دهوك/ عبد الخالق دوسكي
احتفل الإيزيديون في يوم الجمعة في كافة انحاء العالم بقدوم عيد الصوم الذي يسمونه بعيد (ئيزي) حيث يصوم الإيزيديون قبل هذا العيد بثلاثة أيام متتالية ثم في اليوم الرابع الذي يصادف أول جمعة من شهر كانون الأول حسب التقويم الشرقي التي يختف عن التقويم الميلادي بـ(14) يوما . وبهذه المناسبة هنأ كل من رئيس الجمهورية جلال الطالباني ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني الأمير تحسين سعيد أمير الإيزيديين في جميع أنحاء العلم ورئيس المجلس الروحاني الخاص بهم هنأوا الايزيديين بقدوم هذا العيد متمنين لهم السلام والأمان. وبهذه المناسبة أيضا أصدرت الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي الخاص بالديانة الإيزيدية بيانا تسلمت "المدى" نسخة منه وفيه هنأت فيه كافة الإيزيديين في جميع أنحاء العالم ودعت فيه الكتل السياسية في العراق الى التحلي بالصبر والتحمل و اللجوء الى الحوار في حل المشاكل ومما جاء في البيان "بمناسبة حلول عيد صوم ئيزي، باسم الهيئة العليا لمركز لالش وجميع فروعنا وجماهيرنا نقدم تهانينا الحارة لسمو أمير الإيزيدية والمجلس الروحاني وجميع إيزيديي كردستان والعراق والعالم، نتمنى ان يكون هذا العيد وجميع الأعياد الأخرى عيد المحبة والسلام بين جميع مكونات الشعب الكردستاني ونتمنى أن يقوي بصورة أكثر روح التسامح والتعايش في وطننا، وان تعيش جميع الأديان والقوميات بحرية تحت ظل حكومة وبرلمان كردستان، ونود الإشارة الى ان وحدة القيادة السياسية الكردستانية أمام الأزمة السياسية الحالية هي محل ارتياحنا، ونحن على يقين بان هذه الوحدة والقوة والهمة والسياسة الحكيمة للسيد الرئيس البارزاني والقيادة السياسية الكردستانية سوف تجبر المالكي على اللجوء إلى لغة الدبلوماسية، ونحن كمركز لالش أيضا نطلب من جميع قادة العراق احترام الدستور العراقي الدائم الذي صوّت له 80% من الشعب العراقي وبالأخص تطبيق المادة 140 حيث أن مصير 90% من المناطق التي يعيش فيها الكرد الإيزيديون مرتبط بهذه المادة، مرة أخرى نقدم تهانينا إلى جميع إيزيديي كردستان والعالم بمناسبة هذا العيد المقدس."
الباحث الأكاديمي قادر سليم من جامعة دهوك أوضح للمدى أن جذور هذه العيد قديمة وهي تمتد إلى ما قبل الميلاد وقال "هذا العيد مثل بقية الأعياد الإيزيدية مرتبط بالطبيعة فهو يأتي استجابة لما كان يحس به الإيزيديون في العهود السابقة عندما كان النهار يميل بشدة إلى القصر والليل يزداد طوله فكان يخشى من أن تؤدي هذه الظاهرة إلى انحباس النور واختفاء قرص الشمس وان يسود الكون ظلام دامس فلجأوا إلى صيام ثلاثة أيام متتالية يدعون فيها الله الذي يسمى "ازي" في الميثولوجيا الإيزيدية كي لا يخفي الشمس وبعدما يبدأ النهار بالتمدد في الجمعة الأولى من كانون الأول الشرقي يفرح الإيزيديون لأن الله قد استجاب لهم حيث يبدأ النهار بالتمدد والليل بالتقلص".
ويرى سليم أن غالبية الأعياد الإيزيدية مرتبطة بالطبيعة"، وهذا ما يؤكد أن الديانة الإيزيدية من الديانات القديمة التي تصل جذورها إلى آلاف السنين وهي ترتبط ببدايات الإنسان وبحثه المستمر عن الله وارتباطه بالخالق أيضا".
أما الكاتب الإيزيدي قادر عيدو فهو يرى ان جذور هذا العيد قديمة جدا ولا توجد لديهم كإيزيديين أي نصوص دينية تشير صراحة إلى هذا العيد وأسباب الاحتفال به قائلا "لكننا سمعنا من أجدادنا ان أصول هذا العيد تعود الى عهد النبي إبراهيم الخليل (عليه السلام) الذي كان يبحث عن الله حيث اختار النجوم في البداية ثم توجه إلى القمر ثم توجه إلى الشمس لكنه في النهاية علم أن الله اكبر من هذه الموجودات فالإيزيديون يصومون اليوم الذي صامه إبراهيم كي يكفر عن عبادته النجوم، واليوم الثاني كي يكفر عن عبادته للقمر واليوم الثالث كي يكفر عن عبادته الشمس ويجعلون من اليوم الرابع عيدا لأنه اهتدى إلى عبادة الإله الواحد الذي نسميه "أزي" او "يزدان" وصار الناس يحتفلون بهذا العيد منذ ذلك الوقت". وبين عيدو أن هذا العيد يعد من الأعياد الهامة لدى الإيزيديين الذين يمتلكون بالإضافة إليه أعيادا أخرى مثل عيد رأس السنة الإيزيدية الذي يتم فيه تلوين البيض ورميها إلى الطبيعة وعيد جما الذي يستمر لمدة ستة أيام متتالية وتجرى غالبية مراسيمه في معبد لالش المقدس الذي يعد من اكبر الأعياد وأهمها ثم عيد مربعانية الصيف ومربعانية الشتاء وهنالك أعياد مثل عيد خدر الياس وزيارات خاصة لمقابر الأولياء".
