بعد يوم واحد من تصريحات رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي التي عدها مراقبون بمثابة "إعلان موت للديمقراطية"، بدا رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي حازما في الرد على تشكيلات مسلحة وصفها بأنها غير شرعية، وتهديدات أطلقها رئيس مجلس الوزراء لخصومه لكن رئيس البرلمان اعتبرها "تصريحات غير مسبوقة" في الديمقراطيات.
في هذه الأثناء كشف النجيفي، أمس الأحد عن مبادرة قال إنها حظيت بموافقة رئيس الوزراء وان سيقوم بعرضها على الكرد خلال زيارة سيقوم بها إلى اقليم كردستان. موضحا ان المبادرة تدعو لسحب القوات العسكرية المتواجدة في طوزخورماتو على ان تتولى قوات محلية تمثل جميع مكونات كركوك، حماية الامن في المنطقة التي شهدت توترا امنيا بين الجيش العراقي والبيشمركة الكردية مطلع الشهر الماضي.
وفيما وصف عمليات دجلة بـ "غير الدستورية" وانها تشبه "عمليات نينوى"، قال ان هكذا تشكيلات تمتلك صلاحيات أعلى من تلك التي تمتلكها الحكومات المحلية، وهو مخالف للدستور ويجب أن يحظى بموافقة البرلمان.
في هذه الاثناء ابدى التحالف الكردستاني ترحيبه بمبادرة النجيفي، مؤكدا عدم وجود شروط للجلوس الى طاولة الحوار، لكنه توقع ان يسعى المالكي لافشالها لانه "لا يحترم الدستور".
وكان رئيس الوزراء اتهم في مؤتمر صحفي السبت، إقليم كردستان بتجاوز الدستور بمنعه الجيش العراقي من دخول كركوك التي قال إن وضعها بحاجة الى الحسم. كما قدم اقتراحاً، خلال اجتماعه برؤساء الكتل البرلمانية مساء السبت، يقضي بتشكيل دوريات مشتركة مع البيشمركة او إنشاء قوات محلية لادارة المناطق المختلطة قوميا. وأعلن التحالف الكردستاني مقاطعته لأي حوار مع المالكي ما لم يتم حل عمليات دجلة.
وفي مؤتمر صحفي عقده أمس الأحد وحضرته "المدى"، قال رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي انه طرح "مبادرة جديدة لحل الأزمة بين بغداد واقليم كردستان حظيت بموافقة رئيس الحكومة نوري المالكي وسأقوم بعرضها على الاطراف الكردية خلال زيارتي الى الاقليم هذا الأسبوع".
واوضح النجيفي، في مؤتمر عقد في القاعة الدستورية في البرلمان، ان "المبادرة سيكون محورها الاساسي اعادة التوازن للمؤسسات الامنية في كركوك والمناطق المتنازع عليها"، ويضيف "ومن ثم سيتم سحب قوات البيشمركة والقوات الاتحادية الى مناطقهم واناطة حماية تلك المناطق بالشرطة المحلية".
ويؤكد رئيس مجلس النواب ان "رئيس الوزراء وافق على المبادرة التي ابلغتها الى قادة اقليم كردستان تلفونيا على ان أتسلم ردهم خلال زيارتي للإقليم الثلاثاء"، معربا عن أمله بأن "يكون الرد الكردي إيجابيا وفقا للتوافق الوطني".
واشار النجيفي الى أن "قادة إقليم كردستان، بحسب الاتصالات التي أجريتها معهم، تحدثوا بايجابية وهم ينتظرون زيارتي، واعتقد هناك مجالا للقاء جديد في بغداد لمتابعة التفاوض"، مطالبا "الجميع بإنهاء التصريحات والاستفزازات"، كما حذر من أن "الاستمرار بنهج التصعيد سيؤدي إلى التقسيم في البلاد".
وحول اصرار الطرف الكردي على حل عمليات دجلة، قال رئيس مجلس النواب ان "قوة المركز هي قوة للجميع ولا نقبل بأن تبقى بغداد ضعيفة والجيش العراقي ضعيفا لأنه جيش للكل السنة والشيعة والتركمان والكرد"، لكنه استدرك بالقول ان "تحريك قطعات عسكرية إلى داخل المدن لأغراض سياسية والاستحواذ على سلطة مسؤوليها من دون الرجوع إلى البرلمان أمر لا نقبله ويمثل إعلانا لحالة الطوارئ وتجاوزا على البرلمان".
واتهم النجيفي "قيادات العلميات ومنها عمليات دجلة بانها تفرض الأحكام العرفية في المناطق التي تسيطر عليها وتسلب الصلاحيات من المسؤولين فيها مثل المحافظ الذي يعتبر أعلى سلطة في المحافظة وهذا أمر غير دستوري، وتفرض على المواطنين مراجعتها".
وطالب النجيفي رئيس الحكومة بــ"إعادة النظر في التشكيلات العسكرية التي شكلها على مدى السنوات الماضية من أجل ان يوافق عليها البرلمان لأنها حاليا لا تتمتع بصفة دستورية"، مشددا على ضرورة أن "لا يكون دخول الجيش إلى المحافظات إلا بالتنسيق مع المحافظة وبضوابط يحددها مجلس النواب".
وعن التهديدات التي وجهها رئيس الوزراء للاطراف التي تفكر باعادة سحب الثقة عنه، عدها النجيفي"كلاما غير مسبوق في الديمقراطيات". ورأى انها "نتاج التقاطعات بين الشركاء وعدم وجود مساحة للحوار".
وأضاف رئيس مجلس النواب "لا يوجد طرح في مجلس النواب لسحب الثقة ولم افاتح بمسألة مثل هذه والوضع غير مناسب لهكذا اجراءات وحتى لو كانت دستورية لان الوضع متشنج وخطير".
لكن النائب خالد شواني، القيادي في التحالف الكردستاني، قال ان "المالكي يفتعل الازمات، ونرى انه سيرفض اي مبادرة يحملها رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي، كونه متمسك بعمليات دجلة، رغم الخروقات الدستورية الواضحة بتشكل تلك العمليات".
واضاف في تصريح لـ"المدى" امس "نحن في التحالف الكردستاني ملتزمون بالحوار كحل للازمة، ونرفض بأي شكل من الأشكال الاتجاهات العسكرية التي يسعى اليها رئيس الوزراء".
ورأى القيادي الكردي ان "رئيس الوزراء تفرد كثيرا بقراراته وهو مؤشر على عدم احترام الدستور" مؤكدا ان "مبادرة النجيفي ستحظى بقبول حكومة اقليم كردستان، كون نقاطها كانت موجودة على جدول أعمال الوفد العسكري الذي زار بغداد مؤخرا"..
وشدد شواني على ان "اقليم كردستان ليس لديه شروط مسبقة للحوار مع بغداد ما عدا توضيح أسباب تشكيل قوات تخترق الاتفاق الذي تم في 2009 على إدارة المناطق المتنازع عليها".