عندما يظهر الصحافيون و الناشطون السياسيون على نحوٍ بارز في مهرجان أدبي، تعرف أن حرية الكلام قضية كبيرة. و قد عبّر الكاتب الباكستاني محسن حميد عن نظرة العالم إلى باكستان بقوله، " إننا نشبه شخصية الجلف في فيلم من أفلام الرعب "، كما يقول نوشين عبّاس في تقريره هذا.
و هذا البيان هيّأ المسرح لقصة بديلة في باكستان خلال مهرجان كراتشي الأدبي الأخير، الذي حضره عدد من أشهر الكتّاب، و الناشطين، و الفنانين في البلد. لكن ما كان واضحاً على امتداد الجلسات الانفعالية المزدحمة هو أن هذه الأصوات يمكن أن يغطي عليها ضجيج التطرف . و كانت أكثر الجلسات شعبيةً تلك التي كانت تناقش هوية البلد و مسألة مستقبل باكستان الدائمة الحضور.
و قد تحدثت مديحة جوهر، من مؤسسة مسرح أجوكا عن مسرحيتها Burqavanza، التي منعتها الحكومة في عام 2007، قائلةً إن المسرحية كانت حول " الحب في زمن الجهاد ". فالحب يمكن أن يكون شيئاً خطيراً. و وفقاً لمدير مفوضية حقوق الانسان في باكستان، كان هناك 556 " جريمة قتل تتعلق بالشرف " في عام 2010 ــ و العدد في ارتفاع. و قالت جوهر " إن الحب ممنوع من قبل الكثير من القوى ... و هو يحدث في كل يومٍ هنا و هناك، بصرف النظر عن الطبقة التي ينتمي إليها الواحد ". و قد توجّب عليها أن تواجه استجواباً من لجنة برلمانية فيما يتعلق بمسرحيتها. " إنها لعبة خطرة أحياناً، فأنت تتلقى تهديداتٍ و تهديداً للحياة و لكنه أمر مطلوب هنا "، كما تقول.
و في جلسة أخرى، انتهز الكاتب محسن حميد الفرصة ليلقي الضوء على حادث جرى مؤخراً حيث أدان رجل دين إحدى الممثلات بتهمة تدمير سمعة " الإسلام و باكستان " لأنها ظهرت في برنامج استعراضي تلفزيوني هندي. و قد ظهرت فيما بعد مع رجل الدين في برنامج محادثة و دافعت عن نفسها و عن دورها كفنانة. و قال حميد " إنها بطلتي ... فمن النادر أن ترى أحداً يتكلم ضد مفتي. إن هناك درجة من الرقابة الذاتية، فالناس الذين لديهم بنادق يصنعون باكستان ".
و كان من المحتم أن تكون طالبان موضوعاً للنقاش في حدثٍ كهذا. و قد تحدث الاختصاصي في طالبان أحمد رشيد بتحمّس عن دورهم في باكستان، قائلاً " إن طالبان ظاهرة و الهجمات في باكستان تحدث بإذنٍ من حكومتنا ... فلماذا إذاً لا يمكننا أن ننقد الذات؟ "
و قد شغلت القصة الحقيقية لباكستان الكثير من الحديث في الصفوف الجانبية من المهرجان أيضاً. فأكدت مليحة لوظي، و هي صحافية سابقاً ثم دبلوماسية، على أهمية وضع الأدب الخاص بفترةٍ ما ضمن السياق السياسي و الاجتماعي، قائلةً " إن الصحافيين هم أفضل القصّاصين ". مع هذا، يقول بعض الكتّاب إنهم قادرون على تجنب النزاع و القتالية التي تهيمن على الحياة و القصة في باكستان. و تعتقد بينا شاه بأن بالإمكان إبقاء التطرف خارج المعادلة, قائلةً " إنني أستطيع أن أتجاهله, يمكنني أن أكتب قصةً لا علاقة لها به، و لديّ شيء من ذلك ". أما بالنسبة للكاتب محمد حنيف، و كان صحافياً في السابق، فإن الخط بين الصحافة و الأدب القصصي يتّسم بالضبابية. و هو يعبر عن ذلك بقوله " لقد تحدثتُ إلى صحافي بعث لي برواية يقوم بنشرها. و قد قال لي إن روايته حقيقية تماماً. فقلت له : أنت تكتب كل هذه الأكاذيب في الصحف و يمكنك أن تخبرني بالحقيقة في القصة. و هذا ما يحدث، بطريقة غريبة، في باكستان. فأنت تجد كل أنواع المادة الملفقة في الصحف و ستجد كتباً هي في الظاهر روايات قد تكون أكثر صدقاً من المادة الأخرى ".
إن حضور الصحافيين و الناشطين في فعاليات كهذه يتّسم بأهمية كبيرة لأن الأدب يمكنه أن يتعامل مع حالة البلد بطريقة ليست باستطاعة الصحف و وسائل الإعلام الأخرى في بعض الأحيان.
لقد كان المهرجان، بالنسبة للكتّاب و الصحافيين، أيضاً فرصةً لإظهار أن باكستان ليس كله حالة قتالية و أن في البلد أناس يتطلعون إلى الأمام و هم قادرون، بتعبير المحلل السياسي زاهد حسين، على توفير " أدب قصصي يواجه التطرف ".
عن / BBC News