وبين قادر أن مراسيم هذا العيد تتم في كافة القرى والقصبات الإيزيدية ولا توجد أية مراسيم دينية في معبد لالش لكن العوائل والأسر الإيزيدية تحتفل بها في بيوتها وقال "ابرز ما يتم في هذا العيد هو قيام العوائل الإيزيدية بطبخ طعام يسمى "الطرشك" الذي تتم فيه دعوة الأصدقاء والأهل وزيارة الجيران وتوزيع الحلويات على الأطفال". وقد اختلفت أجواء العيد من منطقة إلى اخرى فالايزيديون في مجمع شاريا القريب من مدينة دهوك كانون يتبادلون التهاني فهذه أم درمان تقول" نحن سعداء بقدوم هذا اليوم وقد اشترينا لأطفالنا ملابس جديدة و أجواء من الفرح تسود مجمعنا والناس يتزاورون في ما بينهم وقد اشترينا الحلويات من السوق والأجواء آمنة لدينا نتمنى أن يعم السلام في جميع أنحاء العالم ".
لكن الأوضاع في سنجار لم تكن جيدة بحسب قول بركات الذي يعيش في سنجار مع عائلته ويعمل عاملا للتنظيف في دهوك "نحن في سنجار نكاد لا نحس بمجيء العيد لأن الظروف الأمنية فيها غير مستقرة ونحن قلقون من حدوث انفجارات او أعمال إرهابية تستهدف الإيزيديين كما أن الخدمات هنالك غير متوفرة وأطفالنا لا يحسون بطعم العيد لأن مظاهر الفرح غير متوفرة كما أن فرص العمل أيضا لا تتوفر لدينا معظم الناس فقراء بحاجة إلى مساعدات مالية كي يشتروا لأطفالهم الحلويات والملابس الجديدة ونتمنى من الجهات الحكومية الاهتمام بأبناء هذه المنطقة وخاصة القرى المحيطة بسنجار التي تعاني كثيرا وتحتاج إلى خدمات كثيرة ".
وكان مركز لالش الثقافي قد دعا في بيان سابق له إلى ضرورة تطبيق المادة "140" من الدستور العراقي لحل مشكلة المتنازع عليها لأن غالبية الإيزيديين يعيشون في هذه المناطق ومما جاء في ذلك البيان "انطلاقا من مسؤولياته المدنية ومهماته في دعم مواقف القيادة الكردستانية وتوجهاتها في الوقوف أمام المحاولات التي تبذلها الحكومة العراقية في تصدير أزماتها باتجاه إقليم كردستان بشكل عام والمناطق المتنازع عليها بشكل خاص، فإن التصور الذي يذهب إليه مركز لالش الثقافي والاجتماعي باعتباره اكبر مؤسسة مدنية إيزيدية في إقليم كردستان والعراق، يرى أن الأوضاع الحالية تتطلب وقفة قومية مع مواقف وتوجهات رئيس إقليم كردستان السيد مسعود بارزاني والإعلان عن التضامن الكامل مع ما يتطلبه من مواقف، خاصة أن غالبية المناطق الإيزيدية تخضع لتلك المناطق التي وجد حل دستوري لها في المادة 140 وتعاني من الكثير من الازدواجية الإدارية وتراجع الخدمات فيها، في ظل تعنت الحكومة العراقية في تخصيص ميزانية عادلة لها أو تنفيذ المشاريع فيها أسوة بغيرها من المناطق، ونطالب في الوقت نفسه بضرورة تكثيف الجهود والعمل من اجل تطبيق المادة 140 من الدستور بخصوص المناطق المتنازع عليها، واعتبارها من الأولويات، كما ونعلن عن استعدادنا لكل الجهود التي تصب في المصلحة التي تتطلب العمل من اجلها ".
وبهذه المناسبة قامت عضوة مجلس النواب العراقي النائبة فيان دخيل عن التحالف الكردستاني وهي رئيس لجنة الخدمات والإعمار، عن طريق مكتبها في سنجار بتوزيع مبلغ ثلاثة ملايين دينار عراقي من منحة مجلس النواب العراقي على مجموعة من العوائل المتعففة في قرى ومجمعات شنگال الذين اختاروا أفقر العوائل الموجودة في هذه المنطقة .
يذكر أن الإيزيديين هم بقايا الديانة الميثرائية القديمة ومعبدهم الوحيد هو معبد لالش الذي يقع في قضاء الشيخان جنوب شرق محافظة دهوك ويصل عددهم إلى أكثر من (550) ألف نسمة بحسب إحصائياتهم وغالبيتهم يعيشون في القرى والقصابات الواقعة بين محافظي دهوك والموصل ومن الذين تشملهم المادة 140 من الدستور العراقي.