المعنيون بشأن تحقيق مشروع المصالحة الوطنية ، يراودهم الشك في تحقيق نتائج إيجابية في هذا الملف ، تنسجم مع ما أعلن عن انضمام العديد من الفصائل المسلحة للعملية السياسية ، وعقد عشرات المؤتمرات وإرسال وفود إلى عواصم عربية للقاء معارضين أو مسؤولين وقادة عسكريين سابقين لحثهم على الاستجابة للمشروع .
اللجنة النيابية المعنية بهذا الملف وعلى لسان رئيسها النائب عن القائمة العراقية قيس الشذر أعلنت أن المصالحة بحاجة إلى العديد من الإجراءات القانونية ، واعتماد صيغ جديدة لتفعيلها فضلا عن إقرار تشريعات مهمة ،من أبرزها قانون العفو العام ، وإعطاء دور لمنظمات المجتمع للتحرك في هذا الشأن.
منذ سنوات تبنت الحكومة مشروع المصالحة ، وكانت لديها وزارة دولية معنية بهذا الأمر شملت بالترشيق ، فتحولت إلى مستشارية ، وأنفقت مبالغ طائلة لتحقيق المشروع ، وطبقا لما يصدر رسميا فإن معظم الفصائل التي رفعت مقاومة المحتل استجابت للمشروع ، باستثناء جماعات قليلة مرتبطة بتنظيمات ترفض المشاركة في العملية السياسية ولديها صلات بتنظيمات إرهابية.
منظمة عراقية معنية بتحقيق العدالة الانتقالية ، شخصت الخلل في تحقيق مشروع المصالحة بحصر الملف بيد الحكومة ، وترى أن الدور الرسمي في هذا الأمر يقتصر على تنفيذ قرارات، تسهم في إنجاح المشروع ، الذي يجب أن تتولاه جهات مستقلة تمتلك الإمكانات وحرية التحرك والاتصالات مدعومة بتدابير قضائية وبرامج إنصاف الضحايا وإجراءات إصلاحية على غرار ما تحقق في دول مختلفة، ومع الإشادة بالجهود الرسمية لتنفيذ المصالحة ، بوصفها وردت في البرنامج السياسي للحكومة الحالية ، ونص عليها اتفاق أربيل ، يكشف التعاطي مع هذا الملف عن صورة غير واضحة عما تحقق من إنجاز ، خضع إلى تضارب في التصريحات ، فعندما أعلن مستشار المصالحة أن عددا من أعضاء هيئة علماء المسلمين استجابوا للمشروع ، نفى المتحدث الرسمي باسم الهيئة تلك الأنباء ،رافضا المصالحة مع حكومة متورطة بالفساد، وانتهاك حقوق الإنسان ، على حد قوله .
الفصائل المسلحة فيها من لا يؤمن بالمصالحة إطلاقا ، وآخر يريد تطمينات ، وثالث يتطلع لتحقيق مكاسب شخصية واستطاع أن ينال مبتغاه ، بجمعه عدة نفرات وأعلن استجابته للمشروع والتخلي عن السلاح بعد أن خرجت قوات الاحتلال من البلاد ، والرابع يصر على حمل هويته الإرهابية ، والخامس يطرح شروطا تعجيزية ليعلن استجابته للمشروع بإلغاء جميع القرارات الصادرة بعد العام 2003 وإنصاف المسؤولين السابقين ، وبعض الأطراف المشاركة في العملية السياسية والحكومة، وتمتلك تمثيلا واسعا في البرلمان ، طالبت بإبعاد" دفان المصالحة " لإنجاز المشروع ، وهي ترى أن يتولى مجلس النواب والمنظمات المعنية بهذا الملف خطوات وإجراءات التنفيذ باعتماد معايير العدالة الانتقالية ، لضمان استقرار الأوضاع الأمنية والسياسية.
بعد مرور سنوات على تبني الحكومة مشروع المصالحة وما حققته من إنجازات في هذا الملف تباينت المواقف حول النتائج ، فهناك من يؤكد الوصول إلى أهدافها ، وآخر لا يتردد من الإشارة إلى موتها من دون أن يكشف عن" دفان المصالحة ".
دفان" المصالحة
[post-views]
نشر في: 22 ديسمبر, 2012: 08:00 م