اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > الدراجات النارية..يسمح للتجار باستيرادها وتصادر من المواطنين

الدراجات النارية..يسمح للتجار باستيرادها وتصادر من المواطنين

نشر في: 3 ديسمبر, 2012: 08:00 م

"عجيب أمور غريب قضية"، جملة غريبة وجميلة وأصبحت متداولة عراقيا، بعد أن أطلقتها شخصية عبد الله أفندي في مسلسل (النسر وعيون المدينة)، هذه الجملة باتت اليوم واقع حال ينطبق على هذا التخبط الحاصل في إدارة أمور البلد وبجميع مفاصل الحياة .
في إحدى السيطرات كان رجل الأمن يطالب مجموعة من الشباب بالترجل عن دراجاتهم النارية لغرض مصادرتها بأمر من الحكومة، الاستغراب والامتعاض كانا باديين على وجوه الكثير ممن توسمت جباههم  بحناء العمل والشرف وهو عائد بقوت عائلته، احدهم صرخ مستنكرا هذا الفعل قائلا: لماذا حدود العراق مفتوحة على مصراعيها لتجارها وتفتح أبواب جهنم على الفقراء إذا ما استخدموها؟ يبدو ان هذا التعليق لم يرق لرجل السيطرة الذي هو الآخر قال له "هاي اوامر مال الحكومة عندك اعتراض".
السماح باستيرادها ومصادرتها
إن الحوادث المستمرة التي يكون ضحيتها العديد من الشباب يرجع السبب الأساسي فيها إلى عدم التزام معظم الشباب بقواعد وشروط السلامة في القيادة، سواء كان الامر في قيادة السيارة أو الدراجة النارية، والتي يكون معظم محبيها وعشاقها من فئة الشباب.
يقول مفوض المرور مهدي صاحب من قاطع ساحة الواثق: الجميع يعلم أن قيادة الدراجة لا تقل خطورة عن قيادة السيارة، بل تتفوق عليها خطورة، بحيث يكون الشاب متجرّداً من أي نوع من الحماية، فلا يوجد هيكل حديدي يقيه قوة الصدمة، ولا أي كيس هوائي يخفف من سرعة اصطدامه بالزجاج، وبذلك تكون الدراجة هي السبب الأول لوفاة الشباب في حوادث السير، وفي اهون الاحتمالات اذا لم يكن الموت هو المصير المنتظر لمعظم الشباب يكون الشلل هو المصير المؤكد. واكد مفوض المرور ان اغلب الدراجات النارية التي تقل سرعتها عن 140 كم لا يتم تسجيلها او حتى منحها رقما او سنوية، وفي اغلب الاحيان تتم مصادرتها من الشارع ويطلق سراحها بعد يومين او ثلاثة من الحجز بمبلغ 30 الف دينار. ويؤكد مفوض المرور (م. ف) ان الغريب والعجيب في الامر هو ان الدولة تسمح باستيراد تلك الدراجات عبر المنافذ الحدودية، حينما يكون الامر عائدا للتجار، لكن  الاوامر تقضي بمصادرتها حينما تكون لاستعمال الموظف المسكين او الناس البسطاء الذين يرومون الذهاب بها الى عملهم تجنبا من الازدحامات التي اصبحت من العناوين البارزة في شوارع وطرقات البلد، ويكمل قوله بان الدراجات التي تتجاوز سرعتها الـ140 كم، يسمح لصاحبها بالحصول على رقم وسنوية وهذا الامر ايضا لم يحدث، في حين ان العديد من اصحاب السيارات لم يحصلوا بعد على سنويات ارقام نظامية.
من أين تأتي هذه الدراجات؟
بعد سقوط  النظام حدثت ثورة في عالم استيراد المواد والمركبات المستعملة من الدول الغربية، وباسعار متدنية جدا في تلك البلدان ما اثار هذا الوضع رغبة الكثيرين باستثمار هذه الفرصة وعلى اوسع المستويات، فتم استيراد السيارات (المنفيست) والدراجات النارية موضوع تحقيقنا.
يقول سلام وهو صاحب محل لبيع الدراجات النارية: ان الدراجات اليابانية اكثر متانة وصناعة وهي تعتبر صاحبة الرقم الاول بين الدراجات، الا ان اسعارها غالية جدا لهذا يعزف الشباب عن شرائها، ونحن ايضا لا نستوردها انما نستورد الدراجات الصينية وهي مرغوبة جدا للشباب ومنها دراجات (سوبر ياناها هيلوكس) التي يصل سعر الواحدة منها إلى 850 دولارا اميركيا. وقال ان الشباب يفضلون دراجات السكوتر على الدراجات الاخرى بسبب وجود محال كثيرة لصيانتها، فضلا عن توفر ادواتها الاحتياطية في الاسواق المحلية، الا ان ما يعيب هذا النوع من الدراجات هو توصيلات اسلاكها بصورة محكمة ومغلقة، ونادرا ما نجد بين الدراجات تلك من هي متكاملة المواصفات، لان اغلب تلك الدراجات يأتي الى العراق باسم (بالة) أي انها دراجات مستخدمة سابقا، ويكون الاتفاق عادة مع تجار في المناطق الشمالية  حيث يوردون لنا تلك الدراجات.

حركات بهلوانية
في الشوارع العامة
بينما يؤكد محمد الملقب بـ(سبايكي) أن قيادة الدراجة ممتعة ولكنه بنفس الوقت يؤكد بأنها  خطرة من غير الخوذة، هكذا يصف محمد أحد الهواة قيادته للدراجات النارية، فخطورتها تكمن كما يقول عندما يتخطى الشاب الطرقات المخصصة له ليدخل في سباقات على الشارع العام ويقوم بحركات بهلوانية أمام السيارات، من أجل لفت الانتباه والتفاخر، كأن يقوم بقيادة الدراجة بيد واحدة أو يترك المقود ويرفع يديه في الهواء الطلق، أو عندما لا يلتزم  باتجاه معين ويسير في منتصف الطريق، أو في حال توقف بشكل مفاجئ، وهذا ما يربك خط السير خاصة في وقت الاختناقات المرورية. وهنا قد تحصل الحوادث، ويزيد من خطورتها عدم وضع (الخوذة) التي تعتبر من بديهيات قيادة الدراجة النارية، وللأسف كما يؤكد سبايكي ان معظم الشباب لا ترتدي الخوذة التي ينظرون اليها وكانها مصدر إعاقة لقيادتهم للدراجة، متناسين أن تلك الخوذة تعتبر عنصر الحماية الوحيد الذي من الممكن أن يخفف من معدل نسبة الوفيات في حوادث السير، مشيرا إلى أن البعض ومع تلك التحذيرات يصر على عدم ارتداء الخوذة، على  الرغم من التبعيات القانونية التي تعاقب المخالفين، وهناك مخالفة أخرى هي البعض يصر على إدامتها، لإنه من المفترض على من يجلس خلف سائق الدراجة وضع الخوذة أيضًا، لكن محمد يؤكد أن بعض الشباب يتهور، ويقود دراجته بسرعة كبيرة والانعطاف والتجاوز في وسط الشارع العام دون الانتباه بشكل جيد، داعيا الشباب إلى الانتباه والالتزام بالقانون للحفاظ على سلامتهم وسلامة غيرهم.

من المسؤول؟
المسؤولية ليست فقط على هؤلاء الشبان الذين هم في عمر الورود بل تتفرّع إلى جهات عدة، وإن كانت المسؤولية الكبرى على محال إيجار الدراجات النارية، والتي قد تتوفر لديها الخوذة والواقية، ولكنها لا تلزم الشبان بارتدائها وهنا تكمن المشكلة. وهنا لا بد بل ومن الواجب تنبيه أصحاب المكاتب التي تقوم بتأجير تلك الدراجات بألا تؤجرها للشبان صغار السن إلا في حضور أولياء أمورهم، ليخلوا مسؤوليتهم عن أي حوادث قد يتعرّض لها هؤلاء الشبان الذين لا يبالون بما قد يحصل لهم في حالة قيادتهم الدراجة بسرعة وبطرق اقل ما يقال عنها مزدحمة، ومن هنا يجب الالتزام بشروط الأمن والسلامة واتخاذ التدابير الاحترازية عند قيادة الدراجة النارية.

يبيعون سياراتهم
بسبب الزحام
صاحب محل لبيع الدراجات في شارع فلسطين يقول: ان بعض الناس بدأت تبيع سياراتها وتشتري الدراجات، بسبب دنو أسعارها وتوفر أدواتها، حيث تتوفر في العراق دراجات من ثلاثة مناشئ منها الكوري والياباني والصيني وتتراوح أسعارهن ما بين الخمسمائة دولار والألف دولار، وهذه الاسعار المتدنية إذا ما قورنت بأسعار السيارات، تتيح لصاحبها أن يشغل رقماً وسنوية في المرور حسب تعليمات المرور، اما الاسباب الاخرى التي دعت الناس تلجأ الى الدراجات النارية بهذا الزخم الكبير يقول إن صرفياتها للوقود قليلة جدا وهي غير مكلفة لأصحاب الدخل المحدود أضف إلى هذا أن الناس تخشى من حوادث سرقة السيارات وتنفيذ أعمال إجرامية بها أو ان يدفع صاحب السيارة نفسه ثمنا لخطف السيارة. احد المواطنين المتواجدين واسمه عيسى يقول تركت السيارة في البيت لاني سئمت الزحام وتكلفة الوقود الغالي  وقررت شراء دراجة تساعدني على قضاء اعمال البيت بعيدا عن الزحام وقد دفعت مبلغاً قدره 450 ألف دينار، واعتقد انه سعر مناسب إضافة الى ان هذه الدراجة بلتر واحد من البنزين توصلك إلى ابعد مسافة، يؤكد هذا الكلام مصلح الدراجات ظافر محمد ويقول إن تصليحها غير مكلف وأدواتها متوفرة في السوق ويرغبها الناس لأنها صارت الحل الوحيد لمعاناتهم مع الزحام فصاحب السيارة ينتظر أكثر من ساعتين ليتجاوز السيطرة بينما صاحب الدراجة يستطيع التخلص من الزحام بسبب صغر الدراجة.

معاناتهم مع السيطرات
يبدو أن حال أصحاب الدراجات البخارية هو الآخر يشبه إلى حد بعيد حال أصحاب السيارات ومعاناتهم مع الزحام والتعليمات والغرامات، يقول كريم صاحب وهو صاحب دراجة نارية ويعمل في منطقة السباع بان المرور لهم قانونهم، والشرطة لها قانونها، وكذلك الجيش وإنهم جميعا يحاسبون أصحاب الدراجات البخارية على مزاجهم، فمرة يحاسبون على الخوذة ومرة على الإجازة والسنوية ومرة على الإضاءة ولم يبق لنا سوى أن يحاسبونا على حزام الأمان، بينما يضيف إلى حديثه سائق آخر بالقول : في الكثير من الأحيان تأتي تعليمات إلى السيطرات بحجز الدراجات البخارية ويتم حجزنا لساعات طوال لا نعرف ما هي الأسباب التي حجزنا من اجلها سوى أن قيادة عمليات بغداد أمرت السيطرات بحجز الدراجات وبعد مرور أكثر من ثلاث ساعات يسمح لنا بالذهاب على الرغم من ارتباطنا بوظائف وأعمال، احد افراد السيطرة في ساحة مظفر القريبة من مدينة الصدر يقول: كل شخص يفسر تعاملنا مع التعليمات بهواه فسائق المركبة يقول إنهم يتعمدون وآخر يقول تعليمات تأتيهم لتعطيل السير أما أصحاب الدراجات النارية فهم كذلك لهم روايات وقصص عن حقد السيطرات عليهم، وحينما طالبته بأن يفسر لي ما يحدث قال: في الكثير من الأحيان تأتي تقارير استخبارية عن وجود دراجات نارية مفخخة وهذا حدث كثيرا حيث حصلت خروقات أمنية عن طريق دراجات نارية، أو ان البعض منهم ينقل في المقعد الأسفنجي الذي يكون صندوقا للدراجة عبوات أو مواد كيماوية تساعد في تصنيع العبوات وقد امسكنا الكثير من هؤلاء يمارسون هذا الفعل واعترفوا بفعلتهم .
وأكد أن العديد من سائقي الدراجات هم دون الـ١٨، كما أن هناك بعض الأطفال من هم في الثامنة أو التاسعة نراهم يقودون دراجات نارية، ويحاولون تقليد الشبان الكبار بطريقة القيادة والاستعراض والغريب في الأمر أن أولياء أمور هؤلاء الأطفال إما أن يكونوا معهم أو يراقبوهم عن كثب ولا يقوموا بمنعم من ركوب الدراجات النارية وهو ما يكون سببا في استمرار وقوع الحوادث على الأطفال.

الاحتياط واجب
مصطفى تركي صاحب محل تصليح الدراجات البخارية في منطقة الشيخ عمر يقول: إن عنصر الحماية الوحيد  في الدراجة النارية هو (الخوذة) فهي الوحيدة القادرة على حماية منطقة الرأس التي تتعرض لخطر اكبر، وقال بان عيوب تلك الدراجات كبيرة وخطرة جدا خاصة إذا ما افلت رباط الكوابح فهنا تحدث الكارثة، بينما يقول ستار وهو صاحب دراجة: إن الحوادث التي تقع لراكبي الدراجات يرجع سببها إلى أن الشباب لا يتقيدون بتعليمات السلامة فهم يقودون دراجاتهم بسرعات جنونية غير مكترثين لحياتهم من الحوادث المفاجئة التي تحصل بسبب القيادة بسرعة في عدة مناطق وبالذات في المناطق ذات الخط السريع فبالأمس حدثت حالة وفاة لشابين بعمر الزهور على طريق القناة السريع حينما فقد السائق سيطرته وارتطم بالجدار الكونكريتي الذي يفصل شارع القناة عن الساحات الترابية وتوفي السائق وصاحبه الذي خلفه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

طقس العراق.. أجواء صحوة وانخفاض في دراجات الحرارة

أسعار صرف الدولار تستقر في بغداد

تنفيذ أوامر قبض بحق موظفين في كهرباء واسط لاختلاسهما مبالغ مالية

إطلاق تطبيق إلكتروني لمتقاعدي العراق

"في 24 ساعة".. حملة كامالا هاريس تجمع 81 مليون دولار

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram