لا أدري إن كانت الحكومة قد حشدت أو في سبيلها لحشد قواتها وتجهيزها بالعتاد اللازم لمنازلتها أو صولتها الجديدة مع مجموعة "مابلكروفت Maplecroft" العالمية.
هذه المجموعة التي يوجد مقرها في مدينة باث البريطانية (جنوب غرب) متخصصة في مراقبة وتقصي المخاطر السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي تؤثر على الفرص الجديدة المتاحة لقطاع الأعمال، وخاصة في الأسواق الناشئة، أصدرت في الثالث عشر من الشهر الحالي تقريراً عن اوضاع حقوق الانسان وما يهددها جاء العراق فيه بالترتيب السابع بين الدول العشرة الأكثر تهديداً لحقوق الانسان بسبب سوء الأوضاع السياسية والانسانية فيها.
تقرير كهذا سيغيظ الحكومة بالتأكيد لأن مسؤوليها يحرصون على انطباع مختلف عنها أكثر من حرصهم على تقصي حقيقة المعلومات الواردة في التقارير من هذا النوع، وربما سترد بأن تقرير مابلكروفت غير صحيح والمعلومات التي استند اليها غير دقيقة، وقد تُشكك في نوايا ودوافع الجهة التي أصدرته. والحكومة ستقول إن حقوق الإنسان في البلاد مكفولة بموجب الدستور، وانه بخلاف ما كان يجري في ظل النظام السابق صار في وسع العراقيين أن يعبّروا عن آرائهم بحرية، وان الاعتقالات لا تجري الا بموجب مذكرات قضائية.
طبعاً هذا نصف الحقيقة ، اما النصف الآخر فان أكثر العراقيين لا يعرف في الأساس ما هي حقوقه، وهو لا يتمتع بها بالتالي بل ولا يعرف كيف يتمتع بها. كما ان هؤلاء لا يستطيعون التعبير عن آرائهم بحرية تامة في الواقع، فثمة موانع وعوائق كثيرة، أهمها الخوف على مصدر الرزق، إن في مؤسسات الدولة أو خارجها. حتى الاعتقالات التي تجري بموجب القانون لا تجري في كلها مراعاة حقوق الانسان أو أحكام القوانين المحلية.
المشكلة ان الحكومة ومؤسساتها لديها مفهوم محدود لحقوق الانسان يُقصرها على الحقوق السياسية، فيما هناك طائفة واسعة من الحقوق تشملها حقوق الانسان. منذ أيام أفاد تقرير لمنظمة اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة بان خمسة ملايين ونصف المليون طفل عراقي محرومون من أبسط الحقوق. حرمان الاطفال من ابسط حقوقهم هو انتهاك سافر لحقوق الانسان. وقبله أظهرت تقارير محلية ودولية ان نسبة كبيرة من النساء العراقيات تتعرض لأشكال شتى من العنف الأسري والمجتمعي. كما اعترفت تقارير عدة محلية ودولية بوجود نسب كبيرة من الفقراء والأميين والمرضى بعلل مزمنة، وبتلوث مدننا وبيئتنا وتردي الأنظمة التعليمية والصحية والخدمات البلدية.
انتهاك حقوق الانسان لدينا قائم في كل مكان وزمان في بلادنا، ففي استمرار أزمة الكهرباء انتهاك لهذه الحقوق، وفي امتلاء الشوارع والأزقة بالازبال والمياه الآسنة انتهاك لحقوق الانسان، وفي قصور النظام الصحي عن تلبية الحاجة للعلاج من الأمراض انتهاك لحقوق الانسان، وفي عدم توفر المدارس المناسبة لملايين التلاميذ انتهاك لحقوق الانسان، وكذا في عدم توفر المساكن والنقل المناسب .. وفي .. وفي.. حتى ينقطع النفس.
تقرير جديد عن سوء حالنا
[post-views]
نشر في: 16 ديسمبر, 2012: 08:00 م
جميع التعليقات 1
Abu Semir
Big brothers are busy how to fill their pockets and children’s right are the last things in their mind, if they have healthy brain.