بدا القلق من تأثيرات عميقة يتركها تطور الأزمة السياسية بين بغداد واربيل، على اقتصاد البلاد، واضحا على كلمات رجال أعمال تحدثت إليهم "المدى" أمس الأحد، شمالا ووسطا وجنوبا، حيث اكبر مراكز التبادلات التجارية التي تؤشر حركة السوق.
ويقول المتحدث باسم غرفة تجارة اربيل عبد الواحد طه ان السنوات السابقة شهدت حركة تجارية اكثر نشاطا من العام الحالي، مضيفا "ان وضع التجارة في عام 2012 غير مشجع لاسيما بعد التوترات مع تركيا وبين الاقليم وبغداد."
ويضيف في حديث لـ"المدى " ان "سوق العقارات هي الاكثر تأثرا بالازمات السياسية "، مبينا ان " كردستان هي منفذ لكل العراق وان الاشهر الحالية هي الاصعب على السوق بسبب الخلافات المتصاعدة بين اربيل وبغداد".
ويعرب المستثمرون في بغداد عن رأي مشابه، قائلين ان السوق العراقي يعاني من ركود مقارنة بعامي 2011 و2010 بسبب التوترات السياسية المتميزة هذا العام الذي يصفه مراقبون بأنه "بدأ بإجراءات إعدام نائب رئيس وانتهى بدبابات على سفح الجبل".
وقال حسام الغزالي وهو شاب يدير مصالح استثمارية مع شركات عراقية واجنبية، ان الازمات المستمرة بين الحكومة المركزية والاقليم من جهة، والحكومة وتركيا من جهة اخرى سببت في خلق ازمة ثقة من الجانب التركي المورد للبضائع .
واوضح الغزالي لـ"المدى" ان "الاخبار المنقولة عبر وسائل الاعلام عن التوترات في العراق جعلت الشركات في تركيا تتخوف من ارسال البضائع خشية عدم وصولها". ورغم ان طريق بغداد اربيل لا يزال مفتوحا "الا ان الشركات التركية لن تخرج بجولات استطلاعية لتفقد الطريق" على حد وصفه.
ويؤكد الغزالي ان تصاعد الازمة بين اربيل وبغداد اثرت ايضا على سوق العقارات فالكثير من التجار والمستثمرين قرروا التريث في البيع والشراء والاستثمار انتظارا لما ستؤول له الاحداث بين الحكومة المركزية والاقليم، متابعا ان سوق العراق لعام 2012 هو الاسوأ مقارنة بالعامين السابقين بسبب التوترات السياسية في داخل العراق وخارجة والعقوبات الاقتصادية على ايران.
الى ذلك وصف رئيس اتحاد رجال اعمال البصرة وضع السوق العراقي خلال العام الحالي بـ"الراكد" بسبب التوترات والتجاذبات السياسية. وقال صبيح الهاشمي ان التصريحات المتشنجة بين الكتل السياسية انعكست على وضع السوق العراقي، موضحا في اتصال مع "المدى " ان الازمات المتكررة بين بغداد وتركيا اثرت بشكل كبير على السوق وقللت من حجم التبادل التجاري بين البلدين .
وبين الهاشمي ان الازمة الاخيرة بين اقليم كردستان والحكومة المركزية لم تؤثر على سوق التجارة بين البصرة والاقليم على الرغم من ان الأخيرة تعتمد على سوق كردستان حتى هذه اللحظة، لكنه يحذر "في حالة تفجر الوضع بين اربيل وبغداد سوف تتأثر البصرة بقضية تخريج البضائع، لان تجار المدينة يدخلون بضائعهم عن طريق كردستان فهي اقل تكلفة من دخولها عبر الموانئ في البصرة".
الى ذلك سخر رجل اعمال من محاولات الساسة التدخل في السوق، واعتبر احد المستوردين رافضا كشف هويته، ان "الذين يرتبطون بعلاقات تجارية مباشرة مع تركيا وحتى لو ظل رئيس الوزراء نوري المالكي ينادي ليلا نهارا بعدم التعامل مع شركاتها، فلن يسمع سوى صوته".
ويقول ماجد موزان وهو احد الموردين الرئيسيين في المدينة، ان السوق العراقي لاتتحكم فيه السياسة بل الحاجة والتنافس، مؤكدا أن التجار فهموا اللعبة السياسية ولن يسمحوا للسياسيين بالتدخل في عملهم.
ويوضح موزان في حديثه مع "المدى" أن "حجم التبادل التجاري بين البصرة واقليم كردستان يعتمد على دخول البضائع من منافذ الإقليم وان التوترات السياسية ستؤثر في عملية إدخال البضائع"، نافيا ان يكون دخول البضائع من الاقليم اقل كلفة لكنه يقول "انه اكثر دقة في فحص البضائع".
ويقلل موزان من تراجع التبادل التجاري بين العراق وتركيا على خلفية الاتهامات المتبادلة بين الحكومتين ويشدد على ان الشاحنات التي تنقل البضائع من تركيا الى كردستان "مازالت تقف مئات الكيلومترات بانتظار دخولها الى العراق" في اشارة منه الى ان حجم التبادل "مازال يسير بشكل كثيف غير مكثرا بتصعيد الخطابات المتشنجة بين أنقرة وبغداد".
ويعتبر التاجر البصري ان تفاقم المشكلة بين الاقليم والمركز سوف يؤثر سلبا على بعض التجار وإيجابا للبعض الاخر"، مبينا ان "من يستطيع المراوغة في نقل وادخال بضائعه من منافذ كردستان الى الاردن والكويت لن يتأثر بالأزمة، ولكن المشكلة في التجار الذين لن يستطيعوا إيجاد منفذ بديل"، مؤكدا انه في حالة تصاعد الازمة بين كردستان وحكومة المركز سوف يؤثر على التعاقدات مع الشركات التركية التي تدخل بضائعها عبر الاقليم، ويقول "ان من الصعوبة تغيير الشركات الموردة".