مات الطفل (م) منتحراً، هذا الطفل عمره خمس سنوات لكنه لا يعيش مثل كل الأطفال في مثل عمره ... لم يذق طعم حنان الأم والأب! مأساته بدأت يوم أن حدث الشرخ في بيت الأسرة وتصدعت أركانه بطلاق والديه ... ليت الأمر يتوقف عند هذا الحد، فقد لقي العذاب مرة على يد زوج أمه ومرات على يد زوجة أبيه!... فكر الصغير بان الحياة لا معنى لها وانتحر في صمت! لنتعرف سوية على هذه الحكاية الموجعة.
عقارب الساعة تجاوزت التاسعة مساء، مدير شرطة الرصافة ومعاونه يستعدان إلى مغادرة المديرية .. وفجأة تقف امرأة شابة أمامهما تريد تقديم شكوى والإبلاغ عن جريمة قتل راح ضحيتها ابنها واتهمت بقتله زوجة أبيه! يدخل معها مدير الرصافة إلى المديرية ويطلب منها الكلام... فجأة تنتابها نوبة بكاء مستمرة ... يطلب منها المدير الهدوء لتروي ما حدث ... جلست الفتاة لتقول ... تزوجت منذ أكثر من خمس سنوات من رجل يعمل سائقاً ... تقدم لخطبتي في البداية ووافقت عليه بعد أن وجدت انه الشخص المناسب لي ... وللأسف اكتشفت بعد أيام من الزواج إنني أخطأت الاختيار ... وجدته أنسانا آخر ... عاطل عن العمل ... يعمل يوم ويجلس "عطال بطال" أسبوعين .. .طلب مني أن اعمل حتى انفق على البيت ... لم أجد أمامي بديلا بحثت عن عمل ... عملت خادمة في البيوت لكي أحافظ على كيان بيتي بعد مرور سنة رزقني الله بأحمد ... كانت فرحتي لا توصف به ... ذات يوم دخل زوجي ومعه امرأة ساقطة ... جن جنوني ... لم أتمالك نفسي ... تركت له البيت أنا وابني الصغير وذهبت إلى بيت أهلي ... رويت لأبي ما حدث ... طلبوا مني أن اتركه ... لكني راجعت نفسي وقلت بعد تفكير أن الستر والاستقرار مطلوب من المرأة... جاء بعد أيام إلى والدي واعتذر لي وعدت معه إلى المنزل ... لكنه لم ينصلح.. مشاكل كثيرة ... أدمن شرب العرق مع أصحابه... سئمت من الحياة معه ... وجدت أن الحل الأمثل هو الطلاق ... طلبت منه الطلاق وافق على الفور وطلقني... عدت إلى بيت أهلي ومعي ابني... وبعد أشهر اكتشفت أن زوجي تزوج بأخرى ... وتزوجت أنا مرة أخرى نكاية به ... ومن شخص كان يسكن بجوارنا واشترطت عليه أن يكون ابني الصغير معي ... وافق في البداية... لكني بعد ذلك اكتشفت أن زوجي يكره ابني كثيرا ... كان يعتدي عليه ويضربه كل يوم ... هرب ابني إلى منزل والده ... عاش مع والده بعد أن أبدى ارتياحا للعيش معه ومع زوجة أبيه ... لم اكن أتوقع ما يحدث له من زوجة أبيه ... في يوم من الأيام اخبرني الجيران بان ابني توفي بعد ان عذبته زوجة أبيه ... هرولت إلى مسكن زوجي ... سألته عن ابني فأجابني بأنه ألقى بنفسه من السطح وانتحر ... لم اصدق هذا الكلام ... وخصوصا بعد رواية الشهود الذين أكدوا ان (س) زوجة أبيه هي التي ألقت به من السطح وقتلته !... اهتم مدير شرطة الرصافة بأقوال الأم وطلب من مركز باب الشيخ تسجيل شكوى لها والقيام بالإجراءات القانونية اللازمة بذلك ... استدعى ضابط التحقيق في مركز الشرطة الأم ودون إفادتها وطلب من الطب العدلي تشريح الجثة ومعرفة أسباب الوفاة ... بعد أيام جاءت استمارة تشريح الجثة لتذكر بان الطفل تعرض للتعذيب في كل أنحاء جسده بالحرق والضرب المبرح ... ضابط المركز جمع المعلومات من الجيران وطلب من القاضي تدوين إفادة الشهود والتحري في بيت الأب ... وقد ثبت للشرطة بعد جمع المعلومات من الجيران بان زوجة الأب كانت تكره الطفل وطردته اكثر من مرة من البيت ... لكن الابن الصغير كان يعود مرة أخرى لأبيه ... ويوم الحادث خرجت زوجة الأب من البيت في الصباح الباكر ... ونهض الطفل الصغير الذي لم يتعد الخامسة من عمره من نومه حيث طلبت منه زوجة الأب قبل خروجها المعتاد أن يقوم بتنظيف البيت ... وبعد ان انتهى من التنظيف قامت وضربته بدون سبب وطلبت منه ان يذهب إلى السطح ويبقى هناك حتى تعود من السوق ... لكن الطفل ظل ساعة كاملة فوق السطح وحينما أحس بالتعب جلس على كرسي قديم مجاور لباب السطح ليرتاح قليلا ... قبل أن تعود زوجة الاب وتضربه مرة أخرى! ولكن فوجئ بزوجة أبيه تدخل عليه وتصعد السطح وتضربه بقدمها في صدره ثم أشعلت قطعة حديدية على الطباخ وقامت بتعذيبه بها والكي في أنحاء جسده ... وحينما حاول الطفل الصغير الهرب إلى السطح المجاور لبيته أسرعت خلفه ... وألقت به من "الاستارة" إلى الأرض ففارق الحياة في الحال! أمر القاضي بإلقاء القبض على زوجه الأب المتهمة بقتل الطفل الصغير واعترفت أمام ضابط التحقيق بأنها قتلت الطفل ... أمر القاضي بحبسها على ذمة التحقيق! أرسلت الشرطة على الأب لمعرفة تفاصيل الحادث وأسباب انتحار الصغير ... جاء وجلس أمام زوجته (س) حيث تبادلوا الاتهامات ... جلس يروي لضابط التحقيق بدموعه بأنه السبب في قتل ابنه بعد أن تركه وترك أمه وترك الصغير لزوجته الجديدة التي فتكت به... بينما كانت والدته تبكي بحرقة وهي تروي كيف كانت هي الأخرى السبب في وفاة ابنها بعد أن تركته لزوجة الأب التي قتلته... بينما وقفت المتهمة (س) تعترف قائلة لم اقصد قتل ابن زوجي ... انه كان مشاكسا وكثير اللعب وهو الذي القى بنفسه من السطح على الارض ... انتهت المتهمة من حديثها أمامنا وهي ما زالت مصرة على الإنكار رغم شهادة الجيران وزوجها نفسه الذي اعترف بأنها كانت تضربه وتقسوا عليه باستمرار ... بعد أيام من توقيف المتهمة (س) وصل التقرير النهائي من الطب العدلي الذي قلب القضية التحقيقية رأسا على عقب عندما ذكر بان المجني عليه انتحر عندما ألقى بنفسه من سطح الدار بعد هروبه من شدة التعذيب وظنت زوجة الأب أنها السبب في موته ... هذا التقرير أثار استغراب ضابط التحقيق وكافة الشهود ... والذي قلب موازين القضية ... والذي شمت الشرطة بان هناك تأثيراً مباشراً وضغطاً مورس على الطب العدلي ليغير رأيه في هذا الحادث المثير!