اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > القطاع الصحي في الناصرية تخلّف بيئي وتدهور خدماتي!

القطاع الصحي في الناصرية تخلّف بيئي وتدهور خدماتي!

نشر في: 19 ديسمبر, 2012: 08:00 م

التركيز والمتابعة لما يجري ضمن القطاع الصحي في قضاء الناصرية مركز محافظة ذي قار من قبل المراقبين سواء من الإعلاميين المهنيين أو من قبل البعض من المواطنين، هما أمران غاية في الأهمية، فثمة إخفاقات وظواهر سلبية تبرز ضمن القطاع الصحي والبيئي والخدماتي الطبي ضمن القطاعين العام والخاص، وقد تعددت المجالات التي تشهد هذا التخلف الصحي والبيئي والإداري والخدماتي، بدءا من المستشفيات والمراكز الصحية وانتهاء بعيادات الأطباء والصيدليات التي تنتشر في شارع الحبوبي مركز مدينة الناصرية.
    مستشفى الحسين التعليمي
في  مستشفى الحسين العام في مركز محافظة ذي قار (الناصرية) ثمة تدنٍ واضح في مستوى الخدمات البيئية والصحية، حيث الغياب الواضح لمعايير النظافة في دورات المياه، وازدياد تراكم كميات النفايات في أماكن تقع في محيط المستشفى.
 إضافة إلى ازدياد نسبة الزائرين وارتفاع نسبة الضوضاء، وافتقار المستشفى للعملية التنظيمية، فمثلا إن كنت تبحث عن أحد أطباء المستشفى، فالأمر صعب ، ستظل تبحث عنه وتظل كذلك ، ثم قد تعثر عليه أو لا تعثر، فأين تجده؟ في غرفة استراحة الأطباء ؟ أو إحدى الردهات؟ أو قد لا تعثر عليه؟ بالمصادفة خطر ببالي أن أتصل بوحدة إعلام المستشفى، قدمت نفسي كصحفي لأحد الموظفين في هذه الوحدة ، فرحب بي فطلبت منه مساعدتي في اقتفاء أثر الطبيب المسؤول عن توقيع الإجازات المرضية، فقد أجرت زوجتي عملية جراحية واستحقت إجازة مرضية باعتبارها معلمة، وبالكاد عثرنا على الطبيب، أما إجراءات منح الإجازة المرضية، فإنها تبدأ بنقابة الأطباء التي تقع داخل المستشفى، لكن الأدهى أن نقابة الأطباء لا تمنح الإجازة دون استيفاء مبلغ خمسة آلاف ومئتين وخمسين دينارا دون عنوان أو مبرر، طلبت من إحدى الموظفات في نقابة الأطباء تفسيرا وتعليلا لاستيفاء هذا المبلغ، فقالت إنه أمر رسمي صادر عن الحكومة، فقلت لها لكن النقابة غير تابعة للحكومة بل هي مستقلة مثل بقية النقابات، فسكتت ولم تنبس ببنت شفة.

