شجار ينهي جلسة البرلمان ، بهذا العنوان وبغيره تناولت وسائل إعلام عربية ما جرى في مجلس النواب العراقي الخميس الماضي ، وبعيدا عما يحمل العنوان من شماتة، فانه يعكس الواقع الحقيقي للمشهد السياسي بما يحمل من تناقض واضطراب ، وتدهور ، ومن يحاول أن يقلل من أهمية ذلك ، ويعد الأمر طبيعيا كما يحصل في كل برلمانات دول العالم ، يتجاهل الفرق الشاسع بين الديمقراطية في الغرب ونسختها العراقية ، ومن المتوقع في الأيام المقبلة أن يتحول المجلس إلى حلبة مصارعة من نوع الزورخانة ، والقوي يأكل الضعيف ، وإذا كان الشجار يقتصر على الأعضاء ،فالأمر مقبول، ولكن ما يخشاه العراقيون أن تمتد المشاجرة ، إلى عضوات الكتل النيابية فيحصل "الكفش" وجر الشعر و"التخرمش" ، ومثل هذه المشاهد قد تصل إلى المواقع الالكترونية ، من خلال تصويرها بهواتف بعض الأعضاء.
من الضروري جدا أن تلتفت رئاسة المجلس إلى معالجة احتمال تسريب مشاهد المصارعة النسوية المرتقبة بمنع النواب من إدخال هواتفهم ، وتجريدهم من الحزم خشية استخدامها في المشاجرات ، وتوقيع عقد مع شركة أمنية تكلف بمهمة مراقبة تحركات الأعضاء ، ورصد ردود أفعالهم أثناء قراءة بيانات تثير غضب هذه الكتلة ، وارتياح أخرى ، وفي حال تعذر الاستعانة بخدمات شركة أمنية أجنبية ، لابد من تقديم كتاب عاجل إلى وزارة الداخلية لاستقدام فصيل أو أكثر من شرطة مكافحة الشغب لتكون في قاعة البرلمان أثناء انعقاد الجلسات ، ومديرية شرطة مكافحة الشغب لم تمارس أي نشاط منذ شهر شباط من العام الماضي ، فالعراق لم يشهد تظاهرات تطالب بإسقاط أو إصلاح النظام ، ومكافحو الشغب ، خضعوا لاستراحة جبرية طويلة ، وهم اليوم بأمس الحاجة للتخلص من الاسترخاء والخدر ، ليتولوا حماية حلبة البرلمان خشية اتساعها وامتدادها نحو المنطقة الخضراء ، لان الأجواء الحالية بما تشهده من توتر واحتدام وتراجع واضح في استقرار الأوضاع الأمنية قد تشعل فتيل كارثة محتملة ، خصوصا أن القادة السياسيين فشلوا ومنذ عام كامل في الاتفاق على تحديد موعد لاجتماع أو مؤتمر لتسوية خلافاتهم ، فيما أخذت التصريحات طابع التصعيد وتبادل الاتهامات ، وكل طرف يدعي انه يدافع عن المصالح الوطنية ، وتلبية مطالب الشعب "المسطور " نتيجة الضربات المتلاحقة على يافوخه من الأداء السياسي.
منتصف عقد التسعينات التقى رئيس المجلس الوطني الأسبق سعدون حمادي عددا من مندوبي الصحف المحلية وقتذاك ، واخبرهم انه حصل على موافقة القيادة بنشر صور أعضاء المجلس النائمين أثناء انعقاد الجلسة ، ووسط ذهول ودهشة المندوبين ، من نشر صورة العضو النائم ، قام احدهم بتسريب ما ذكره حمادي لأحد الأعضاء ، وفشل مصورو الصحف في الحصول على لقطة لعضو نائم ، وبذلك حققت رسالة رئيس المجلس أهدافها ،وبغض النظر عن الفارق الشاسع بين المجلس السابق، والبرلمان العراقي الحالي ، لأسباب كثيرة معروفة، حيث لا يمكن المقارنة بين الاثنين ، تعطي حلبة مصارعة البرلمان اليوم صورة مشوهة للنسخة الديمقراطية العراقية ، ويتحمل هذه المسؤولية من يصر على أن يضع "بوكس الحديد" في جيبه ، أو من يرتدي حزام جلد التمساح ليستخدمه وقت الحاجة ، والمقصود هنا أعضاء برلمان دولة إفريقية لا يمكن ذكر اسمها خشية اندلاع مشكلة دبلوماسية .
زورخانة البرلمان
[post-views]
نشر في: 1 ديسمبر, 2012: 08:00 م