TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > حتى لا تقع الكارثة

حتى لا تقع الكارثة

نشر في: 11 ديسمبر, 2012: 08:00 م

عملية الشدّ والجذب المتواصلة والمتصاعدة بين القائد العام للقوات المسلحة ورئيس الحكومة الاتحادية ورهطه وسلطات إقليم كردستان يمكن أن تنتهي بسلام، وتعود العلاقات بين الطرفين إلى مجاريها الطبيعية بعد التوصل إلى اتفاق ودي بمساعدة الوسطاء الذين يبذلون مساعيهم الحميدة الآن.
هذا احتمال قائم، فالحل السلمي للمشاكل هو الأكثر ترجيحاً في عالم اليوم بعدما تعددت التجارب وتكدست الخبرات وتعمق الإدراك بان الحل الحربي خسارة وإن تكلل بالنصر.  
في مقابل هذا الاحتمال ثمة احتمال مناقض، فالأزمة قد تنفجر ويلعلع الرصاص وتدوي المدافع وتُسفك الدماء وتُزهق الأرواح. فإذا تحقق هذا الاحتمال ما تكون النتيجة؟
على هذا الصعيد ثمة احتمالان أيضاً: الأول أن تحقق قوات القائد العام النصر وتلحق الهزيمة بالبيشمركة، والثاني أن يحدث العكس، أي أن تكون الهزيمة من نصيب قوات قوات القائد العام التي تقف الآن بكامل عدتها وجاهزيتها في مواجهة قوات البيشمركة المتجهزة هي الأخرى من جانبها.
في الحالين النتيجة خطيرة في الواقع.. سيموت ويُصاب جنود من الجيش الاتحادي مثلما يموت ويُصاب أفراد من البيشمركة.. وسيحدث شرخ وطني كبير لم يحصل في أي عهد سابق.. هذا سيكون إطلاقاً للضوء الأخضر الباهر لكي ينفصل إقليم كردستان عن دولة العراق.. كل الكرد سيضغطون على قياداتهم لإعطاء الظهر للدولة العراقية، ومن المؤكد أن تدخل هذه الدولة في سلسلة من الصراعات الدامية لحقبة طويلة من الزمن مع الإقليم المنفصل (في السودان حدث انفصال بالتراضي بيد أن الحرب بين الشمال والجنوب لم تضع أوزارها بعد)، فمعظم مياهنا يأتينا من كردستان أو عبرها، وكثير من نفطنا المُصدر إلى الخارج والذي سنموت من دونه يمر بكردستان إلى ميناء جهان التركي.
شخصياً لديّ قناعة بأن قوات القائد العام لن تربح الحرب مع البيشمركة ولن يمكنها ان تتقدم عشرة كيلومترات.. سيكون زجها في حرب ضد الكرد مغامرة خرقاء خاسرة على غرار مغامرات صدام حسين ضد الكرد وإيران والكويت، وستنتهي المغامرة بان تصبح كل المناطق المتنازع عليها (أو المختلطة بتعبير القائد العام) تحت سيطرة البيشمركة، فهؤلاء لديهم ما يقاتلون من أجله ويضحون بخلاف جنودنا القادمين من البصرة أو السماوة او الحلة او الرمادي والذين سيجدون أنفسهم في حرب من أجل قضية لا ناقة لهم فيها ولا جملا.
لا أدري كيف حسبها القائد العام في ذهنه وعلى الورق. هل كان الأمر من بنات أفكاره أم بمشورة غير نزيهة من مساعد أو معاون مُغرض أو جاهل؟
القائد العام ارتكب خطأ تكتيكيا في الواقع، فما من منفعة تحققت او ستتحقق من هذا التأزيم في العلاقات بين بغداد واربيل ومن قرع طبول الحرب. والحل في رأيي المتواضع الخروج من الأزمة بأقل الأضرار حتى لا تقع الكارثة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. سمير طبلة

    لا، ومليون لا، يا صاحبي. سيناريو الحرب مفزع، مهما قلّ احتمالها. والمطلوب من أقلامنا المخلصة إدانتها، مهما كانت نتائجها. فإراقة دم عراقي بريء أغلى من كل اطماعهم ومزاعهم. فليؤد القتال، قبل اندلاعه! والعار لمن ينفخ في بوق حرب الأخوة، لأي سبّب كان!

  2. خليلو...فيلسوف بغداد؟!

    صدقت عدة مرات،في قولك:جيش القائد العام، وفي ذكرك المستشارين ومايشيرون به إليه، وفي أن الكورد أصحاب قضية،الله والناس الأخيار والتاريخ ،من بعد، حجم الثمن الذي دفعوه مدى تأريخهم الطويل ،وان جيش القائد العام ليست لهم أية قضية سوى مايقبضون آخر الشهر ولن يفرط

يحدث الآن

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

 علي حسين في السبعينيات سحرنا صوت مطرب ضرير اسمه الشيخ امام يغني قصائد شاعر العامية المصري احمد فؤاد نجم ولازالت هذه الاغاني تشكل جزءا من الذاكرة الوطنية للمثقفين العرب، كما أنها تعد وثيقة...
علي حسين

زيارة البابا لتركيا: مكاسب أردوغان السياسية وفرص العراق الضائعة

سعد سلوم بدأ البابا ليو الرابع عشر أول رحلة خارجية له منذ انتخابه بزيارة تركيا، في خطوة رمزية ودبلوماسية تهدف إلى تعزيز الحوار بين المسلمين والمسيحيين، وتعزيز التعاون مع الطوائف المسيحية المختلفة. جاءت الزيارة...
سعد سلّوم

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

احمد حسن تجربة الحكم في العراق ما بعد عام 2003 صارت تتكشف يوميا مأساة انتقال نموذج مؤسسات الدولة التي كانت تتغذى على فكرة العمومية والتشاركية ومركزية الخدمات إلى كيان سياسي هزيل وضيف يتماهى مع...
احمد حسن

الموسيقى والغناء… ذاكرة الشعوب وصوت تطوّرها

عصام الياسري تُعدّ الموسيقى واحدة من أقدم اللغات التي ابتكرها الإنسان للتعبير عن ذاته وعن الجماعة التي ينتمي إليها. فمنذ فجر التاريخ، كانت الإيقاعات الأولى تصاحب طقوس الحياة: في العمل، في الاحتفالات، في الحروب،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram