نشرت وكالة الطاقة الدولية في الشهر الحالي توقعاتها بشأن الطاقة العالمية لعام 2012 والتي أثارت ضجة في وسائل الإعلام الرئيسية، حيث ركزت عناوين الصحف على انه بفضل الثورة النفطية ستكون الولايات المتحدة اكبر منتج للنفط في العالم بحلول عام 2020. الرسالة التي أوصلتها معظم وسائل الإعلام هي أن القلق بشأن إمدادات النفط قد انتهى. سوف ننسى أسعار النفط المرتفعة ( 100 دولار للبرميل ) و ننسى مفهوم  ذروة النفط. يبدو ان وسائل الإعلام تعتقد ان الولايات المتحدة ستتوفر لها كميات وفيرة من النفط، كما ان هناك العديد من المقالات التي تشير إلى أن الولايات المتحدة ستصبح أيضا دولة مصدرة للنفط . لكن لنتوقف قليلا، اعتقد أن وسائل الإعلام لم تفهم جيدا تقرير وكالة الطاقة الدولية، أو على نحو أدق أنها لم تقرأ أكثر من العنوان لكي تستوعب المعنى الرئيسي، فعند قراءة ما أرادت الوكالة قوله بدقة، يشعر المرء بالقلق من قدرة العالم على إنتاج ما يكفي من النفط يوميا على مدى العقود القادمة لمواكبة الطلب العالمي. استنادا إلى وكالة معلومات الطاقة الأميركية، فقد استوردت الولايات المتحدة في شهر أيلول من العام الحالي 315 مليون برميل من النفط أي 10.5 مليون برميل من النفط في اليوم الواحد.
تنتج الولايات المتحدة اقل من 7 ملايين برميل من النفط يوميا، وتستورد أكثر بكثير مما تنتجه، لذا نعتقد أن الوقت ما زال مبكرا للحديث عن قيامها بتصدير النفط. يمكن للولايات المتحدة أن تصبح بلا أدنى شك اكبر منتج للنفط على مدى العقد القادم بفضل التنمية النفطية غير التقليدية، لكن لكي تفعل ذلك فإنها ستحتاج إلى اجتياز العربية السعودية التي تنتج حاليا 10.5 مليون برميل من النفط يوميا. إذا ما حصل ذلك فان الولايات المتحدة ستستمر في استيراد ستة أو سبعة ملايين برميل من النفط إذا ما بقي الطلب على مستوياته الحالية. علينا أن نكون واقعيين وندرك أن الولايات المتحدة ما زالت تعتمد على مصادر النفط الخارجية و ستبقى كذلك لفترة طويلة.
نعتقد أن ما فات معظم وسائل الإعلام هو – وفقا لوكالة الطاقة الدولية – إن العالم كي يحافظ على التوازن بين الإمداد اليومي للنفط والطلب عليه لغاية عام 2035، فانه يعتمد بالكامل على بلد واحد هو العراق. إن ما افترضته وكالة الطاقة بشأن إنتاج النفط في هذا البلد المليء بالمتاعب هو أن العراق يشكل المساهمة الأكبر لحد الآن في تنامي امداد النفط العالمي؛ ان طموح العراق  لتوسيع إنتاجه بعد عقود الصراع وعدم الاستقرار لا يتحدد بحجم موارده او بتكاليف إنتاجها ، و انما يحتاج الى التطور المنسق في كل حلقة من حلقات سلسلة توفير الطاقة، و الى وضوح طريقة  تخطيطه لاستمداد  قيمة بعيدة المدى من ثروته النفطية و الغازية، والى نجاحه في التوفيق بين الآراء الداخلية الخاصة بالسياسة النفطية.
حسب توقعاتنا، فان الإنتاج النفطي في العراق سيتجاوز 6 ملايين برميل يوميا بحلول عام 2020 و يرتفع إلى أكثر من 8 ملايين برميل في 2035. العراق يتحول إلى مجهز رئيسي للأسواق الآسيوية التي تتنامى بسرعة خاصة الصين، وسيتحول إلى ثاني اكبر مصدّر عالمي في سنوات  2030  متجاوزا روسيا. بدون هذا النمو في التجهيز من العراق فان أسواق النفط ستمر بأوقات صعبة يزيد فيها سعر البرميل الواحد بمقدار 15 دولاراً عن السعر الذي تتوقعه الوكالة لعام 2035. إن ما تتوقعه وكالة الطاقة الدولية بشأن أسعار النفط هو أن النمو في استهلاك النفط في الاقتصاديات الناشئة – لاسيما المستخدم للنقل في الصين والهند والشرق الأوسط – يفوق انخفاض الطلب، مما يجعل استخدام النفط أعلى في سيناريو السياسة الجديدة. سيصل الطلب على النفط إلى 99.7 مليون برميل يوميا في 2035 عما كان في 2011 (87.4 مليون)، وسيرتفع معدل سعر النفط الخام المستورد إلى 125 دولاراً للبرميل عام 2035 (بقيمة الدولار في 2011) أي أكثر من 215 دولاراً للبرميل بالقيمة الاسمية، حتى لو أصبح العراق واحدا من اكبر منتجي النفط في تاريخ العالم. نحن نراقب عناوين الأخبار عن العراق، فالعنف هناك ما زال بمستويات عالية تسبب الصدمة. المنطقة بمجملها تبدو اقل استقرارا اليوم من أي وقت مضى. لكن إذا ما توسعت متاعب العراق وسوريا ومصر في الانتشار، فلا نعتقد أن العراق يمكن أن يصل إلى افتراضات وكالة الطاقة، ونعتقد أن إنتاج دول الأوبك سيكون اقل في السنوات القادمة.
 عن: نيويورك تايمز