على مدى عام كامل وقبل أن تفارق الحياة نتيجة مرض عضال مطلع عقد التسعينات كانت وصية الحاجة أم كفاح لأبنائها سلام وهشام ، وكبيرهم ، رفض الاستجابة لمطالب "الجناين" (زوجات الابناء ) ببيع دارهم الواقعة في حي الحرية ، والاحتفاظ بالبقجة الخاصة بها وتسليمها لابنتها المتزوجة المقيمة في الحلة .
أبو كفاح فارق الحياة قبل عام من وفاة "الحجية " فخلف لأبنائه معمل خياطة ، وسرعان ما أهمل الأبناء إدارته ، وعملوا لدى الآخرين بعد بيع معملهم بثمن بخس ، وإثر ذلك شعرت الحجية بأن أبناءها غير قادرين على مواجهة الحياة الصعبة ، فادخرت ما لديها من أشياء ثمينة في "البقجة" وفرضت عليها رقابة شخصية مشددة من قبلها ، ومنعت الأبناء و"الجناين" من الاقتراب منها ، وكشف محتوياتها.
"جناين" الحاجة من قريباتها, وهي من قامت وأشرفت ودبرت زواجهن من أبنائها الثلاثة وفي مواعيد متقاربة ، وقبل إنجاب الأطفال وتباين الأمزجة والتوجهات وتقاطع المواقف ، فقدت الحجية مركزيتها ، وسطوتها ، وخصوصا بعد وفاة زوجها ، لكنها كانت تشعر بأن احتفاظها بالبقجة ومحتوياتها، يمنحها الزهو والحضور والقوة في إصدار الأوامر وصناعة القرار.
وبثقل محتويات " بقجة الحجية " حافظت على الاستقرار النسبي داخل العائلة ، وفي حالات الانشراح أعطت الوعود بمنح عطايا سخية لمن يسمع كلامها ، ويمشي "عدل مثل الاوادم " .
بعد وفاة الحجية التزم الأبناء بوصيتها ، وسلموا "البقجة" إلى ابنتها الكبيرة ، من دون معرفة محتوياتها ولكنهم شعروا بثقلها ، فقدروا أنها تضم ثروة ثمينة ، وفي كل الأحوال سيضمن كل واحد منهم نصيبه ، ولكن الأمور سارت بخلاف التوقعات فزوج البنت اصطحبها وفر هاربا خارج العراق بعد إعدام شقيقه لمشاركته في الانتفاضة ، فحصل على لجوء إنساني في دولة أوروبية ، أما الأشقاء الثلاثة فهم أيضا غادروا الجحيم العراقي، فاستقر كفاح في الولايات المتحدة وسلام خياطا في الأردن ، والأصغر في ايرلندا ، وحصل التشتت العائلي بعد بيع البيت وتوزيع الحصص بين الورثة .
عاد الأشقاء بعد الإطاحة بالنظام السابق إلى العراق منفردين ، ولم يستطيعوا الاتفاق على موعد محدد للقاء مشترك في بغداد ، لان التزامات العمل حالت دون ذلك ، ولكن الاتصال يحصل عادة بينهم عبر الوسائل المتوفرة ، ومحوره يدور حول مصير "بقجة الحجية " ، وحتى هذه اللحظة لم يفلحوا في الكشف عن سر محتوياتها .
المقربون من الابن الأكبر يعرفون قصة "بقجة الحجية " حتى أصبحت مادة للمزاح ، وقبل أيام وصلت رسالة إلكترونية لأحد أصدقاء كفاح يبين فيها أن اتفاقا عائليا حصل مؤخرا على السفر إلى بلد إقامة الشقيقة الكبرى في موعد محدد لكشف محتويات "بقجة الحجية " .
الكشف عن محتويات بقجة الحجية ، وهنا" رباط الحجي" يأتي في وقت يتزامن مع وجود بوادر لحل بعض من المشاكل وليس كلها بين الحكومة الاتحادية ، وإقليم كردستان ، وستكون عائلة كفاح سعيدة جدا في حال حسم أزمتين في وقت واحد ، وينتهي ملف "بقجة الحجية" بتوزيع محتوياتها بين الأبناء .
"بقجة" الحجية
[post-views]
نشر في: 15 ديسمبر, 2012: 08:00 م