  محيط المستشفى
أما في المحيط الخارجي لمستشفى الحسين فثمة بيئة متسخة، تراكمت في إحدى زواياها أكداس من الأثاث والأجهزة المحطمة، مما يبعث على الاستياء، وتفتقر المستشفى إلى حديقة خضراء، وفي داخل المستشفى ثمة أرض يباب لم تتم زراعتها لتكون بمثابة رئة طبيعية للمستشفى، في دورات المياه الموزعة داخل المستشفى تجد العجب العجاب، فالتلوث بلغ أشده، مما يشكل مرتعا خصبا لانتشار مختلف الأمراض فإذا كانت بيئة المستشفى بهذه الصورة السيئة فكيف يتسنى للمرضى والزائرين المحافظة على صحتهم؟ أليس من المنطقي وحسب معايير البيئة النظيفة أن تكون المستشفى أكثر أمانا من البيئة الخارجية؟ لكننا نجد العكس تماما.
يقول أحد المواطنين "عندما ندخل إلى مستشفى الحسين العام في الناصرية البناية القديمة تواجهك روائح كريهة وكأنك في مقبرة فالمرافق الصحية متسخة تنتشر فيها جميع أنواع القوارض والصراصير والحشرات.
الأغرب أن كادر المستشفى يشكو نفس الحالة البيئية والصحية المزرية للمستشفى، سألت أحد الموظفين عن طبيعة هذه المشكلة وقلت له “لماذا لا تحتجون على الوضع المزري والبيئي للمستشفى“؟ فقال “لا جدوى من الاحتجاج“ ثم أردفت سائلا “لماذا لا تطالبون الإدارة بمتابعة مسؤولياتها تجاه المشكلة البيئية والصحية في المستشفى لتجد حلا لها؟ هل تفتقر الإدارة للمال الكافي والعمالة الخدمية؟“ فقال “لا حياة لمن تنادي“.
المواطن محمد سهل الاسماعيلي يقول "هكذا يرغب بعض كادر المستشفى "هرج ومرج"، فعندما كان المدير السابق يتابع ويراقب نصب له بعض المنتسبين  العداء هم يريدون مستشفى بلا رقيب".
      صالة إجراء العمليات
 في صالة  إجراء العمليات الجراحية وجدت زحاما من المواطنين والمواطنات وهم ينتظرون خروج مرضاهم من غرفة العمليات بعد إتمام العملية الجراحية لهم، كأنك تدخل سوقا شعبيا مزدحما، رأيتهم يجلسون على الأرض (الجلسة الصحراوية) هذا حال مستشفى الحسين العام في قضاء الناصرية ، سيئ جدا وسط صمت المرضى وموظفي المستشفى وسكوت وسائل الإعلام وصمتها.
يقول المواطن س . ج "الرجاء تغيير اسم المستشفى القذر فالمستشفى لا يستحق وهو بهذه الحالة أن تطلق عليه هذه التسمية".
 إن وضع المستشفى الصحي والبيئي السيئ دليل تخلف إداري وإهمال واضح للعيان، فما بال إدارة المحافظة؟ وما هي حدود مسؤولياتها تجاه هذا الوضع المقرف؟ هل تغض الطرف وتظل تنظر بعين واحدة؟ وما هي مسؤولية دائرة صحة ذي قار؟ ألا تبادر إلى محاسبة المقصرين وتأخذ على أيديهم أم أن المجاملة هي المبدأ المتداول بين إدارة صحة ذي قار وإدارة مستشفى الحسين العام؟
  عيادات أطباء  ملوثة
 تنتشر العديد من عيادات الأطباء في مختلف المدن العراقية لكن بعض بنايات هذه العيادات قديمة وضيّقة تفتقر لأدنى ضوابط السلامة الصحية والبيئية، تجد  نفسك محشورا ضمن طوابير المرضى حتى تكاد تختنق فالوصول إلى بعض العيادات يتم عبر ممرات ضيقة جدا ، مع غياب النظافة والهواء النقي وانتشار التلوث بصورة مخيفة.
وبالقرب من هذه العيادات تنتشر العديد من الصيدليات التي يبيع أصحابها الدواء بمبالغ عالية دون ذمة أو ضمير فلا رقيب ولا متابعة من وزارة التجارة أو من قبل دائرة صحة ذي قار، ومن البديهي أن المواطن هو الضحية دوما.
إن العيادات الطبية تمثل بنى تحتية أساسية لتقديم الخدمات للمرضى لكن لا بد أن تكون بناياتها صحية وواسعة ومريحة ونظيفة جدا، أما أن تكون ضيقة وغير صحية وغير نظيفة فهو أمر غير مقبول، لأنها بدل أن تكون أماكن صحية يستريح فيها المرضى من عناء المرض تحولت إلى أماكن تفتقر لعناصر السلامة الصحية يشعر عندما يرتادها المرضى بالانزعاج .
             لا وجود للبدائل
 في محافظة ذي قار وتحديدا في قضاء الناصرية ثمة عيادات لا تصلح لتقديم الخدمات الصحية، فهي متخلفة من جميع النواحي، فأين وزارة الصحة؟ لماذا لا تقترح البدائل في إطار حملة رصينة عبر الاستثمار لحل هذه المشكلة المرتبطة بالمواطنين وصحتهم؟ إن من ضمن حقوق المواطنين الدستورية التمتع بهذا الحق الصحي المشروع، ومن الخطأ تجاهله لأن ذلك يعد استهانة بالمواطنين، وليس من المستحيل أن تبادر الحكومة إلى اقتراح مشروع بناء بنايات بديلة تستوعب الطلب في هذا المجال، أو بناء مجمعات طبية للقطاع الخاص عبر الاستثمار لحل هذه المشكلة، باعتبار أن الهيكلية الهندسية الفنية والعمرانية للعيادات الطبية يجب أن تتطابق مع المواصفات العالمية الحديثة، أما يبقى أن الحال كما هو (عيادات متخلفة العمران، تعشش فيها الأمراض والأوبئة، ضيقة تفتقر لأدنى ضوابط السلامة الصحية) فهذا يشكل خللا في طبيعة البناء العمراني وثغرة في مجال الصحة العامة .

