في كل يوم تكشف لنا المعالجات الدرامية التي وضعها مقربو الحكومة وكتاب سيناريوهاتها أن نظام صدام حاضر بقوة وبكامل معداته، وان اعلام المعركة تم استدعاؤه للخدمة الإلزامية.
في كل يوم يصحو العراقيون على سيناريو جديد لكنه سيئ الحبكة، فبعد أن انتظرنا تفسيرا لأيام العراق الدامية، وبعد أن عجز الناس عن حل لغز صفقة الأسلحة الروسية، وضربنا أخماسا في أسداس لنعرف سر التفجيرات التي تضرب مدن العراق كافة، وبعد أن وعدتنا الحكومة بان تحل لغز اغتصاب السجينات، بعد كل ذلك، اكتشفنا بالصدفة ان ضياع ثروات البلد وسرقة ملياراته يقف وراءه رجل نحيف اسمه سنان الشبيبي.
في كل دول العالم تكون وظيفة السياسي الحقيقي هي إدارة شؤون البلاد على نحو يجعل الناس أكثر أمنا وسعادة وإيمانا بالمستقبل، إلا في العراق حيث يشيع ساستنا الرعب ويكرسون لثقافة الكراهية والعنف، مستخدمين فزاعة الإرهاب والأجندات الخارجية، خطاب لا يختلف عن الخطاب المقيت الذي كان صدام يصدع به رؤوسنا كل يوم، يتحدثون عن الفوضى فيما هم أول من ينشر الخراب في كل مكان، يتحدثون عن القانون والعدالة وهم يحرقون البلاد صباح كل يوم، مولعون بالاتجار بقضايا الناس، وقد استثمروا في السنوات الأخيرة فوضى غياب القانون فازدهرت تجارتهم وسط حشد مهول من الكلمات الزائفة، كل يوم تسقط عشرات الضحايا وتفقد امهات اعز ما لديها وتترمل نسوة، فيما سياسيونا يصرون على ان يملؤوا منابر الفضائيات صخبا وضجيجا في الوقت الذي يعرف الناس جيداً من القاتل ومن قتل ومن أعطى التعليمات ومن حرق كل المؤسسات لتختفي الحقائق.
اليوم العراقيون يريدون دولة الحرية والإخاء والمساواة، وليست الدولة المريضة والفاسدة التي تحكمها ثقافة الجهل والفقر والمرض، ولا مكان فيها لأي شيء حقيقي، بل المكان والمكانة لكل شيء مزيف ومزور وكاذب ومنافق وغشاش وفاسد وقاتل وانتهازي وسارق ومزور.
اليوم ندرك جميعا ان الاستقرار لن يتحقق إلا إذا تخلص الناس من سياسيي الأزمات، الذين أثبتت التجربة في السنوات الماضية أنهم جاءوا لخدمة مصالحهم والكتل التي ينتمون إليها، فازدادوا ثراء فوق ثرائهم، وتخمة فوق تخمتهم، وأشاعوا الأجواء بخطب ومناكفات شخصية ومشاحنات يضعون قدما في السلطة والأخرى في إحدى دول الجوار، فهم يختلفون في درجة قربهم من المنافع وليس في درجة قربهم من الناس.. وانهم في نهاية المطاف يلتقون مع أقرانهم من المسؤولين في نقطة واحدة وهي "البقاء في المنصب والحفاظ على المكاسب" سيملؤون السموات والأرض بتصريحات عن الوطنية ومصلحة البلاد وعن اليتامى والأرامل، ناسين ومتناسين أن الذين تسفك دماؤهم كل يوم وتهدم بيوتهم وتغتصب نساؤهم هم الذين أجلسوهم على كراسي الحكم، وهم أيضا أصحاب الفضل الأول في العملية السياسية التي يتاجرون بها.
من المعيب جدا ان يخرج علينا نائب منتخب "علي شبر" ليبرر جريمة اغتصاب السجينات بالقول ان "هناك بعض حالات الانتهاكات بحق سجينات داخل المعتقلات، إلا أنها فردية".
ومن المعيب جدا ان تدافع الحكومة عن هذا الملف المخزي فتحذر كل من تسول له نفسه الحديث عن هذه القضية التي لايزال الاعلام يتحدث ويكتب عنها فيما الحكومة ترفع شعار لا ارى لا اسمع لا اتكلم.. ومن المعيب ان يرفع وزير عدل الحكومة لافته تقول ممنوع زيارة السجون.
ما ليس مقبولا أن يصبح مستقبل الناس وامنهم سلعة رخيصة في سوق المزايدات السياسية، وليس مقبولا أن يحاول البعض التغطية على مثل هذه الجرائم البشعة ليوجه الأنظار نحو ملفات أخرى لا ناقة للناس فيها ولا جمل.
العار سيبقى يطارد كل المسؤولين والسياسيين الذين صمتوا على ما جرى في قضية اغتصاب السجينات.... ايها السادة لقد سقطت دولتكم حتى لو كان ما حدث مجرد حوادث فردية مثلما بشرنا النائب الشبر.
جميع التعليقات 1
ابوسجاد
استاذي العزيز انت والله قلبي ولسان حالي بكتاباتك القيمة تثلج ذلك القلب الساخن ولكن هل نبقى نكتب فقط ونبقى دون فعل على الارض وكم عدد الذين يقراون مقالاتك والخيرين من امثالك ان كان سرمد او المهنى او فخري اوعدنان او علاء والقائمة تطول انت تعرف جيدا كم عدد ال