TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شتائم كاتيوشا

شتائم كاتيوشا

نشر في: 16 ديسمبر, 2012: 08:00 م

في أكثر من مناسبة دعا الرئيس جلال طالباني الأطراف المشاركة في الحكومة إلى نبذ  تبادل الاتهامات واستخدام وسائل الإعلام في طرح السياسة ، والدعوة قديمة وأعلنت مع بدء الأزمة السياسية بعد رحيل القوات الأميركية نهاية العام الماضي ، لغرض توفير الظروف والأجواء المناسبة لعقد المؤتمر الوطني ، والحالة العراقية في تبادل الاتهامات تكاد تكون مواجهة بالشتائم ، ويعتقد من يمتلك أكثر من فضائية وجريدة ووكالة  أنباء،  بأنه  يستطيع أن يبطش بخصمه في الجولة الأولى بالضربة القاضية .

الإعلاميون  المكلفون بتغطية جلسات مجلس النواب أصبحوا ناقلين للاتهامات والشتائم ، وبعضهم  قرر أن يبحث عن ساحة أخرى قد توفر له المعلومة  الصحيحة ،  وأكثر مراسلي الصحف والفضائيات  أدركوا بأن البرلمان لم يعد مصدرا للمعلومات ، وهناك استثناء في هذا الأمر عندما يتعلق بقصد تسريب معلومة تنطوي على اتهام خطير ، وأصحاب التسريبات من النواب  باتوا معروفين ،فأحدهم يمتلك قواعد صواريخ كاتيوشا جاهزة للإطلاق على معاقل الخصوم في  ساعة الصفر ، وآخر  لديه هاون 80 ملم ، والثالث، اتخذ موضع الهجوم في متراسه   ليصوب رصاص بندقيته نحو صدور الخصوم ،  ليحقق النصر الناجز على الأعداء حفاظا على مسار العملية السياسية  استنادا لتصوراته !

  مكتب إذاعة دولية في بغداد قرر مؤخرا منع نقل أي تصريح لنائب ينطوي على اتهام لطرف آخر ، لرفضه أن يكون وسيلة لتبادل الشتائم ، واشترط المكتب على من يرغب في إدلاء بتصريح أن يقدم معلومات حول قضية محددة ، تتعلق بتشريع القوانين ، ذات المساس المباشر بحياة العراقيين، وبإمكان وسائل الإعلام الأخرى أن تتبنى هذه الخطوة وتنقذ جمهورها من متابعة مهازل يومية ، جعلت المشهد السياسي بنظر الآخرين ، مهزلة يومية ،  اتصفت بها التجربة الديمقراطية بنسختها العراقية  .

ما يثير الأسف أن بعض وسائل الإعلام  وخاصة  عددا محدودا من الفضائيات  تحرص دائما على أن تكون حالة تبادل الاتهامات أي الشتائم مادة أساسية لبرامجها ، من دون أن تدرك مخاطر خطابها على السلم الأهلي ، فهي تصر على تهديد التعايش  المجتمعي،  فانساقت وراء أصحاب الكاتيوشا بنقل تصريحاتهم ، وفي بعض الأحيان تبنيها لتحقيق مآرب توصف عادة بأنها تخدم الجهات الممولة لتلك الفضائيات ، وهذا الخطاب لا يندرج ضمن مفهوم الإعلام المضاد لأنه يخدم مصالح طرف على حساب آخر ،  ولكنه يعكس الصورة الواضحة للمهزلة الراهنة.

بعض وسائل الإعلام العراقية حتى الآن لم تعرف بعد أهمية السلطة الرابعة ، فهي إما تكون تابعة لحزب أو تنظيم سياسي ،  مشارك في الحكومة ، أو مدعومة منه ، وعلى الرغم من حقها  في الدفاع عن حزبها والترويج لأفكاره ومشاريعه وبرامجه ،  إلا أنها وطبقا للدستور وأعراف العملية السياسية وقواعدها غير مسموح لها أن تكون  عاملا في إثارة صراع قومي أو طائفي ،  ويجب أن تكون ملتزمة بصفة الانتماء للسلطة الرابعة  وأن لا تكون  قواعد لإطلاق صواريخ  الكاتيوشا .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

 علي حسين في السبعينيات سحرنا صوت مطرب ضرير اسمه الشيخ امام يغني قصائد شاعر العامية المصري احمد فؤاد نجم ولازالت هذه الاغاني تشكل جزءا من الذاكرة الوطنية للمثقفين العرب، كما أنها تعد وثيقة...
علي حسين

زيارة البابا لتركيا: مكاسب أردوغان السياسية وفرص العراق الضائعة

سعد سلوم بدأ البابا ليو الرابع عشر أول رحلة خارجية له منذ انتخابه بزيارة تركيا، في خطوة رمزية ودبلوماسية تهدف إلى تعزيز الحوار بين المسلمين والمسيحيين، وتعزيز التعاون مع الطوائف المسيحية المختلفة. جاءت الزيارة...
سعد سلّوم

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

احمد حسن تجربة الحكم في العراق ما بعد عام 2003 صارت تتكشف يوميا مأساة انتقال نموذج مؤسسات الدولة التي كانت تتغذى على فكرة العمومية والتشاركية ومركزية الخدمات إلى كيان سياسي هزيل وضيف يتماهى مع...
احمد حسن

الموسيقى والغناء… ذاكرة الشعوب وصوت تطوّرها

عصام الياسري تُعدّ الموسيقى واحدة من أقدم اللغات التي ابتكرها الإنسان للتعبير عن ذاته وعن الجماعة التي ينتمي إليها. فمنذ فجر التاريخ، كانت الإيقاعات الأولى تصاحب طقوس الحياة: في العمل، في الاحتفالات، في الحروب،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram