه هو عام 2017. أولا، بغداد متخلفة في تعاقداتها؛ فمنذ سنتين كان المشروع جاهزا لتقديم العروض إلا أن شيئا لم يحصل حتى مايس 2012 حين طلبت وزارة النفط من 10 شركات تقديم عروضها بخصوص المرفق، ثم تأخرت حتى  تشرين الأول لتوقيع عقد استشارة بقيمة 170 مليون دولار مع شركة سي ايج 2 ام هيل . ثانيا، لم توثق الحكومة عقد التصميم الأولي للمشروع. ثالثا، توقف العمل بسبب النزاع بين حكومة بغداد و الكرد؛ اذ كان من المفترض ان تقود شركة اكسون موبيل المشروع لكن عندما وقعت صفقة نفط و غاز مع حكومة إقليم كردستان في ت2 2011 اصبحت محط غضب الحكومة المركزية التي  استبعدت الشركة من مشروع المياه في شباط 2012 مدعية انها فشلت في التنسيق مع وزارة النفط و ان وضعها الاقتصادي كان سيئا، إلا ان السبب الحقيقي هو أحد أساليب الحكومة في الانتقام من الشركة. تريد السلطات المركزية السيطرة على سياسة الطاقة في البلاد ، لذلك فإنها تعارض توقيع الكرد على صفقات مستقلة كما فعلت مع اكسون. بعد توقيع الشركة مع حكومة الاقليم مباشرة بدأت تتلقى تهديدات من حكومة بغداد مما نتج عنه خسارة موقعها في مشروع مياه البحر. حتى قبل ذلك، كانت وزارة النفط تجادل اكسون وغيرها من شركات النفط الكبرى المشاركة بالصفقة وهي البيترول البريطانية، أيني، ولوك أويل، حيث كانت الحكومة تدّعي بان تقديرات الكلفة لهذه الشركات عالية جدا وأنها متوقفة عن العمل. الدوائر الرسمية في العراق معروفة بسمعتها السيئة في العمل البطيء لأنها تفتقر إلى القدرة والخبرة في التعامل مع هذه العقود الكبيرة، وهذا يفسر التأخيرات في العمل وهو السبب في التخلف عن الموعد المقرر. من جانب آخر، فان غضب المالكي من قرار شركة اكسون العمل في شمال العراق قد أضاف عنصرا سياسيا للمشروع. يبدو الأمر وكأن وزارة النفط لديها متاعب مع شركات النفط حتى قبل ذلك، مثل الدفع باتجاه اقل الأسعار في العمل، وهذا لا يكون دائما إستراتيجية جيدة في مواجهة القضايا المهمة. النتيجة هي أن مرفق مياه البحر قد تأخر لسنوات عن موعده مما سيكون له تأثير مباشر على قدرة العراق في زيادة إنتاجه النفطي من حقول الجنوب .

يعتقد المحللون أن أهداف الطاقة في العراق طموحة أكثر من اللازم . حيث قامت الحكومة نفسها مؤخرا بتعديل ما كانت تتمنى تحقيقه. الأرقام التي تعطيها الحكومة متسرعة، لكن من الممكن، إذا ما تحققت، أن تكون واحدة من اكبر طفرات النمو في تاريخ العالم . الافتقار إلى البنية التحتية سيكون احد العوائق أمام هذه الخطط . إن مرفق توريد مياه البحر هو قطعة أساسية في اللغز الذي سيرفع الإنتاج في حقول الجنوب. المشروع يتقدم لكن بسرعة بطيئة جدا، كما من المتوقع أن يوقف الروتين بعض الإعمال في المشروع. إن مسألة تهدئة غضب العراق عن طريق حرمان شركة اكسون من دورها الريادي في المشروع، هو أمر غير صحيح. على اية حال فان المشروع متأخر لسنوات عن موعده المقرر. العراق يفتقر الى المياه العذبة لضخها في الحقول، ويمكنه استخدام الغاز الطبيعي الذي يحرقه في الجنوب، لكنه لا يرغب بهذه العملية ويحتاج الى مشروع جديد تماما يخطط له ويتعاقد بشأنه من اجل السير في ذلك الاتجاه. لذلك فانه يحتاج إلى الاستمرار  بفكرة مياه البحر على أمل انجازها في عام 2017 ، وإلا فان إنتاج النفط يمكن أن يصطدم بحاجز ضخم  يكون من الصعب جدا التغلب عليه.

عن "أفكار عن العراق"

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

العراق يقلص صادراته النفطية واستهلاكه المحلي
اقتصاد

العراق يقلص صادراته النفطية واستهلاكه المحلي

بغداد/ المدى أعلنت وزارة النفط، اليوم الجمعة، تخفيض وتقليص صادرات العراق من النفط الخام وتقليل استهلاكه المحلي. وذكرت الوزارة في بيان، تلقته (المدى)،: "تماشياً مع التزام جمهورية العراق بقرارات منظمة أوبك والدول المتحالفة ضمن...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram