لعل ما سأكتبه اليوم يغضب البعض ممن يرون حتى هذه اللحظة ان المالكي يتصرف مع خصومه وفقا للقضاء ، وان الإجراءات التي تتخذ ضد البعض هي اجراءات برسم القانون وختمه .. لكن لابد من ان نقول ونحذر من كارثة مقبلة تنذر بخراب البلاد.
لعل احد الأسباب الرئيسية لأزمة العراق في السنوات الماضية ان طرفا رئيسيا لايريد ولايؤمن بان يشاركه احد في ادارة الدولة .. وان البعض للاسف يعتقد ان الاخرين ليسوا شركاء في هذا الوطن .. وان عليهم ان يتلاشوا من المشهد السياسي.
قبل ايام كنت اتحدث مع سياسي مقرب من رئيس الوزراء فاكتشفت ان الرجل ومن خلال حديثه يريد ان يوحي بان معظم القوى السياسية الاخرى لا تأثير لها ، وان الايام كفيلة بإزالتها من الخارطة.. وتمتلئ المواقع الالكترونية والصحف بتصريحات لمقربين من المالكي يتحدثون عن الاخرين بطريقة اشد سوءا من حديثهم عن إرهابيي القاعدة.
ووجدنا كثيرا من المقربين حينما يتحدثون عن الاخرين ينظرون إليهم باعتبارهم كائنات غريبة على البلاد .. ولهذا فلا مكان لها على هذه الارض .. واذا اصرت على البقاء فعليها ان تقبل بما يمليه عليها المالكي من شروط.
ربما لايريد البعض ان يدرك ان ما يحدث من صراع بين رئيس الوزراء ومعظم اطراف العملية السياسية انما هو بروفة مخيفة لتقسيم البلاد.. وانها مع الفشل المتواصل في إدارة حكم البلاد، أو تقديم مشاريع سياسية أو اقتصادية، أو التعامل بجدية مع مشكلات المجتمع والناس، انما تدفع بالبلاد الى حروب طائفية .
إن أحدا لا يرفض أن يدخل العراقيون جميعا عصر القانون الذي يطبق على الجميع .. ولكن لا احد يقبل ان يستخدم القانون سلاح في اقصاء الاخرين . لا اريد ان اكرر ما كتبته من قبل ان المالكي كان بكامل إرادته حين وقع على اتفاق اربيل .. ولانريد ان نذكر اصحاب الخطب النارية أنه بفضل هذا الاتفاق اصبح المالكي رئيسا للوزراء واصبح العيساوي والمطلك والنجيفي شركاء في الحكم .. واذا كان هؤلاء يستخدمون مجرمين وارهابيين لترويع الناس وقتلهم فلماذا ارتضى المالكي ان يجلس معهم على مائدة واحدة وان يكونوا جزءا من حكومته؟.. اذن اين هو الحرص على دماء العراقيين ؟
للأسف الشديد البعض يريد ان ننزلق بسرعة شديدة إلى منحدر يبدو بلا قرار.، لانهم يعتقدون ان الاختلاف هو الطريق السهل للابتزاز وممارسة الضغوط وتحقيق المطالب، ليغيب صوت العقل والمنطق، لأن البعض أغلق آذانه عن سماع الأصوات التي لا تعجبه.
علينا ان ندرك ان مستقبل العراق وهو ملك للجميع، ويجب أن يتشارك الجميع في رسم ملامحه والاطمئنان على صورته، حوار لا يكون الهدف منه، تمرير صفقات سياسية تخدم اغراضا شخصية.
ليس أمام الجميع سوى أن يسموا بثقافة الحوار وأن يعيدوا ترسيخ سياسة احترام الرأي والرأي الآخر، كفانا ما نفعله بعضنا ببعض.
الحوار هو الحل، حوار العقل واحتواء الجميع، هذا هو الدواء الذي يشفي جميع الأمراض، خصوصا داء تقسيم البلاد الذي يطل على البلاد من فترة لأخرى، فيؤرق أمنها واستقرارها،
علينا من الآن أن نرفع شعار لا مكان: لسياسي لا يقبل الاختلاف مع رأيه وفكره لسياسي يعتقد بأنه دائماً على صواب وغيره على خطأ.. لسياسي يتخيل أنه وحده صاحب الحقيقة المطلقة.. لسياسي لا ينصت لمن حوله.. لسياسي يرفض التنوع الديني والفكري والسياسي.. لسياسي يقوم بتمييز غيره واستبعاده وتهميشه..
الحوار هو الحل.. وعندي ثقة كبيرة في أن العراق أكبر بكثير من سياسي هنا وهناك، فما يربط بين هذا الشعب أكبر بكثير مما يحاول البعض ان ينشر من ثقافة الفرقة والاختلاف.
علينا ان ندرك ان هذا الوطن مثل العربة التي تسير علي عجلتين، ولايصلح أن يكون معوجا أو أعرج، أو تعاني فيه فئة من الشعور بالظلم، أياً كانت الأسباب، ودون أن نعود إلى شعارات الماضي، فالمستقبل ينذر بالخطر، ولن يكون هناك فريق بمنأى عن كارثة الاستحواذ ونبذ الاخر.. هذا وقت تحرك العقلاء قبل ان يجرفنا الطوفان جميعا.
احذروا شرارة الفتنة الطائفية لأنها لو اندلعت فلن تبقى ولن تذر، ووقتها سنندم في وقت لا يفيد الندم.
جميع التعليقات 2
حامد المختار
تحية طيبة أن السبب لما آل إليه وضع العراق اليوم هو الكتل السياسية كافة وبالاخص التحالف الوطني لسكوتهم عن تصرفات المالكي وتجاوزه على الدستور وعدم اتخاذهم موقف حازم لردعه عن تلك التجاوزات وما وصلت اليه العملية السياسية فالشيعة لايهمهم الامن والخدمات وملفات
Saleh
مقال رائع وصادك لكن للأســــــــــف: لقد أسمعت لو ناديت حيا ... ولكن لا حياة لمن تنادي ولو نار نفخت بها أضاءت ... ولكن أنت تنفخ في رماد