TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > صمت الحملان

صمت الحملان

نشر في: 9 ديسمبر, 2012: 08:00 م

مضى إلى غير رجعة ذاك الزمان الذي كان فيه المسؤول -- الخليفة، او الوالي او المحتسب -- يتنكر، مرتديا الأسمال البالية، ومعتمرا خرقة رثة ‘ يتجول في الحواري والأزقة، يزور الأسواق، يدقق في الأسعار السائدة، يصيخ السمع للهمس العالي، يتحرى، ويتلمس أحوال الناس، يصغي لاستغاثة مظلوم، يسعى لردع ظالم، يسارع لإصلاح الخلل والخطأ عاجلا غير آجل.

لم يعد مسؤول هذي الأيام مضطرا للتخفي ولبس الأسمال والتجول بالأسواق والحواري، بعدما تكفلت الصحف ووسائل الإعلام بفضح التجاوزات وكشف المستور وتقديم الطبق جاهزا على مائدة من يعنيه الأمر. أس مشاكل اليوم أن لا أحد -- من المسؤولين يعبأ بما يكتب أو ينشر، سيما عن سرطان الفساد الذي استشرى، ولم يعد يخفف من وطأ ته غير الاستئصال.

قطع دابر الفساد تماما، أمر مستحيل التحقيق، بذرة الفساد بذرة شيطانية صالحة للنمو في كل تربة،في كل موسم، تحت أي سماء وفي ظل أي طقس، لا منجى من شرور الفساد، إلا سطوة وصرامة القوانين الرادعة، وضمانة تطبيقها على الجميع دون استثناء، يستوي أمام جبروتها العالم والجاهل، والوزير والخفير... لا عاصم من الفساد إلا نزاهة الحكام وإدراكهم لجلالة المسؤولية التي تنوء تحت وطأة حملها الجبال. للفساد ألف وجه، وألف ألف صيغة.من يكشف عن وجه الفساد في المؤسسات الخدمية؟  أين يكمن الفساد في وزارة التربية والتعليم؟ وأينها من سوء المآل في المدارس الثلاثية الدوام وانحطاط مستوى تعليم الطلبة؟أين وزارة الصحة من تردي مستوى التطبيب والتمريض في المستشفيات التي كانت الرائدة في المنطقة؟ أين وزارة الشؤون الاجتماعية من ظاهرة التسول وبيوت التنك؟ أين رقابة الحكومة من ظاهرة استفحال الرشوة التي صارت قاعدة بعدما كانت استثناء؟ أين، وأين، وأين؟؟ العراقي اليوم يعيش في غابة تعج بالضواري والثعالب والقرود وبنات آوى،ولا موضع فيه للبسطاء حسني النية،لا مكان فيه للحمائم الوادعة ولا أمل للحملان المهددة بالنحر إثر كل مشكلة سياسية وتوزيع مسؤولية نحرها كما توزع لحوم الأضاحي في الأعياد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram