اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > عمان القاهرة.. الغاز مقابل العمالة

عمان القاهرة.. الغاز مقابل العمالة

نشر في: 21 ديسمبر, 2012: 08:00 م

بعيداً عن اللغة البروتوكولية، والمجاملات الدبلوماسية، التي يلجأ إليها المسؤولون العرب، عند كل لقاء أو اختلاف أو خلاف، يمكن القول إن نتائج زيارة رئيس الوزراء المصري للأردن، كانت مرضية للطرفين، على قاعدة تبادل المصالح، وبعيداً عن حكاية الأخوة والأشقاء والمصير المشترك، وما اعتدناه من عيارات خالية من المضمون، ولا يتجاوز أثرها الغرفة التي أنشئت فيها.

أصل المشكلة، أن الحكومة المصرية تلكأت في تنفيذ اتفاق مع نظيرتها الأردنية، لتوريد الغاز المصري إلى الأردن، وليس سراً أن ذلك أضر بالاقتصاد الأردني، الذي تعرض خلال العامين الماضيين لضغوط هائلة، وبلغت الخسائر أوجها مع انقطاع الغاز، الذي يعتمد عليه الأردن في توليد الطاقة الكهربائية، سعت عمان ما وسعها السعي لحل المشكلة، التي يقال إن الإخوان المسلمين في الأردن كانوا بعض أسبابها، للضغط على الدولة لإقرار " الإصلاح " المتوافق مع طموحاتهم الحزبية، لكن القاهرة أصمت أذنيها، ربما دعماً لإخوان الأردن، وربما لعجزها في ظروفها الراهنة غير المستقرة.

لم يكن بيد الحكومة الأردنية من أدوات الضغط غير العمالة المصرية، التي يتجاوز عديدها النصف مليون، منهم حوالي 400 ألف، يقيمون ويعملون بصورة غير قانونية، ولا يمتلكون تصاريح لمزاولة المهن التي ينافسون بها العمالة الأردنية، من حيث الأجور الأقل التي يقبلونها، وهي غير مجدية بالنسبة للأردنيين، لجأت السلطات الأردنية إلى عملية ملاحقة العمال المصريين، وتسفير المخالفين منهم، بعد أن منحتهم عدة فرص لتصويب أوضاعهم، ولم يكد حوالي الألفي عامل يصلون إلى مصر، مرحَلين من الأردن، حتى دق جرس الإنذار في دوائر صنع القرار في الحكومة الإخوانية المصرية، فأوفدت رئيس الوزراء إلى العاصمة الأردنية لحل  المشكلة.

في عمان سمع الضيف المصري كلاماً منطقياً،عن أثر انقطاع الغاز المصري على الاقتصاد الأردني، رغم أن استمرار توريده محمي باتفاقات أوفى الأردن بالتزاماته فيها، وأن يترافق ذلك مع تواجد نصف مليون مصري يعملون في البلاد، ويحولون أجورهم بالعملة الصعبة إلى بلادهم، ويستفيدون من الدعم الحكومي للعديد من المواد الأساسية، كالخبز والماء والكهرباء، ويرفضون مع ذلك تصويب أوضاعهم القانونية، صحيح أنهم مقابل ذلك يقدمون جهدهم، لكن الواقع يقول إنه بإمكان الأردن استبدالهم بعمالة أرخص سعراً، ومحكومة بالقوانين الأردنية، فالعامل السوري في هذه الأيام، يقبل بنصف أجر العامل المصري، تحت ضغط الحاجة.

فهمت القاهرة الرسالة، العمالة مقابل الغاز، والتعامل مع عمان الرسمية ممثلة بالحكومة، وليس مع الإخوان المسلمين فيها، صحيح أن مرجعية الإخوان هنا وهناك واحدة، ولكن لا ينبغي أن ينسحب ذلك على التعامل الرسمي، ومصلحة الحكومة المصرية تكمن في التعامل مع نظيرتها الأردنية، وليس مع من يشاركونها العقيدة الحزبية، وقد صاغت عمان رسالتها بدبلوماسية، مهذبة لكنها حازمه، فالمصلحة تقتضي هذا التبادل في المصالح، بعيداً عن العقائد الحزبية والسياسات، وهي، أي المصالح، قد تقود إلى توافقات سياسية مفيدة للطرفين.

نأمل أن تكون الأزمة انتهت، ولو أن الطرفين لايسميانها كذلك، فمصلحة الحكومتين تقتضي ذلك، ومصلحة الشعبين أيضاً، إذا افترضنا أن الحكومتين تمثلان فعلاً الإرادة الشعبية في البلدين، ولينعم العمال المصريون في الأردن بفرص العمل المتوفرة، ولينعم الأردنيون بالكهرباء بأسعار معقولة، حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

العراق الثاني عربياً باستيراد الشاي الهندي

ريال مدريد يجدد عقد مودريتش بعد تخفيض راتبه

العثور على جرة أثرية يعود تاريخها لعصور قديمة في السليمانية

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

تحذيرات من ممارسة شائعة تضر بالاطفال

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: العميل "كوديا"

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

 علي حسين ما زلت أتذكر المرة الأولى التي سمعت فيها اسم فولتير.. ففي المتوسطة كان أستاذ لنا يهوى الفلسفة، يخصص جزءاً من درس اللغة العربية للحديث عن هوايته هذه ، وأتذكر أن أستاذي...
علي حسين

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (1-2)عطلة نهاية العام نقضيها عادة في بيت خوالي في بغداد. عام ١٩٥٨ كنا نسكن ملحقاً في معمل خياطة قمصان (أيرمن) في منتصف شارع النواب في الكاظمية. أسرّتنا فرشت في الحديقة في حر...
زهير الجزائري

دائماً محنة البطل

ياسين طه حافظ هذه سطور ملأى بأكثر مما تظهره.قلت اعيدها لنقرأها جميعاً مرة ثانية وربما ثالثة او اكثر. السطور لنيتشه وفي عمله الفخم "هكذا تكلم زارادشت" او هكذا تكلم زارا.لسنا معنيين الان بصفة نيتشه...
ياسين طه حافظ

آفاق علاقات إيران مع دول الجوار في عهد الرئيس الجديد مسعود پزشكیان

د. فالح الحمراني يدور نقاش حيوي في إيران، حول أولويات السياسة الخارجية للرئيس المنتخب مسعود بيزشكيان، الذي ألحق في الجولة الثانية من الانتخابات هزيمة "غير متوقعة"، بحسب بوابة "الدبلوماسية الإيرانية" على الإنترنت. والواقع أنه...
د. فالح الحمراني
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram