اماكن جمع النفايات الواقعة خارج العاصمة بغداد المعروفة باسم "المكبات" لها عالمها الخاص ، فهي خاضعة للبيع والشراء و يسيطر عليها اصحاب نفوذ على استعداد للدخول في نزاع مسلح ضد من يهدد سيطرتهم على اطنان الزبالة والاستحواذ على محتوياتها ، ويعمل في تلك المواقع عشرات الاطفال والنساء بإشراف متعهد حصل على حقوقه بدفع مبلغ معين لسائق سيارة الحمل او العربانة المخصصة لنقل النفايات، والأسعار متفاوتة ، بحسب اماكن مصادرها ، فنفايات الكرادة اكثر سعرا من مثيلتها القادمة من أحياء شعبية معروفة بسكانها "الغلابة" على حد وصف الأشقاء المصريين .
مراكز الشرطة في اطراف العاصمة سجلت حوادث وإصابات بين المتعهدين المتخصصين بشؤون الزبالة نتيجة حصول مشاجرات بينهم ، شارك فيها اتباع كل طرف بخوض معارك استخدمت فيها مختلف الاسلحة للذود عن مملكة المتعهد ، وفي بعض الأحيان وصلت تلك "الطلايب " للفصل العشائري ، وبتدخل الوجهاء وبالاستعانة بالخيرين من اصحاب الحكمة والسماحة حسمت الملفات بمبالغ مالية ، وفرض عقوبات اشد في حال تكرار التجاوز على حدود مملكة زبالة فلان ، واخذ تعهد من خصمه باحترام الاتفاقات والمواثيق ، مع توصية بنبذ العنف وزج الأطفال والنساء في مشاجرات المتعهدين .
متعهدو النفايات يعتقدون بأنها تحوي أشياء كثيرة بالإمكان جمعها وبيعها في الأسواق، يصدرون توصيات أشبه ما تكون بالقرارات للعاملين البلاستيك والفافون وأسلاك الكهرباء، وغيرها من الحاجيات ، ويقدم المتعهد مكافأة مالية مجزية عند عثور احد عماله على حاجة ثمينة، وفي الوقت نفسه يضطر الى إنزال عقوبة جماعية بفريق عمله، في حال إخفاء النفيس والثمين، فهو يعلم بكل صغيرة وكبيرة تحصل في مملكته، اعتمادا على من يتبرع بتقديم المعلومة لقاء ثمن، وبذلك سيطر على الأوضاع وجعلها تسير بشكل طبيعي اعتيادي، فحصن الجبهة الداخلية ، لأنها الرد الوحيد على أي اعتداء خارجي محتمل من متعهد آخر يفكر بغزو جاره .
تعتمد مملكة المتعهد نظاما خاصا يبدأ صباحا عند وصول سيارة حمل النفايات، حيث يباشر العاملون مهمة العد والفرز اليدوي لإجراء تفتيش دقيق لمحتوياتها النفايات بمساعدة الذباب والكلاب والقطط، وخلال سقف زمني محدد لا يتجاوز الساعتين وتحت الإشراف المباشر للمتعهد أو احد مساعديه يتم فرز المحتويات داخل أكياس كبيرة، لتنقل إلى أماكن الشراء.
في أوساط المتعهدين والعاملين في عالم "النفايات" يدور الحديث دائما عن مكب آخر يعد بنظرهم مهما جدا، لان نفاياته تأتي من المنطقة الخضراء، من منازل ساكنيها وهؤلاء من المسؤولين الكبار، فضلا عن مخلفات دوائر رسمية مهمة ، والمتعهدون يحاولون بشتى الوسائل ، الحصول على موقع نفوذ في ذلك المكب ومحاولاتهم باءت بالفشل لان المسيطرين عليه دفعوا أموالا ضخمة لإقامة مملكة فوق نفايات المنطقة المحصنة، ويرفضون التخلي عنها لأهميتها، ومن مميزات تلك النفايات خلوها من الكلاب والقطط ، لان محتوياتها من الطعام تكون من حصة العاملين الحاملين جنسية بلد نفطي.