"ليلة القبض على فاطمة" كان اسم الرواية التي فتحت بها الصحفية والروائية المصرية سكينة فؤاد باب التساؤلات حول مستقبل مصر، ربما تكون الحكاية التي قدمتها الكاتبة السبب في اعتبار ما دونته أشبه برؤية استشراقية لمستقبل قاتم ستتحلل فيه كل قيم الدولة المدنية.
بعد ثلاثين عاما تكتب سكينة فؤاد رواية جديدة أحداثها من الواقع اليومي، حين وجدت نفسها أمام خيارين الأول أن تصمت وترضى بالوظيفة الكبيرة التي منحها لها الرئيس محمد مرسي حين عينها في وظيفة مستشارة، وبين ان تتوجه الى ميدان التحرير لتنضم إلى صفوف الرافضين لقرارات فرعون مصر الجديد، فكان ان اختارت اعادة حكاية فاطمة التي وقفت بوجه الاستغلال والانتهازية والكذب والتسلط.. فقدمت استقالتها لتعلن وقوفها إلى جانب شباب مصر الغاضبين ضد سراق الوطن وأحلام الناس ضد الفساد والاستبداد والقمع.
"ثورة سكينة فؤاد"، أثبتت أن المثقف يمكن ان يتغلب على خوفه وحياديته وان يكون صوتا لمن لا صوت لهم، فيما انتفاضات مثقفي مصر وشبابها أكدت ان الشعوب لم تعد تقنع بكلام الأغاني عن المستقبل الزاهر وعن الانجازات الديمقراطية التي لا تنتهي ولا تتوقف، فهم يرون بلادهم تباع للسياسيين شبرا شبرا، يرون المليارات تصب في جيوب المسؤولين، ثم يجدون أنفسهم عطشى بلا مياه، مهانين في مساكن غير آدمية، يحلمون بوظائف تنقذهم من جوع، يرون الانكسار والذل في العيون التي تكشف العجز والضعف عن تلبية أبسط الحقوق.
مثال سكينة فؤاد يثبت لنا نحن العراقيين الذين نعيش في ظل "نائمات مجلس النواب" بأن الشعوب الحية لا تموت وتستطيع ان تفاجأنا في كل يوم بما هو مدهش وعظيم.
منذ أيام والمعارضة المصرية تصر على إعادة الاعتبار للقضاء وإجبار الرئيس على عدم المساس بالنائب العام الذي مثل صداعا دائما للإخوان المسلمين.
المعارضة المصرية كسرت قرار حكومة الإخوان بفرض دستور على المصريين، وتمكنت من حشد قوى المجتمع المدني ضد إقامة دولة المرشد.
قد يكون الواقع في مصر مختلفا، وهناك فروق كثيرة بيننا وبينهم، لكن المؤكد ان هناك أشياء كثيرة نشترك بها أبرزها الفساد والاستبداد وتسلط الأجهزة الأمنية، والاهم اننا جربنا معاً التحول الديمقراطي والذي سرق من قبل احزاب كارتونية، وساسة مارسوا ويمارسون اقصى انواع الانتهازية في سبيل الحصول على المنافع والمغانم. وأنا أشاهد الموقف الشجاع لسكينة فؤاد تذكرت الحجيات من برلمانياتنا واللواتي يخرجن كل يوم ليشتمن من يعارض الحكومة، وكيف إنهن كل يوم ينصبن مجلس عزاء للديمقراطية، ويطلبن منا نحن المواطنين ان نقرأ صورة الفاتحة على الدولة المدنية، قلت مع نفسي ماذا لو كانت سكينة فؤاد مستشارة في حكومة المالكي؟ او إنها عضوة في البرلمان، بالتأكيد ستتهم من قبل مريم الريس او عالية نصيف او حنان الفتلاوي بانها ارهابية وتنفذ أجندة أجنبية.
سكينة فؤاد ومعها ناشطات مصر مثال مشرق لمجتمع حر يناضل ضد الظلم والاستبداد ودولة الفتاوى، فيما العديد من نائباتنا أصبحن اليوم مجرد ديكور في مجلس نيابي يدير مقدراته عدد من الأشخاص.. بل ان العديد منهنّ أصبن للأسف بنوع من فوبيا الاصلاح. ومحاسبة الفاسدين، تجعلهن كلما ذكرت كلمة فساد يستغرقن في نوبة من الهرش وحك الجلد بعنف حتى تسيل منه عبارات التخوين والشتائم، نائبات يعشن عالماً من الخيال والأحلام، حيث لا يشعر البعض منهن بمعاناة بالناس، ولماذا وتحت أيديهن كل ما يشتهينه ويتمنينه؟
ونحن ننظر الى المواقف الشجاعة التي تتخذها المعارضة المصرية، نتحسر بأننا نعيش زمن لصوص السياسة الذين لا هم لهم سوى عقد الصفقات والمشاركة في مهرجانات الشعوذة السياسية التي تقام مجلس الوزراء وفي أروقة البرلمان اليوم.
بالتأكيد أن المستشارة مريم الريس ومعها نائمات مجلس النواب سيشتعلن غيظا وغضبا، من امرأة قررت أن تتخذ موقفا شجاعا، اسمها سكينة فؤاد، لكن من حسن حظ الناس أن حبل الخداع والانتهازية قصير، ففي نهاية الأمر على السياسي أن يختار في أي معسكر يقف.. وتلك هي المشكلة التي تواجه معظم سياسيينا، لأنهم يريدون أن يلعبوا على كل الحبال.
جميع التعليقات 1
raed albustany
اولا:التي تكتب عملا مثل ليلة القبض على فاطمه لااعتقد انها تنحاز للاستبداد وليس لها الا ان تنحاز لهموم اهلها ووطنها. ثانيا:من الاجحاف ان تقارن سكينه بالحجيات. ثالثا:فرق بين من يكابد ليحصل على شيئ وبين من يقدم له شيئ وهو مستكين...هنا ياتي جانب الحفاظ على ال