 أجور عالية جداً
يشكو الكثير من المواطنين تخلف بعض العيادات الطبية، ومن حقهم المطالبة ببناء البديل لأن ارتياد هذه العيادات جزء لا يتجزأ من حياتهم ، أما بالنسبة لأجور الخدمات في العيادات الطبية فهي عالية قياسا بدخول بعض المواطنين المتدنية ، فقد وصل الجشع بالقائمين على تقديم الخدمات في هذه العيادات حدا لا يطاق، بدءا من تسعيرة بطاقة الكشف العالية ، وليس انتهاء بأجور التحليلات المرضية وغيرها من الخدمات التي لها صلة بالواقع الصحي.
فأين لجان الرقابة الصحية مما يجري؟ هل هي عاجزة عن متابعة ما يحدث؟ هل يمكن للمواطنين الضغط على من يستغلهم؟ إن مسؤولية المراقبة والمتابعة ورصد المخالفين هي في عهدة وزارة الصحة فلماذا السكوت والتزام الصمت؟
الجدير بالذكر أن العشرات من الأطباء المتخصصين في محافظة ذي قار كانوا قد أعلنوا اعتصاما خلال الأشهر المنصرمة مطالبين بتأمين الحماية اللازمة للأطباء العاملين في المؤسسات الصحية.
وذكر نقيب الأطباء الدكتور عبد الحسن النيازي "أن اعتصام الأطباء في ذي قار حدث عقب ظهور بوادر حملة محمومة تستهدف الأطباء في ذي قار تمثلت بتصريحات مسيئة للأطباء أطلقها مسؤولون محليون".
فمجلس محافظة ذي قار يطالب بعيادات وفق المواصفات العالمية، متناسيا سوء الخدمات الأساسية في قطاعات الكهرباء والماء والمجاري وغيرها من القطاعات الأخرى، لقد دعونا من خلال الاعتصام إلى تشكيل لجنة من وسائل الإعلام ودائرة البيئة والدوائر المعنية الأخرى لمراقبة أداء العيادات الطبية الخاصة والتحقق من مستوى التطور الذي شهدته العيادات في الآونة الأخيرة".
                               
 أطباء مغرورون ومتكبرون
المواطن ميثم أحمد حمدان يقول "بعض الأطباء يقضون النهار كله في العمل فصباحا وإلى ما بعد الظهر هم يمارسون العمل في المستشفى وبعد ذلك ينطلقون لإلقاء المحاضرات في كلية الطب وبعد ذلك يتجهون إلى عياداتهم ومساءً يجرون العمليات الجراحية في المستشفيات الأهلية ترى هل يمكن لهؤلاء أن يتقنوا مهنتهم الطبية مع هذه الساعات المتواصلة من العمل ليل نهار؟".

المواطن زائر علي الناصري يقول "بعض  أطباء الناصرية مغرورون ومتكبرون
وكأنهم من عالم آخر".
ويوضح المواطن المدعو السهلاني "مهنة الطبيب مهنة إنسانية لكن مع الأسف نجد بعض الأطباء يفتقدون هذه الأخلاقية لأن هدفهم إشباع رغباتهم وعدم الشعور بالمسؤولية... ثقوا إن الأطباء (ماعدا القليل) ينظرون إلى بقية البشر كأنهم من طبقة متدنية المستوى".
المواطن ك . ق  يحمل شهادة الهندسة يقول "الحق يقال العيادات الطبية ليس فقط في قضاء الناصرية بل في عموم محافظة ذي قار لا تتوفر فيها أبسط مقومات الصحة ، لكن لو قارنا بينها وبين محل لبيع الموبايلات لوجدنا المحل أفضل بكثير من عيادة طبيب أخصائي، أين لجنة المراقبة؟ لكي تراقب وتتابع الوضع؟".

المواطن ابن ذي قار يبيّن "ثمة مقترح  لبناء مجمعات طبية قرب شارع إبراهيم الخليل لكن حتى يومنا هذا لم يتم تفعيل المقترح المذكور، لذا نناشد المحافظ ومجلس المحافظة تذليل الصعوبات وتفعيل المقترح".
  غياب الكفاءة
المواطن  مصطفى الطائي يقول "لا يوجد  أطباء كفوئين في الناصرية إلا  القليل  والدليل أن بعض المرضى يسافرون إلى  بغداد والبصرة  وكردستان للمراجعة".
المواطن م .ك يقول "عيادات أطباء الناصرية هي دكاكين لنهب أموال الفقراء الذين يراجعون الأطباء في المستشفى فيطلبون منهم مراجعتهم في عياداتهم الخاصة".
 المواطن ميثم أحمد حمدان أشار إلى انه "يجب توفير الحماية للمواطنين من خلال تفعيل القوانين التي تحقق ذلك، فكثيرا ما سمعنا عن حدوث أخطاء من قبل بعض الأطباء بحق المرضى".
هكذا يبدو الواقع الصحي الطبي في محافظة ذي قار وبالضبط في قضاء الناصرية مركز المحافظة واقعا مليئا بالمشكلات التي تحتاج إلى حلول جذرية عبر جهود الجهات المختصة منها وزارة الصحة، ومجلس المحافظة وإدارة المحافظة المتمثلة بشخص المحافظ فهل هنالك حياة لمن تنادي؟ وهل ثمة من يسمع؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

طقس العراق.. أجواء صحوة وانخفاض في دراجات الحرارة

أسعار صرف الدولار تستقر في بغداد

تنفيذ أوامر قبض بحق موظفين في كهرباء واسط لاختلاسهما مبالغ مالية

إطلاق تطبيق إلكتروني لمتقاعدي العراق

"في 24 ساعة".. حملة كامالا هاريس تجمع 81 مليون دولار

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram